ازمة لبنانالاحدث

الأب أنطوان ضو: مسيرة من العطاء والإيمان | بقلم المحامي عمر زين

الأب أنطوان ضو: إرث من العطاء والإيمان
منذ بداية مسيرته، كان الأب أنطوان ضو يحمل في قلبه إيمانًا عميقًا وحبًا لا يُقاس للآخرين. “الأمل في الحياة هو سر بقائنا”، كان يقول دائمًا، وكأن هذه الكلمات هي شعاره الذي كان يرفعه في كل خطوة من خطواته. على الرغم من أنه كان رجل دين مسيحي، إلا أن رسالته تجاوزت الأديان والحدود، لأن الإنسانية كانت أولويته. كان مؤمنًا بأن العطاء هو جوهر الحياة، وأننا جميعًا، بغض النظر عن انتمائنا، نشترك في معاناة البشر ورغبتهم في العيش بسلام.

لم يكن يميز بين أحد وآخر في تقديم العون والمساعدة، بل كان يعامل الجميع بالمحبة والاحترام.

اختار أن يكون خادماً للإنسانية في أسمى معانيها، وتفانى في خدمة المحتاجين والضعفاء. وهذا لم يكن مجرد شعار له، بل كان سلوكه اليومي، فقد كانت أعماله الخيرية وسعيه الدائم لتقديم يد العون نموذجًا حيًّا للإنسانية التي تدعو للتضامن بين الجميع.

كانت مواعظه مليئة بالحكمة والدروس التي تعزز من قدرتنا على التحمل والصبر، فقد كان يقول دائمًا: “الإيمان هو القوة التي تدفعنا للاستمرار رغم كل المحن، وهو الضوء الذي ينير دروبنا في أحلك اللحظات”. ورغم أن هذه الكلمات قد تكون مستوحاة من إيمانه المسيحي، إلا أن معناها كان يشمل الجميع، يبعث في النفوس الأمل، ويشجعنا على الصبر والثبات في مواجهة تحديات الحياة.

وكان يعتقد أن السعادة الحقيقية تكمن في العطاء، وفي تقديم الخير للآخرين بلا انتظار مقابل. كان دائمًا يحثنا على عدم التعلق بالماضي، بل على المضي قدمًا بكل تفاؤل وحب. وقال في إحدى مواعظه: “لا تندموا على ما مضى، بل اجعلوا من كل يوم فرصة جديدة لبناء غدٍ أفضل”. هذه الكلمات كانت مصدر إلهام لنا جميعًا، دعوة للتجديد والأمل في كل مرحلة من مراحل الحياة.

ورغم انتمائه الديني العميق، كان الأب أنطوان ضو يرى أن الحياة ليست مجرد رحلة فردية، بل هي مشاركة جماعية، وأن العطاء المتبادل هو ما يتيح لنا النمو والتقدم. لقد علمنا أن كل إنسان، بغض النظر عن دينه أو خلفيته الثقافية، يستحق الفرصة للوصول إلى حياة أفضل، وأن هذه الحياة لا يمكن أن تُبنى إلا من خلال التضامن والعمل المشترك.

وقد أظهرت العديد من المؤسسات والمنظمات والهيئات الثقافية التي عمل معها الأب أنطوان ضو كيف كانت رسالته تمتد لتشمل كافة قطاعات المجتمع. فقد كانت مشاركته الفعالة في هذه الهيئات بمثابة دعوة مستمرة للعمل المشترك من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساهمة في التثقيف وتطوير الوعي الثقافي في المجتمع. لم يكن دور الأب أنطوان ضو مقتصرًا على المحيط المسيحي فقط، بل كان عطاءه يشمل الجميع، ويشجع على التفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة.

بفضل هذه الروح، أثرت رسالته الإنسانية في الكثير من المجتمعات، وبدأت تتردد في أوساط المنظمات التي تعمل من أجل نشر قيم التسامح والمساواة.

على الرغم من أن الأب أنطوان ضو قد فارقنا جسديًا، إلا أن إرثه الروحي والإنساني سيبقى حيًّا في قلوبنا.

نتذكره دائمًا، ونحمل رسالته في كل خطوة نخطوها.

سيسير الجميع على درب محبته وعطاياه، لأن الدرس الذي تركه لنا هو درس في الإنسانية يتجاوز كل الاختلافات. فكل ما تركه لنا الأب أنطوان هو دعوة لتقديم الأفضل لأنفسنا ولغيرنا، والحفاظ على أملنا في مستقبل أفضل.

المحامي عمر زين، الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

المحامي عمر زين الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب عضو في مجلس نقابة المحامين في بيروت بين عامي 1988 – 1996. المنسق العام لشبكة الامان للسلم الاهلي، رئيس المنظمة العربية لحماية ومساندة الصحفيين وسجناء الرأي، المنسق العام للجنة الدفاع عن الاسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية، عضو لجنة الحكماء في اتحاد المحامين العرب، عضو المكتب الدائم في اتحاد الحقوقيين العرب، عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين وعضو المؤتمر القومي العربي. المنسق العام للبرنامج التدريبي للمحامين اللبنانيين بيروت، وعضو في اللجنة العلمية للبرنامج.. مؤسس مكتب المحاماة ( عمر زين القانونية) المتعلق بالقضايا التجارية والمدنية والجزائية والادارية وادارة العقارات والتحكيم وادارة تحصيل الديون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى