انقلاب وتغيير جذري ؟ ما الذي تساهم به مواقع التواصل في لبنان ؟ | كتب جان زغيب
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
لا شك ان مواقع التواصل تصنّف في خانة الاعلام الجديد المفضّل اليوم طالما ان أي شخص يمكنه التعبير من خلالها دون قيود او تمييز اضافة الى كونه مراسلا دون مؤسسة. وقد ساهمت هذه المواقع مثل تويتر، فايسبوك ويوتيوب بالثورات وخصوصا “بالربيع العربي” (ولو كان مخيبا للآمال) من حيث انتشار الأخبار بسرعة كبيرة بين كافة المناطق والشعوب.
وقد جنّدت هذه المواقع بشكل عشوائي أصحاب الفكر والرأي وأفرزت نشطاء دائمين ومؤثرين يتفقون على الحرية والاستقلالية والثورة بوجه القمع والاستبداد. ولكن الانظمة الاستبدادية ضمنيا كما الميليشيات المسلحة كثفت في السنوات الاخيرة مجهودها وقمعت أصحاب الرأي وصولا الى القتل بكل برودة خوفا من كشف حقائق تطيح بوجودهم النامي على حساب الشعب وفقره. ولم يُفاجأ أحد من التقارير الصحافية التي فضحت تجسسات حصلت في السنوات الاخيرة على هواتف وحسابات رؤساء، سياسيين وصحافيين.
وقد صنعت ” الهاشتاغ” ثورات افتراضية تُرجمت في الشارع إثر تكوين مجموعات تعاضدت وتعاونت من اجل قضية واحدة وعلى سبيل المثال مصر، تونس، ليبيا ، العراق، لبنان، السترات الصفراء في فرنسا كما المظلات في هونغ كونغ اضافة الى حركة حياة السود مهمة في الولايات المتجحدة الاميركية.
صحيح ان مواقع التواصل تحقق أهدافا ومبادئ اجتماعية ولكنها تفتقر الى القيادة رغم الانتفاضة المفاجئة والخاطفة التي قد لا تحتويها السلطات بسبب سرعتها القياسية والتداول الكبير على كافة المنصات. وقد يتأثر الجمهور بكافة الاخبار دون التأكد من المصادر وقد يحصل الـ Fake News على ملايين المشاركة وبتأثير مباشر على الحدث الآني ليكتشف بعد فوات الاوان بأنها اخبار مزيفة قد تكون لمصلحة الثوار او ضدهم وذلك بحسب الظروف الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.
في لبنان، انطلقت الثورة مع اعلان عن تعرفة للواتساب ولكنها سلسلة تراكمات من تراجع في التنمية البشرية، تردّي الاوضاع الاجتماعية على كافة الاصعدة بينها الصحية والتعليمية اضافة الى الهدر والفساد في المؤسسات الرسمية وفضائح الكهرباء ولوعة المواطن من الحاجات اليومية المفقودة. ومع وصول الدولار الى ارقام قياسية كما اسعار المحروقات، الخبز والسلع الغذائية كل ما يرادفها تزامنا مع اختفاء الادوية وغلائها لم تشهد الساحات انتفاضة حقيقية رغم النقمة الكبيرة على مواقع التواصل ليلا نهارا وذلك بسبب غياب قيادة حقيقية والتجذر القائم للاحزاب والمنظومة السياسية منذ سنوات عديدة وصعوبة انتزاع السلطة ممن بذلوا حياتهم في سبيل احيائها.
وسيحتاج لبنان ظروفا مناسبة للانتفاضة الحقيقية قد يكون مفتاحها انفجار 4 آب واصرار اهالي الشهداء على سجن المسؤولين عن جريمة العصر. وقد ينجح الشعب بمساع دولية بمحاسبة الفاسدين في حال انكشفت اوراقهم امام قياداتهم الغربية وأحرجوا صنّاعهم.