الطيور المرقمة… براز تقليدي أم رذاذ بيولوجي | بقلم د.عوض سليمية
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
بالنظر الى الانحدار الملموس في مستوى الخطاب السياسي للادارة الامريكية، كحالة من الهستيريا المرافقه التي اصابت قادة البيت الابيض منذ بدء العمليات العسكرية الروسية في اوكرانيا بتاريخ 24 شباط/فبراير، وما رافقها من إطلاق الرئيس بايدن وأركان إدارته مصطلحات تصف شخص الرئيس الروسي بوتين “بالجزار”، “مجرم حرب”، سنقوم بمحاسبته…، في الوقت ذاته، واصلة الماكينة الاعلامية لحلف الناتو المدعومة امريكيًا هجومها ودعايتها الكاذبة، تارةً من خلال عرض مسرحي هوليوودي مكشوف في مدينة بوتشا الاوكرانية تمثل في اظهار عدد من الجثث على قارعة الطريق، وتارة اخرى، في القصف المتعمد لكتائب النازيين من فرقة ازوف لمحطة قطارات في كراماتورسك في شرق أوكرانيا والتي اسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين، ظنًا منهم ان مثل هذه الافلام سوف تدين الجيش الروسي وتؤكد ارتكابه لمجازر بحق المدنيين الاوكران.
في المقابل، تجاهلت وسائل اعلام من يسمون انفسهم سادة العالم الديموقراطي الحر، مشاهد تعذيب الجنود الروس الاسرى والجرحى من قبل كتائب الازوف والنازيين الجدد، حيث وصلت ممارساتهم الوحشية حد اقتلاع اعينهم وحناجرهم الى جانب صلبهم في الشوارع، بينما غابت كالعادة مواقف منظمات حقوق الانسان والاطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جينيف الخاصة بمعاملة اسرى الحرب.
في ولاية ايوا جاء خطاب الرئيس بايدن منسجمًا مع الهجوم على روسيا ومليئًا كالعادة بالتناقضات، بما فيها تحميل الرئيس بوتين مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي في العالم وداخل الولايات المتحدة، الى جانب مزيدًا من الاتهامات التي لا اساس لها من الصحة بان الجيش الروسي يرتكب مجازر بحق المدنيين الاوكران ترقى الى مستوى جرائم حرب، وسط هذا المستوى المرتفع من التضليل، تبرعت احدى طيور مدينة ايوا لتضع برازها على كتف الرئيس ولسان حالها يقول كفاكم كذبًا وافتراءات.
بينما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو بشكل ساخر، ذهب المحللون الى ابعد من ذلك، وذكروا بتورط وزارة الدفاع الامريكية في تمويل انشطة بيولوجية داخل مختبرات على الارض الاوكرانية، والتي تم اكتشافها من قبل الجيش الروسي خلال العملية العسكرية، استنادًا الى بيان وزارة الدفاع الروسية بتاريخ 10 مارس، القى الجيش الروسي في منطقتي إيفانوفو وفورونيج الروسيتين القبض على طيور مرقمة تم إطلاقها من المختبرات البيولوجية في أوكرانيا، وبحسب البيان فإن الهدف من الأبحاث البيولوجية كان إبتكار طرق جديدة لنشر مسببات الأمراض الفتاكة من خلال الطيور المهاجرة، بما في ذلك إنفلونزا H5N1 شديدة العدوى، مرض نيوكاسل، الجمرة الخبيثة وحمى الخنازير الافريقية…،الى جانب تطوير مشروع R-781، حيث تعتبر الخفافيش ناقلات محتملة لعوامل الأسلحة البيولوجية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة Daily Mail بتاريخ 27 مارس تقريرًا مفاده أن هانتر نجل الرئيس بايدن ساعد في تأمين الملايين من الدولارات من اجلتمويل نشاط لشركة Metabiota وهي شركة متعاقدة مع وزارة الدفاع الامريكية ومتخصصة في الأبحاث حول مسببات الامراض والاوبئة،وفقًا لما كشفته رسائل البريد الإلكتروني للكمبيوتر المحمول التابع لشركة هانتر والتي حصلت عليها الصحيفة. في ذلك، قال الممثل الروسي فاسيلي نيبينزيا، متحدثًا في اجتماع لمجلس الأمن الدولي، إن موسكو تمتلك وثائقًا وأدلة تثبت وجود ما لا يقل عن 30 مختبرًا في أوكرانيا تعمل في مجال المواد البيولوجية،حيث يتم إجراء تجارب خطيرة باستخدام “البيولوجيا التركيبية” لتعزيز الصفات المسببة للأمراض من الطاعون والجمرة الخبيثة والكوليرا والأمراض الفتاكة الأخرى.
وعلى الرغم من النفي الامريكي المتكرربالتورط في هذه الفضيحة المجلجلة، ومحاولة رمي الكرة باتجاه الروس من خلال الادعاء بان موسكو تحضر لهجوم بيولوجي على اوكرانيا، الا ان السيدة أفريل هاينز – مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية،اعترفت خلال جلسة استماع لمجلس الشيوخ الأمريكي بصحة الاتهامات الروسية حول إنتاج هذه الأسلحة البيولوجية بهدف استخدامها ضد روسيا عبر الطيور والزواحف لنشر الأمراض الفتاكة، وأن بلادها تشرف على برامج إنتاج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا، وقالت إنها تُشغل أكثر من عشرة مختبرات بيولوجية مرتبطة بمشروعات عسكرية دفاعية وصحية، مُشيرة إلى أن الحكومة الأمريكية قدمت لكييف مساعدات في هذا المجال.من جانبها، اكدت قناة فوكس نيوز الامريكية ان إدارة الرئيس بايدن تكذب في قضية المختبرات البيولوجية في اوكرانيا وتحاول الهروب من مسؤولياتها، من جانبه قال عالم الأحياء الدقيقة إيغور نيكولين – عضو سابق في لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالأسلحة البيولوجية والكيميائية، انه وبهدف نشر الامراض في الجانب المعادي المحتمل وهنا هو “روسيا” من خلال اساليب الهندسة الوراثية على الطيور، فإنه من الممكن أن يتوصل الجيش الامريكي إلى إنتاج سلالات قتالية، ليقوم الأمريكيون بنقلها عمدا إلى الطيور البرية ومن ثم توجيهها إلى أراضي العدو المفترض.
سواءً كان ما سقط على ملابس الرئيس بايدن في خطابه في ايوا مجرد “ذرة” وفقًا لتعليقات الابيض، أو براز معدل بيولوجيًا داخل المختبرات الاوكرانية بتمويل امريكي، فان بيان المعلومات الصادر عن روسيا ينبغي أن يدق ناقوص الخطر داخلمنظمات المجتمع الدولي ذات العلاقة. من خلال تشكيل فريق تحقيق متعدد الأطراف بقيادة منظمة دولية موثوقة، وليس من قبل محققين امريكيين، يجب أن تعلم واشنطن أن اتهاماتها للآخرين باستخدام اسلحة بيولوجية فتاكة ومحرمة دوليًا لا يمكن أن يبيض صفحتها،فإذا كانت بريئة حقًا من هذه الاتهامات كما تدعي، فينبغي أن تنتهز الفرصة لنشر الحقيقة وتدعم تحقيقات متعددة الأطراف لإثبات براءتها.
ومع قناعاتنا المسبقة بأن الغرب سيساند أمريكا في نفي روايتها الكاذبة، ويُفشل عمل أي لجنة تحقيق دولية مستقلة تفضي الى نشر الحقيقة، يبقى لطيور ايوا الكلمة الفصل في إحياء الموضوع من جديد، وتأكيد رواية الرئيس بوتين، القائلة بأن العملية العسكرية في اوكرانيا هي عملية استباقية فُرضت على الجيش الروسي، بهدف إحباط هجوم وشيك كان يخطط له النظام النازي في كييف ضد المدنيين الروس في الدونباس وشبه جزيرة القرم، وان هذا النظام سعى للحصول على أسلحة دمار شامل في وقت مبكر من الغرب الى جانب اسلحة بيولوجية يتم تطويرها بدعم البنتاغون داخل المختبرات الاوكرانية.