:”الترسيم البحري بين لا مبالاة المسؤولين وترددهم وإمكانيات الانقاذ الاقتصادي”,في لقاء إفتراضي لملتقى حوار وعطاء بلا حدود
الترسيم: في البداية قدّم منسّق الملتقى الدكتور طلال حمود مداخلة إفتتاحية تحت عنوان: هل تُفرّط السلطة القائمة بحقوق لبنان وثرواته بعد ان منعت اي إصلاح مالي جذري؟ ثم كانت المداخلات على الشمل التالي:
١-المحامية كريستينا ابي حيدر :
ترسيم الحدود البحرية من الناحية الدستورية والقانونية.
٢- العميد الدكتور امين حطيط : كيفية مقاربة ترسيم الحدود للمنطقة الإقتصادية الخالصة.
٣-الخبيرة في شؤون البترول لوري هايتايان: مُستقبل الثروات النفطية في لبنان والشرق الأوسط.
٤- الدكتور حسن جوني: هل يُمكن مُقاضاة إسرائيل في حال الإعتداء على حدود لبنان البحرية.
٥- المحامي عمر زين: إضاءة على مراحل الترسيم وإجراءات التعديل.
حمود
وبعد شكر المحاضرين والترحيب بالمشاركين من لبنان ومن مُختلف بلاد الإغتراب قال حمود : تأتي ندوة اليوم حول تعديل مرسوم الترسيم 6433 من أجل محاولة إسترجاع حقوق لبنان وثرواته في ظروف سياسية، اقتصادية، مالية، نقدية ومعيشية صعبة للغاية نتيجة تراكمات حلّت على لبنان منذ زمن طويل. وأنتم تعرفون ان ملتقى حوار وعطاء بلا حدود الذي تأسّس منذ حوالي اربعة سنوات، لم يتوقّف منذ ذلك الوقت عن مُقاربة ومناقشة مختلف الأزمات السياسية والاقتصادية و المالية والمعيشية التي تهمّ المجتمع اللبناني، وقد سعى دائماً لأن يكون في طليعة المُتصدّين لمعظم هذه الأزمات وتقديم المقترحات لحلولها من خلال التعاون والتشاور مع اهمّ الخبراء في كل المجالات المذكورة. فنحن نعرف جميعا أن الملتقى كان من اوّل من حذر هذه الطبقة الحاكمة الفاشلة التي أوصلتنا إلى هذه الحالة من الإفقار والتجويع والإذلال، بسبب إستمرارها في سياساتها الاقتصادية والمالية العوجاء المبنيّة على مراكمة الديون والهدر والفساد، دون وضع خطط إقتصادية حقيقية توصلنا الى الخلاص مما نتخبّط فيه، ولذلك فقد أوصلتنا سياساتهم الفاسدة إلى ضياع ودائع المواطنين اللبنانيين في المصارف، وإلى نهب وسلب ثروات ومقدّرات هذا الوطن على ايدي “الثلاثي الجهنمي” المعروف منّا جميعًا، والمُتمثّل بأركان السلطة الفاسدة، وبحاكم مصرف لبنان وبالإدارة المالية الفاشلة واخيراً بجمعية المصارف التي قامت بأكبر عملية سطو على تعب وشقاء وكدّ اللبنانيين بطريقة احتيالية معروفة، ولا تزال، تتمادى حتى اليوم بتصرّفاتها التعسّفية تجاههم دون اي رادع اخلاقي او إنساني. وأكمل حمود أنه كان للملتقى ول”جمعية ودائعنا حقّنا” التي انبثقت عنه عدّة صولات وجولات وورش عمل وتوصيات في نواحي عدة، لوقف هذه الجرائم التي ارتكبها هذا الثلاثي الجهنمي. وعقدنا عدة مؤتمرات مالية- إقتصادية-حقوقية حاولت مقاربة هذه الأزمات المُتعددة التي تلاحقنا منذ فترة طويلة في محاولة لوضع خطط علمية منهجية قابلة للتطبيق من قِبل كل الخبراء الماليين الاقتصاديين و الحقوقيين و القانونيين الذين شاركونا في كل تلك اللقاءات والورش، لإيجاد الحلول والمخارج المناسبة والعادلة لحماية حقوق المودعين ولتصويب السياسات الاقتصادية و المالية في هذا البلد الذي وصل الى قعر القعر على كل المستويات خاصة على المستوى المعيشي. ومع انطلاق حراك 17 تشرين 2019 واستقالة حكومة الحريري و من ثم تاليف حكومة الرئيس دياب التي تعرفون الطريقة التي تألفت على أساسها والتي استقالت بعد الإنفجار الكبير الذي ضرب مرفأ بيروت في 4 آب 2020، ومع انسداد الأفق أمام الشعب اللبناني ووصول الطبقة السياسية المُتسلّطة على رقابنا الى حائط مسدود على كل المستويات، خاصة مع تعذّر تشكيل الحكومة العتيدة منذ حوالي ستة اشهر او اكثر ، تفاقمت الاوضاع الاقتصادية و المالية و النقدية بشكلٍ كبير، فانهارت قيمة الليرة اللبنانية وإرتفعت الاسعار بشكلٍ جنوني، وأدّى ذلك الى أكبر و أوسع عملية تجويع وإفقار وإذلال لمختلف طبقات الشعب اللبناني الذي يرزح اليوم تحت عبء هذا الوضع الصعب الذي لا نريد ان ندخل في تفاصيله و المعروف جدًا من قبلكم.
وتابع حمود وبالعودة الى موضوع جلستنا اليوم، ومع إنطلاق عملية المفاوضات من أجل ترسيم الحدود مع العدو الاسرائيلي بوساطة اميركية واممية وإعلان الوفد التقني اللبناني ان لبنان لديه حقوق مهدورة نتيجة قرارات ودراسات سابقة خاطئة مُجحفة بحقّ لبنان، ومنذ شهر تقريباً ، اطلق الملتقى حملة وطنية واسعة لخلق “رأي عام وطني جامع” يدعم تعديل المرسوم 6433. وقد أجرينا إتصالات ومشاورات واسعة مع مختلف شرائح الشعب من اجل جعل هذه القضية “قضية رأي عام” ، خاصة بعدما شعرنا ان اركان السلطة يتلكّّئون ويُِماطلون ويُؤجّلون اتخاذ القرارات المناسبة في هذا السياق، ويُخشى خضوعهم بسهولة للضغوط الخارجية -خاصة الأميركية-التي تُمارس عليهم خوفاً من سيف العقوبات المسلّط على رقابهم. وايضاً ولأننا نؤمن انه لا يجوز لأي مسؤول مهما علا شأنه وموقعه التفريط بذرة واحدة من ثرواتنا الوطنية، وحقوقنا الثابتة؛ إضطررنا للتحرّك والضغط.
تعثر المفاوضات
ومع تعثّر المفاوضات وظهور الحاجة الى تعديل المرسوم الذي كان مُهملاً منذ سنة 2011 في ملفّات وزارة الأشغال العامة، كان لا بدّ لنا في الملتقى السعي مع كل الوطنيين والشرفاء، للضغط على الطبقة السياسية لتعديل هذا المرسوم من اجل تثبيت حقوق لبنان
وإعلام الامم المتحدة بذلك في اسرع وقت لإظهار الحقيقة وتثبيت الخط رقم 29 بإنه الخط الأساسي الذي يجب ان تنطلق على اساسه المفاوضات. ولم يكن امامنا سوى خيار التحرّك السريع مع شعورنا بان أعضاء و مكونات السلطة الحاكمة يكذبون علينا كالعادة ويتقاذفون المسؤولية ويتهرّبون من التوقيع على تعديل المرسوم خوفاً على مصالحهم الخاصة والرخيصة وهم على إستعداد للتضحية بحقوقنا كما فعلوا معنا في موضوع الإصلاحات الإقتصادية والودائع التي تبخّرت وهُرّبت للخارج لحساباتهم ولحسابات حاشيتهم وأزلامهم ولأصحاب المصارف دون أية شعور وطني او إحساس مع الشريحة الكبيرة التي تُمثّل 98% من الشعب اللبناني التي نُهبت مُقدّراتها واصبحت تعيش اقسى وابشع ايامها، نتيجة ظلمهم وفسادهم وجشعهم ونفاقهم. ولذلك كان هذا اللقاء اليوم من اجل محاولة الضغط وتصويب الامور و توضيح القضية للراي العام، خاصة وأنها قضية وطنية مُحقّة وان كل من يتخاذل أو يتواطئ في تمرير عكس ما يخدم مصالح لبنان يرتكب جريمة كبيرة بحقّ هذا الوطن وشعبه، ومن الممكن لنا ان نطالب بمحاكمة كل من يفرط بذرّة تراب الوطن او بحقوق الشعب بتهمة “الخيانة العظمى”. خاصة ان الشعب اللبناني أصبح يعاني الأمرّين نتيجة ضياع ثرواته ونهب وسلب كل أموال الخزينة والسطو على ودائع اللبنانيين في المصارف، ولذلك كله، كان لابد لنا من هذه الصرخة المدوّية لكي نقول لهذه السلطة الحاكمة كفى تواطؤ وتلكؤ وتهرّب من المسؤوليات في إقرار تعديل هذا المرسوم. وقد كان دافعنا الأول من تنظيم هذا اللقاء هو السعي للضغط بكل الوسائل المُمكنة
والمُتاحة أمامنا من اجل تعديل هذا المرسوم، خاصة أننا نخاف ان يقوم بعض المسؤولون في لبنان بالتنازل للعدوالصهيونى عن بعض ثرواتنا النفطية و الغازية و مياهنا الإقليمية خاصة وان المرسوم يسترجع حوالي 1430 كلم مربع من المياه.
وانهى حمود كلامه بشكر جميع المشاركين في هذا اللقاء وتمنّى ان يستمرّ الضغط حتى أخر لحظة من أجل تمرير هذا التعديل وسلوك طريق استرجاع كل الحقوق مساره الطبيعي.
وقد علمنا اليوم ان وزير الاشغال العامة ووزيرة الدفاع ورئيس مجلس الوزراء قد وقّعوا على هذا المرسوم، لكن لبنان بلد تحدث فيه الكثير من المفاجأت وعلينا ان نبقى دائمآ العين الساهرة لكي تُطبّق كل الاجراءات اللازمة من أجل استرجاع هذه الحقوق. ويُمكننا اليوم القول واثناء عقد هذا اللقاء اننا قد ربحنا معركة في هذه الحرب الطويلة، ولكن علينا دومًا ان نبقى مُتيقّظين من اجل تطبيق كل الاجراءات اللازمة لإسترجاع حقوق ألشعب اللبناني في ثرواته.
ابي حيدر
المحامية والخبيرة القانونية كرستينا أبي حيدر تناولت الموضوع لجهة ترسيم الحدود البحرية من الناحية الدستورية والقانونية مُوضحة عدة نقاط منها:
اولاً: ينصّ الدستور اللبناني صراحة في مادته الثانية على انه لا يجوز التخلّي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنها. وتُعتبر المناطق البحرية اللبنانية من الاراضي اللبنانية التي يجب حمايتها والإهتمام بها وأي تنازل عنها يُعتبر خرقاً للدستور وخيانة عظمة. لذلك وجب المحافظة على المياه اللبنانية بما فيها المناطق الاقتصادية التي تتمتّع بوضعٍ خاص (سوف نتكلم عنه ادناه).
ثانياً:المعاهدات والقوانين اللبنانية:
• في العام 1983 بموجب المادة الاولى من المرسوم الإشتراعي رقم 138/83 حدّد لبنان عرض البحر الإقليمي اللبناني بـ 12 ميلا ً بحريا ً من الشاطئ اللبناني، إبتداءً من أدنى مستوى من الجزر، مع مُراعاة احكام الإتفاقيات الدولية التي يكون لبنان فريقاً فيها او مُنضماً اليها.كما اعطى المرسوم مجلس الوزراء صلاحيات ان يُنشىء مناطق مُحرّمة تحظر فيها الملاحة البحرية.
• في العام 1995 إنضمّ لبنان الى اتفاقية الأمُم المُتحدة لقانون البحار ” مونتيغو باي (الجاماييك) Montego Bay” التي أُقرّت في العام 1982، وذلك بموجب القانون1995. لهذه الاتفاقية اهمية كبيرة اذ انها نظّمت العلاقة بين الدول البحرية وحدّدت انواع المناطق البحرية بما فيها المنطقة الإقتصادية الخالصة exclusive economic zone التي تمتدّ إلى 200 ميل بحري (حوالي 370 كلم) من خط الأساس baseline وهو الخط الذي يبدأ منه قياس عرض الـمناطق البحرية. وفي حين تُمارس الدولة سيادة كاملة على بحرها الاقليمي، يُعترف لها بحقوق سيادية في المنطقة الإقتصادية الخالصة. هنا تجدر الاشارة بأنّ اسرائيل ليست عضواً في هذه الإتفاقية بينما سوريا هي دولة مُراقبة فيها.
وتطبيقا لهذه الاتفاقية ولكي يحفظ لبنان حقوقه البحرية اصدر في العام 2011 القانون المُتعلّق بتحديد وإعلان المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية وتحديدا بتاريخ 18/8/2011 برقم 163/2011. وقد قسّم القانون المناطق البحرية الى:
1- الـمياه الداخلية
2- البحر الأقليمي
3- المنطقة المُتاخمة
4- المنطقة الإقتصادية الخالصة
5- الجرف القاري
وقد نصّت المادة 17 من هذا القانون على أن يتمّ تحديد دقائق تطبيقه لجهة تعيين حدود المناطق البحرية المُختلفة بمراسيم تُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على إقتراح الوزراء المُختصين.
وفي ذات العام وتحديداً في شهر تشرين الأوّل صدر المرسوم (الشهير حالياً) تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية برقم 6433، وقد عَرّف في مادته الأولى المنطقة الإقتصادية الخالصة على أنها المنطقة التي “تقع وراء البحر الاقليمي وتشمل كامل المنطقة المُتاخمة وتمتدّ بإتجاه أعالي البحار مقوسة من خط الأساس إستناداً إلى أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”. وتمّ تحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة للجمهورية اللبنانية بموجب لوائح إحداثيات نقاط بحرية مرفقة بالمرسوم، وذلك من الجهات الجنوبية (فلسطين المحتلة) والغربية (قبرص) والشمالية (سوريا). واستدرك نصّ المرسوم على إمكان مراجعة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وتحسينها وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقّة ووفق الحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنيّة. ومن اجل تعزيز موقفه أودع لبنان الأمم المُتحدة إحداثيات منطقته الخالصة.
ثالثاً: مشكلة الحدود بين لبنان واسرائيل:
-طول الحدود البحرية مع اسرائيل 71 ميلاً بحرياً.
-من المعلوم بأن لبنان يخوض مفاوضات غير مُباشرة لترسيم حدوده البحرية مع اسرائيل، وقد عُقدت اربع جولات برعاية الامم المُتحدة وحضور اميركي قبل أن تؤجّل الجولة الخامسة وتتوقّف معها المفاوضات في الثاني من كانون الأول 2020، وتستبدل بلقاءٍ ثنائي، بين لبنان والوسيط الأميركي من جهة، وآخر مُماثل بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي، وذلك مع اتساع الخلافات في المواقف على صعيد الخطوط ومساحات التفاوض. وقد تذرّعت اسرائيل بأنّ لبنان قد بدّل موقفه بشأن ترسيم الحدود… علماً بأنّ لبنان قد تقدّم بخرائط على أساس الخط الذي ينطلق براً من نقطة رأس الناقورة استناداً إلى الخط الوسطي كما هو مُحدّد بموجب إتفاق 1923، ويمتدّ بإتجاه البحر في مسار يُوسّع المنطقة المُتنازع عليها إلى حوالي 2300 كيلومتر مربع من حوالي 860كيلومتراً مربعاً.
-بناءً على هذه المعطيات المُهمّة اودع الجيش اللبناني وزارة الدفاع كتاباً يتضمّن لوائح إحداثيات جديدة للحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للمناطق البحرية اللبنانية تُبيّن أن مساحةً إضافية تعود إلى لبنان، ممّا يقتضي فوراً تعديل الإحداثيات التي تناولها المرسوم رقم 6433/2011 وابلاغ الامم المُتحدة بهذا التعديل وذلك لحفظ حق لبنان (عدم خرق الدستور اللبناني).
ًواكملت ابي حيدر انه في حال اقدمت السلطات اللبنانية على هذا الاجراء القانوني المُهمّ يقتضي ان تعمد الدولة اللبنانية سريعاً الى تقديم شكوى أمام المحاكم الدولية المُختصّة لمنع شركة النفط اليونانية “إنرجيان” العاملة في حقل “كاريش” الإسرائيلي ضمن الحدود البحرية الجنوبية خصوصاً بعدما لزّمت أعمال بناء الـ”أوف شور” ومَدّ الأنابيب والمضخّات لإستخراج النفط في الحقل المذكور لشركة “Technip” الفرنسية بإعتبارها منطقة مُتنازع عليها مع لبنان. ومع الأسف طبعاً لا يستطيع لبنان ان يتقدّم بهذه الشكوى قبل تعديل المرسوم ووضعه في الامم المتحدة.
لذلك فإنّ حكومة تصريف الأعمال تستطيع بل من واجبها إصدار المرسوم كما التقدّم بشكوى امام المراجع المُختصّة كونها تدخل من ضمن صلاحياتها، اذ وفي حال تأخّر لبنان عن التقدّم بهذه الشكوى سيجد نفسه عاجزاً عن القيام بذلك في المرحلة المُقبلة حيث تكون الشركة تقدّمت خطوات في أعمالها في المنطقة المُتنازع عليها. إضافة الى ذلك فإنّ تلكؤ السلطة التنفيذية في تأمين الإجراء القانوني لهذا الملف، يضعف الوفد اللبناني في عملية مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل كما يظهرنا بأننا غير مُوحّدين في هذا الملف المُهم.
رابعاً: مشكلة الحدود بين لبنان وسوريا:
-يبلغ طول الحدود البحرية بين سوريا ولبنان حوالي 53 ميلاً بحرياً.
-المشكلة المطروحة اليوم تكمن بتلزيم سوريا الشركة الروسية “كابيتال”اعمال الإستكشاف والتنقيب في البلوك السوري رقم “1” ويمتدّ العقد إلى أربع سنوات. يتداخل هذا البلوك بشكلٍ كبير مع البلوك رقم “2” من الجانب اللبناني.
-الحدود البحرية بين لبنان وسوريا حدّدها لبنان بموجب مرسوم”تحديد حدود الـمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية”. والذي يحمل الرقم 6433 الصادر بتاريخ 1 تشرين الاول 2011 وقد أودع لبنان مرسوم ترسيم حدوده لدى الأمم المُتحدة كما ذكرنا اعلاه بتاريخ 19 تشرين الاول 2011 . إلاّ انّ سوريا إعترضت في العام ذاته على المرسوم اللبناني لدى مجلس الأمن، واعتبر “الكتاب الإعتراض” على أن حقوق سوريا مُحدّدة منذ العام 2003 واُودعت لدى الأمم المتحدة وهي تتوافق مع قانون البحار لعام 1982، بينما المرسوم اللبناني هو عبارة عن “تشريع لبناني داخلي صدر وفق القوانين الوطنية اللبنانية وليس له اية صفة إلزامية خارج الحدود الوطنية اللبنانية وفقاً لأحكام القانون الدولي،…”
-ومن يومها لم يتمّ حلّ الإشكالية مع سوريا، وذلك لأسباب عديدة ليس اقلها عدم الإتفاق الداخلي اللبناني في مُقاربة الملفّ السوري. ولكن ما هو مُؤكّد فأن العلاقة بين لبنان وسوريا لا يُمكن مُقارنتها بالعلاقة اللبنانية مع اسرائيل فبين البلدين العلاقات قائمة وهناك تبادل دبلوماسي، كما ان الحدود مفتوحة والتفاوض بين سوريا ولبنان لا يحتاج الى وسيط.
وختمت ابي حيدر بالقول : على الساسة في لبنان ان يحسموا امرهم ويُقرّروا التفاوض مع الجانب السوري لكي يتولّى الجيش اللبناني المسؤول التقني عن هذا الملف التفاوض وبالتالي حلّ هذا الموضوع في اسرع وقت مُمكن وقبل مُباشرة الشركة الروسية اعمال الإستكشاف في هذا البلوك ما يحفظ حق لبنان الثابت والأكيد.
حطيط :
اما العميد الدكتور امين حطيط فكان له مُطالعة حول رسم حدود المنطقة الإقتصادية البحرية حيث صرّح بأن ترسيم المناطق البحرية للدولة انطلاقاً من شاطئ الدولة \ساحلها الذي يسمى خط القاعدة أو خط الأساسات وتقسم إلى 4 مناطق أوّلها المياه الداخلية وتضم المياه داخل الخلجان وحدّها الأقصى الخط الذي يجمع الرؤوس البحرية، يليها المياه أو البحر الإقليمي.
وحدّه في البحر خط يُحاكي خط الأساس في تعرّجاته ولمسافة 12 ميل بحري من خط الأساس، والثالثة هي المنطقة المُجاورة و عرضها 12 ميل بحري، ورابعها هي المنطقة الإقتصادية
وعرضها من خط الأساس 200 ميل ألا إذا كان هناك دولة مُقابلة فتنصف المسافة بينهما. وبعد الاقتصادية يأتي أعالي البحار .(عرضها الأقصى 176 ميل بحري بخسم 24 اقليمية ومجاورة)
وبعد هذه المنطقة يكون أعالي البحار .
والدول تكون مُتقابلة أي لا تشترك بحدود برية ويكون الماء يفصلها عن بعضها كما هو حال لبنان وقبرص أو مُتلاصقة أي تشترك بحدود برية. ويُشكّل ساحل الأولى امتداداً لساحل الأخرى كما هو حال لبنان مع فلسطين المُحتلة جنوباً وسورية شمالاً.
أما المنطقة الإقتصادية لدولة ما شكلاً وحدوداً فأن تعيينها يستند إلى خط الأساس أي ساحل هذه الدولة وخطوط الفصل عن مناطق الدول المُقابلة أو المُلاصقة.
ورسم خط الفصل مع الدولة المُقابلة يعتمد على التنصيف في المسافة بين خطوط الأساس في الدولتين. وخط الأساس هو كما ذكرنا ما يُظهره إمتداد الشاطئ. في لبنان والدولة المقابلة هي قبرص والخط الأساس هو شاطئ لبنان وخط الفصل هو خط منصف للمسافة يحترم حركة الشاطئ في الدولتين.
اما رسم خط الحدود مع الدول المُتلاصقة أو المُجاورة وهو في الحالة اللبنانية دولة الشمال سورية والجنوب فلسطين التي يحتلها العدو الإسرائيلي فإنّ رسمه يعتمد نظرية خط الوسط المتساوي الأبعاد ligne equidistant كما استقرّ رأي محكمة العدل الدولية. وخط الوسط هو خط تكون نقاطه متساوية البعد عن خط الأساس في الدولتين ويتأثر بالجزر القائمة المُعترف بها انها جزيرة مأهولة. ويتشكّل الخط بالجمع بين نقطتين نقطة البرّ أي اخر نقطة من الحدود البرية وتلامسها المياه لتشكّل اول نقطة من الحدود البحرية، وتسمىّ النقطة الأساس والتي بدونها لا قيمة للخط مهما كانت التقنية في رسمه، والثانية نقطة أعالي البحار وهي النقطة التي تنتهي عندها المنطقة الإقتصادية لتبدأ منطقة الدولة المتقابلة أو أعالي البحار. ويلزم لرسم خط الوسط المعطيات ال 3 التالية:
-وثيقة تحديد وترسيم الحدود البرية التي منها نأخذ النقطة الأساس وهي النقطة البرية التي تلامسها المياه وفي وضعنا هي نقطة راس الناقورة في الجنوب، ونقطة العريضة في الشمال. وفي حالتنا الحدودية في الجنوب هذه النقطة مُكرّسة بإتفاقية بولية-نيوكمب. وفي الشمال بخرائط تُحدّد الحدود مع سورية.
-خط الأساس الساحلي من اجل اختيار نقاط القياس بالتماثل بين المسافات والبعد.
-مُشتملات البحر من جزر وأشباه جزر لما لها من تأثير على أتجاه خط السطو. وفي الجنوب لا يوجد جزيرة مُؤثّرة. ويدّعي العدو الإسرائيلي بان “صخور تخيبت” هي جزرة مؤثّرة ويرفض لبنان ادعاءه.
أما في التطبيق الميداني لترسيم حدود للمنطقة الاقتصادية اللبنانية فان هذه المنطقة تظهر بشكل هندسي ذو أربعة أضلاع الضلع الأساس هو الساحل اللبناني والضلع الشمالي وهو الحد البحري مع سورية والضلع الغربي أي الحد مع قبرص والضلع الجنوبي أي الحد مع فلسطين التي يحتلها العدو الإسرائيلي.
وعملياً ورغم أهمية الموضوع فقد تميّز تعاطي لبنان مع هذا الملف بسوء إدارة تقترب إلى حدّ “الجريمة الوطنية” حيث إرتكب المسؤولون في لبنان أخطاء لا بل جرائم ثلاث مُوزّعة على الحدود الثلاثة للمنطقة الاقتصادية.
وبحسب حطيط فقد بدأت الجريمة الأولى في ترسيم الحدود البحرية من الغرب مع قبرص حيث وقّع لبنان مشروع اتفاقية لا تراعي حقوقه وفقاً لقانون البحار ونشأت الجريمة الأساس التي أعطت المُبرّر لجريمة أخرى ارتكبت في مسألة الحدود مع فلسطين المُحتلة وانضمت للجريمة الثالثة في مسالة الحدود مع سورية.
ففي العام 2007 وعندما شرع لبنان بتحديد حدوده مع قبرص أرسل الرئيس فؤاد السنيورة وفداً غير مُختصّ من وزارة الأشغال للتفاوض حول الحدود البحرية. ونظراً لأنه وفد غير مُؤهّل فقد ارتكب الجريمة الأولى التي تمثّلت في التحديد الخاطئ للنقطة 1. وعندما حاول لبنان أن يصحّح الخطأ إرتكب خطأ أخر بوضع نقطة بديلة هي النقطة 23، وهي خطأ أيضاً لأن الموقع الصحيح للنقطة الأساس في الجنوب الغربي للمنطقة الاقتصادية اللبنانية هو في النقطة 29 كما أثبتها الجيش اللبناني والمكتب البريطاني الهيدروغرافي.
وقد راقبت إسرائيل أخطاء لبنان وبنت عليها، وتمسّكت بالنقطة 1 ورسمت حدودها على أساسها. لكن لبنان ومن اسف شديد وبدل التمسّك بالنقطة الصحيحة أي النقطة 29 تمسّك بالنقطة الخطأ اي النقطة 23 ونظّم مرسوماً على أساسها يُحدّد منطقته الإقتصادية وأودعه الأمم المتحدة المرسوم 6433 \2011.
بين خطي النقطتين 1 و23 نشأ مثلث مساحته 860 كلم مربع هي ظاهراً المساحة المُتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل لكن الحقيقة هي ان النزاع يقوم بين خطي النقطة 29 اي النقطة الصحيحة وخط النقطة 1 نقطة الخطأ الأساس والمساحة بينهما تبلغ 2290 كلم مربع. وهي التي يطالب بها لبنان حالياً وترفض إسرائيل مُجرّد البحث او النقاش حولها. وهو السبب الذي جعل إسرائيل وخلفها او تدعمها أميركا توقف المفاوضات في 11\11\2020. وتتعقّد المشكلة هنا في ظهور قسم من اللبنانيين بحاجة لمن يقنعهم بحقوق لبنان ويجعلهم يُبادرون إلى تصحيح الخطأ واعتماد النفطة 29. وهذه هي معركة تعديل المرسوم 6433\2011 الدائرة اليوم داخل لبنان والتي حُسمت اخيراً بتوقيع المرسوم من قِبل الوزراء المعنيين والرئيس دياب. وهذا ما ساهم في عملية تأكيد وحدة الموقف اللبناني وهذا ما يعطي دعماً و قوة للوفد اللبناني في مواجهة العدو الإسرائيلي.
أما مع سورية فأمر اللبنانيين أكثر إيلاماً، إذ رغم تفاوض لبنان مع قبرص وسعيه للتفاوض مع إسرائيل فقد رفض التفاوض مع سورية وحدّد بإرادة مُنفردة حدوده معها، فردّت عليه بالمثل واعترضت على العمل اللبناني ورسّمت حدودها البحرية مع لبنان وبإرادة مُنفردة أيضا ونشأ تداخل بين الترسيمين مساحته 750 كلم مربع. وهو تداخل ينتظر التفاوض لحلّل وباب التفاوض مُغلق حتى اليوم ونأمل أن يكون إتصال الرئيس ميشال عون بالرئيس بشار الأسد فاتحة خير لحلّ الإشكال بالتفاوض الجدّي بين الدولتين الشقيقتين.
وختم حطيط بالقول بأن هناك جرائم ثلاث تهدر حقوق لبنان البحرية، جريمة أثناء تحديد الحدود مع فبرص تُرتكب بخفّة وبسبب عدم كفاءة الوفد، جريمة تُرتكب في معرض الحدود الجنوبية نتيجة الإهمال والتقصير وعدم المُتابعة، واخيراً جريمة مع الحدود مع سورية ترتكب بسبب الإستنكاف عن التفاوض وإنقسام الموقف الداخلي تجاه سورية.
هايتايان:
الخبيرة في شؤون النفط لوري هايتايان اعتبرت ان ترسيم الحدود ليس بهدف تطوير الثروة السمكية حتى لو كنت تطوير هذا القطاع ايضاً، انما الغاية هي معرفة ادارة توقعاتنا تجاه النفط والغاز، وفي المرحلة الجديدة التي وصلنا اليها يُعدّ تعديل المرسوم عمل تصحيحي كبير وليس عمل تصعيدي تجاه العدو الإسرائيلي. وهي رسالة للخارج بأننا نريد الحفاظ على حقوقنا ونحن متمسّكون بها. اما ما بعد تعديل المرسوم فأن الرسالة هي ان لبنان مُهتمّ بترسيم الحدود قبل البدء بتطوير قطاع النقط والغاز في الحدود البحرية، وفق معادلة جديدة وليس وفقاً لترسيم هوف المُجحف بحقّ لبنان. والتعديل نقطة انطلاق جديدة لإعادة إحياء المفاوضات مع الاخذ بالإعتبار النقطة 29 التي ستعيد الحق المهدور للبنان. واكملت ان السفينة التي تتحضّر للتنقيب في اسرائيل وهي قيد الصناعة والإعداد في سنغافورة حتى اليوم، ستنطلق الى منطقتنا بخريف 2021، بحسب معلوماتنا واذا تمكّنا من الضغط على مجموعات ومكوّنات السلطة السياسية في لبنان وتمرير تعديل المرسوم في اسرع وقت، سيكون بوسعنا إجبار اسرائيل للعودة سريعاً لطاولة المفاوضات. لأننا نعرف جميعاً ان لا حلّ للطرفين سوى عن طريق المفاوضات التي ستوصل الى حلّ وسطي يُرضي الطرفين.
واكملت هايتايان أننا في المرحلة الاولى من العملية الطويلة ونُشجّع كثيراً على ان يتمّ ترسيم الحدود. وهناك دراسة تُبيّن انه هناك “مكمن كبير مُحتمل للغاز” في بلوك رقم 9 اللبناني وهدف لبنان الضغط من خلال التسليم بأن الخط الحقيقي هو الخط 29 وليس الخط 23 كما يريد العدو هو إيقاف الحفر بسرعة في ” حقل كاريش” وانقاذ هذا المكمن المُحتمل للغاز الذي يمتدّ ليصل الى بلوك 72 الاسرائيلي لأنه يُعتبر نهاية هذا المكمن. وهذا المكمن قد يكون اكبر من “حقل كاريش” الذي يُصبح اصلاً الحفر فيه مُهدّداً بتثبيت النقطة 29. وربما تكون ردة الفعل الاسرائيلية إعطاء البلوك 72 لشركة اينيرجي؟ وعليه يجب إرسال الاحداثيات للامم المُتحدة بأنها بلوكات مُتنازع عليها بأقصى سرعة، لأن “حقل كاريش” يحمل مخزون يمتدّ لبلوك 72 ايضاً. وبإعلاننا انه ضمن المنطقة الاقتضادية الخالصة للبنان نكون قد وضعنا حقّنا الاقتصادي وعلّقنا اي اجراء إسرائيلي في هذه المنطقة التي تُصبح مُتنازع عليها. وانهت كلامها بالقول ان معركتنا طويلة وفيها جولات كثيرة، ويجب ان نكون كلنا ضُدّ ان تنفذ الشركات التي تتعاون معها إسرائيل اي اجراء يسلبنا حقوقنا وحدودنا.
جوني:
مداخلة الدكتور حسن جوني كانت تحت عنوان هل يمكن مقاضاة “إسرائيل” في حال الإعتداء،فقال بداية لا بد من توضيح مهم بأنّ القانون الدولي ذات طبيعه خاصة مُختلفه عن طبيعه القوانين الداخليه.
وايضاً بأنّه يجب التمييز بين الذهاب أمام القضاء الدولي لترسيم الحدود البحرية وبين مقضاة “إسرائيل” في حال إعتدت على الحدود البحرية اللبنانية..
واضاف جوني: ما هي المحاكم المُختصة في مجال ترسيم الحدود البحرية، أو في حال العدوان ؟
وهل يُمكن للبنان ان يتقدّم أمامها بطلب الترسيم؟
وما يمكن أن ينتج عنها في حال قبلت الاختصاص؟
وكيف يمكن أن تطبق احكامها؟
اولاً :المحاكم المُختصة.
في وضعنا الحالي هناك ثلات محاكم دولية:
١-محكمة العدل الدولية.
٢-محكمة البحار.
٣-التحكيم: محكمة التحكيم الدائمة او محكمة خاصة مؤقته.
اولاً: محكمة العدل الدولية:
من اجل الذهاب أمام هذه المحكمة يجب أن يتوفّر شرط من ثلاث شروط حددتها المادتين 36/و37 من نظام المحكمة، موافقة الدولتين.
او وجود معاهدة دولية تلحظ في إحدى بنودها صلاحية المحكمة في حال إختلاف في التفسير او التطبيق او التنفيذ. وهنا الذهاب أمام المحكمة يكون فقط وحصراً في موضوع المعاهدة. واخيراً، ان تكون الدولة التي تُرفع قضية ضدّها سبق أن قدمت للمحكمة الموافقة المُسبقة ُلصلاحياتها في النظر بالقضايا التي تُرفع ضدها.
من هنا نرى بأن:
الشرط الأول غير متوفر.
الشرط الثاني أيضاً حيث لا يوجد معاهدة تتعلق بترسيم الحدود البحرية او بالعدوان إنضمّ اليها العدو الإسرائيلي وتلحظ هذه الإمكانية.
الشرط الثالث أيضا غير مُتوفّر حيث أن “إسرائيل” قد سحبت موافقتها المُسبقة عام 1985.
ومن هنا نستخلص بعدم إمكانية اللجؤ إلى محكمة العدل الدولي.
ثانياً: محكمة البحار معاهدة البحار 1982:
-المادة 20 من نظام المحكمة يسمح لأطراف المُعاهدة برفع قضية أمامها بموافقة الفريقين.
-الفقرة الثانية من المادة ذاتها تلحظ إمكانية رفع قضية أمامها بشرط قبول جميع أطراف القضية.
– المادة 15 الفقرة الثانية تلحظ إمكانية تشكيل غرفة خاصة بطلب من أطراف النزاع.
مع العلم انه لا بد من الإشارة إلى وجود غرفة خاصة في المحكمة لتحديد الحدود البحرية.
ما تقدّم يُؤكّد لنا بأن لبنان لا يستطيع أن يرفع قضية مُتعلقة بالترسيم او بالعدوان من قِبل العدو الإسرائيلي أمام محكمة البحار الا بموافقة “إسرائيل”.
وهذا طبعاً غير ممكن.
ثالثاً: التحكيم:
– لبنان عضو في المحكمة الدائمة للتحكيم (مقرها قصر السلام لاهي) منذ 1968 والعدو الإسرائيلي غير طرف فيها. اذاً لا يُمكن الذهاب إلى المحكمة الدائمة للتحكيم الا بعد موافقة “إسرائيل”.
وهذا امر يتعلّق بالتحكيم الخاص او المؤقّت ولا يُمكن الذهاب اليه الا بموافقة افرقاء النزاع وتحديد
الجهة المحكّمة معاً.
– ثانيا. النتائج و التطبيق:
– لنفترض جدلاً بأن “إسرائيل” وافقت لبنان بالذهاب إلى القضاء الدولي! السؤال الذي يُطرح هنا هل هناك إمكانية لكي نفرض على”إسرائيل “تطبيق الحكم اذا صدر لمصلحة لبنان؟.
فقد لاحظت المادة 94 من ميثاق الامم المُتحدة كيفية تطبيق قرار محكمة العدل الدولية، حيث اعتبرت في فقرتها الأولى انه على الدول تطبيق القرار الصادر عن المحكمة.
اما الفقرة الثانية من المادة فقد إعتبرت انه في حال رفض الدولة تطبيق القرار، على الدولة المُتضرّرة ان تتقدّم أمام مجلس الأمن، وعلى المجلس ان يجتمع وان يتّخذ توصية او إجراء يطلب من الدولة المعتدية تطبيق قرار المحكمة.
واكمل جوني، لكن هنا لا بد من الإشارة بأن الكثير من الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية لا تُطبقها الدول. ونذكر هنا قضية نيغاراغوا التي ربحتها من الولايات الأمريكية المتحدة في عام 1985، ولكن أمريكا رفضت تطبيق القرار الصادر من المحكمة ضدها.
اما في يتعلّق بالتحكيم وفي الموضوع ذاته، نذكر هنا مُؤخّراً رفض الصين تطبيق قرار المحكمة الدائمة للتحكيم المُتعلّق بترسيم الحدود البحرية مع في جنوب بحر الصين والذي صدر ضدها لمصلحة الفلبيين.
وانهى جوني كلامه عن الإعتراف قائلاً:
يبقى ان نشير بأنّ الذهاب أمام محكمة العدل الدولية يُعتبر بمثابة إعتراف ب “إسرائيل” حيث أن المادة ٣٤ من نظامها الداخلي لا يسمح الا لدول في المثول أمامها.
وهذا موقف الدكتور المرحوم ادمون نعيم وكذلك الدكتور المرحوم محمد المجذوب وغيرهم من كبار أساتذة القانون الدولي العرب والأجانب.
وما يُطبّق على محكمة العدل في هذا المجال يُطبّق على المحاكم الأخرى.
اخيراً وفي ما يتعلّق بالعدوان فقال جوني ان جريمة العدوان جريمة تدخل ضمن إختصاص المحكمة الجنائية الدولية المادة ٨ مكرّر. الا ان لبنان غير طرف فيها ولا العدو الإسرائيلي.
وفي الخلاصة وبحسب جوني:
لا يُمكن للبنان ان يقاضي “إسرائيل” أمام القضاء الدولي في ما يتعلّق بترسيم الحدود البحرية او في حال إعتدت على حدوده البحرية الا بالإتفاق معها، وينتج عن ذلك أمور خطيرة قد تقع على لبنان.
زين:
الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر زين
كانت له مداخلة اكدّ فيها على ضرورة توقيع الرئيس عون على المرسوم بأسرع وقت وإرسال المرسوم المُعدّل مع الخرائط الصحيحة التي تؤكّد حقّ لبنان في مياهه الى الامم المتحدة. واشار انه من باب سدّ الذرائع يمكن للوزراء في الحكومة المستقيلة ان يوقعوا مرسوماً تأكيدياً لاحقاً (مرسوماً يوقّع بالمداورة) حيث لا ضرورة لعقد جلسة لمجلس الوزراء بالخصوص. عملاً بمبدأ “الضرورات تبيح المحظورات”، حيث اننا امام موضوع سيادي لا يسمح بالتأخير اطلاقاً. ورأى زين انه لا بُدّ من وضع جدول زمني في حال إستئناف المفاوضات غير المباشرة مع ضرورة الوقوف الوطني الجامع والحاسم وراء الوفد المفاوض.
واشار زين الى ضرورة الإنتباه الشديد بأن لا يكون حلّ النزاع هدفه خلق نوع من التطبيع او عملية سلام. ودعا الى ضرورة حسم الوضع الاقتصادي للمياه اللبنانية بيننا وبين قبرص كي لا يأخذ العدو الصهيوني اية ذريعة من الذرائع في اوراق قد تكون مُتبادلة مع قبرص واعتقد انه لم تتعدى المفاوضات سابقاً مشروع مُسودة اتفاق.
واكدّ زين على ضرورة التمسّك بإتفاق الهدنة الذي يضمن حقّ لبنان في حدوده البرية والبحرية، خاصة وان هذا الإتفاق مظلّته هي مجلس الامن.
والمهم ان يكون اللبنانيون صفاً واحداً للحفاظ على سيادتهم وحقوقهم بعامة وبالحفاظ ايضاً على حقوقهم في مياههم البحرية بخاصة، وان يكونوا مُستعدين لكل اشكال الدفاع في حال حصول اي اعتداء بإستخراج النفط والغاز من مياهه التي اصبحت مُحدّدة بشكلٍ واضح لا لُبس فيه من دوائر الجيش اللبناني التي نحترم ونعتزّ بها في الحفاظ على سيادة لبنان وحماية حقوقه.