بوتين والحلف الرباعي.. | بقلم علي الهماشي
زيارات بوتين في هذا التوقيت بالذات إلى الصين وكوريا وربما تأتي بعدهما زيارة إلى إيران لتُعلن عن حلف جديد وهو قديم لكنه هذه المرة جاء بمبادرة الرئيس بوتين من خلال زياراته للدول المذكورة (رغم ان زيارة ايران مازالت غير قائمة ).
في الصين :
عزز الرئيسان الصيني والروسي الشراكة العميقة بين البلدين ، وهما مازالا يواجهان تهديدًا حقيقيًا من الولايات المتحدة والغرب، وان كانت الصين تنأى بنفسها عن الحرب الاوكرانيا وتستمر في تقديم نفسها كبلد يُسهم في الاستقرار العالمي، إلا أنها تعلم جيدًا إن أي خلل في ميزان القوى بهزيمة روسيا عسكريا يعني ان دور المواجهة المباشرة مع الغرب قد حان، والساسة في الصين يرون ان الوقت لم يحن بعد لمثل هذه المواجهة، أو لنقل ان الصين لا تريد أن تدخل صراعات مسلحة، بالرغم من وقوفها بقوة في المناطق القريبة من حدودها مع ضبط للنفس قدر الامكان …
الصين لازالت ترى ان تمددها الاقتصادي هو الحل الأمثل لتكون القوة العالمية الاولى، وما يجري في الحرب الأوكرانية يصب في صالحها، فهي تستنزف الأخ الأكبر من جهة ولكنها لا تريد موته بهذه الطريقة ..
وروسيا تعلم ذلك أيضاً لذلك تلجأ الى الضغط، لجعل الصين شريكًا واضحًا في مواجهة الغرب، وربما نجحت في ذلك بعد توقيع الاتفاقية الثنائية .
في كوريا :
يبدو للوهلة الاولى ان التحالف مع كوريا الشمالية يمثل نوعًا من اليأس بأن تتجه روسيا الاتحادية الى شريك (منبوذ) عالميًا، و لا يملك ما يقدمه الا السلاح والذخيرة، و يعيش على المساعدات الروسية في الكثير من المجالات .
لكن هذا الاتفاق سيجعل الموقف العسكري مؤمنًا أكثر لروسيًا فيما يخص تزويد الروس بالذخيرة الحية .
كما ان هذا الاتفاق يقلق الغرب في إستراتيجة بوتين الرادعة بما يفعله الغرب في دعم اوكرنيا الذي وصل الى تزويدها بطائرات أف 16 التي خرجت من الخدمة العسكرية لدول الناتو الأوروبية فاقترح أمين حلف الناتو بتزويدها لتقليل الهيمنة الجوية الروسية في الحرب بين البلدين .
وهذا الاتفاق ربما يشمل الجوانب النووية العسكرية الذي تتفوق فيه روسيا، وممكن لها ان تطور من قدرات كوريا الشمالية في صناعة الصواريخ التي تحمل رؤوسًا نووية !!.
سينظر الغرب الى زيارة الرئيس بوتين بأن الرجل جاد في تهديده، وهي ليست مناورة، فقد انتهى وقت المناورات لدى الطرفين .
إيران:
قد تكون ايران المحطة القادمة لزيارة الرئيس بوتين الخارجية، ويذهب اليها كي يقدم العزاء بوفاة الرئيس الايراني الراحل ابراهيم رئيسي، ومن ثم يعلن عن تعاون جديد بين البلدين، لكن هذه الزيارة قد تؤجل لأنه لا فائدة مع اتفاقية مع حكومة قد تكون لتصريف الأعمال وهناك حكومة جديدة بالانتظار بعد أشهر، لكن الزيارة قد تكون ملحة للسيد بوتين في رص صفوف الاصدقاء معه في الفترة القادمة، وربما يُحسم الامر من خلال لقاء السيد علي الخامنئي مرشد الجمهورية .
وايران بحاجة الى شريك قوي له حق النقض في مجلس الامن، اضافة لمرونة تحرك قواته العسكرية .
وروسيا لا تريد ان تكون محاصرة بل تريد ان تعلن أنها قادرة على اقامة التحالفات حتى وان كانت مع بلدان تعد محاصرة، لكن لكل بلد تأثيره في الفعلي اقليميا ودوليًا، فالصين وكوريا مساحة تأثيرهما يتعد بحر اليابان وكوريا الجنوبية والهند وباكستان وغيرها من دول المنطقة ليصل الى العالم كله .
وهذا الامر ينطيق على إيران ذات التأثير الكبير اقليميا، مع امتداد تأثيرها ليشمل أمريكا الجنوبية ايضا ..
التحالفات القادمة أو اتفاقيات الشراكة الستراتيجية هي لخروج روسيا من حصارها ، واعطاء هذه الدول بعدًا في صراعها مع الولايات المتحدة والغرب في تبادل مصالح وفي برغماتية تكون ملحة للاطراف كلها ..
لكن ماهو رد فعل الغرب والولايات المتحدة اتجاه تحرك بوتين، وقد يكون رد فعل بوتين معروفًا للغرب، لكن سرعته هي المفاجئة لهم .
فأوكرانيا لا تسعفها الاموال المرصودة، والطائرات الأف 16 لن تكون جاهزة للدخول في القوات الجوية الأوكرانية قبل عام على الاقل، وخلال عام تتغير الكثير من الامور على الارض..
اذن يحاول الرئيس بوتين استباق الغرب بخطوة بهذه التحالفات الجديدة، وربما يكون حلفًا رباعيا محوره روسيا، بدلا من اتفاقيات ثنائية بما يطلق عليها شراكة إستراتيجية ..