أعلام مهيبة … د. عبد الكريم الإرياني | بقلم علي أمين
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
عبد الكريم الإرياني السياسي الوحدوي المحنك المتحدث اللبق، قوي الإرادة والقرارات، الفطن، ذو البداهة، نير الفكر والباع والنفس، صلب الإرادة والمواقف والشخصية، وكما يقول المثل الشعبي “الهندوانه بنانه والحديد ارطال” مهما أسرفنا في الحديث عن هذه الشخصية لن نستطيع ايفاءها حقها.
نشأة عبد الكريم الإرياني
ولد عبد الكريم الإرياني في العشرين من شهر شباط/ فبراير عام 1935م، وذلك في محافظة إب اليمنية التي تشتهر بكونها من أجمل المحافظات في اليمن ذات الجو المعتدل والمناظر الطبيعية الخلابة على مدار العام والواقعة في الجهة الجنوبيّة الغربيّة من البلاد، وينتمي الإرياني إلى أسرة لها تاريخ في العلم والشعر والآدب والفقه مما ساهم في تشكيل شخصية الدكتور عبد الكريم وتنوير عقله وإثراء مفاهيمه من وقت مبكر في حياته بشتى أنواع العلوم كما اشتهرت أسرته بالحكم، ودخولها السلطة سواء في مجالات القضاء والفقه او على مستوى سوق العمل كعمال ووكلاء لآل حميد الدين او على مستوى حكم اليمن فعمه الرئيس السابق عبد الرحمن الإرياني، وهو الذي حكم شمال اليمن، مدة 8 سنوات، وكانت فترة حكمه بين عقد الستينيات وعقد السبعينيات، وهو الذي خلف الرئيس عبدالله السلال على حكم اليمن.
وفي عام 1962م تخرج من جامعة جورجيا الأمريكية و حصل د. عبد الكريم الإرياني على شهادة البكالوريوس وفي عام 1964م نال الماجستير من الجامعة ذاتها، وفي عام 1968م نال درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة من جامعة ييل بكونيكتيكت.
وتولى الإرياني العديد من المناصب الحكومية اثناء حكم عمه للبلاد.
بدأت حياة عبد الكريم الأرياني السياسية في عام 1974م، حيث تولى منصب وزير التنمية اليمنية، في عصر الرئيس الراحل ابراهيم الحمدي ثم أصبح وزيرًا للتربية والتعليم، ثم وُلّي منصب رئيس جامعة صنعاء، ثم ذهب الى الكويت وعمل كمستشار لصندوق الكويت للتنمية العربية وفي الفترة ما بين 1980-1983 أصبح رئيسًا للحكومة اليمنية في الجزء الشمالي قبل أن تتوّحد البلاد، وفي عام 1990م كانت اليمن قد توحّدت كاملة، أصبح حينها وزيرًا للخارجية ونائبًا لرئيس الوزراء، وفي الفترة ما بين 1994-1997م أصبح نائبًا لرئيس الوزراء ووزير الخارجية.
نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطنيّ، وكان له دور مؤثر في جميع القوى السياسيّة، رئيس وزراء اليمن، وزير خارجية اليمن، مستشار اليمن، العمل في مجال الزراعة، والتخطيط، والتربية، والتعليم.
في يونيو 1995م عين أمين عام لحزب المؤتمر الشعبي العام. وفي أيار/ مايو 1997م عقب الانتخابات البرلمانية أعيد تعيينه نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للخارجية، في 29 نيسان/ أبريل1998م وبشكل مفاجئ عيّن رئيسًا للوزراء للجمهورية اليمنية بالوكالة عقب استقالة الدكتور فرج بن غانم وخدم في هذا المنصب حتى 31 آذار/ مارس عام 2001م.
وقد كان طيلة حياته مثقفًا بارعًا، حيث كان موسوعة ثقافيّة، وكانت هذه الثقافة جليّة الوضوح من خلال المقابلات والأحاديث الصحافيّة التي كان يُجريها، إذ برع في التوصيفات السياسيّة، من خلال الملكة التي كانت لديه واتقانه ااغات عدة، وسرعة البديهة والكاريزما السياسية والشخصية الوطنية والجدية التي يمتلكها والقوة في الشخصية استطاع بعد استقالة حكومه فرج بن غانم ان يمرر حزمة من القرارات التقشفية والتي حملت في طياتها الأسعار وحزمة من الاصلاحات الاقتصاديو من تحت قبة البرلمان و التي وصفت بالقاسية على كاهل المواطن والخاصة برفع الدعم الحكومي على أنواع وأصناف القمح والحبوب وان القمح الأبيض الفاخر للنخب والمقتدرين على دفع ثمنه من الطبقات الميسورة في أوروبا وليس جميع الطبقات والسكان في مثل هذه الدول من يتناولونه كما كان دائم الاستدلال بالمواقف المختلفة.
ويعتبر الإرياني واحدًا من مهندسي السياسة في اليمن وله تأثير كبير في قيادة حزب المؤتمر الشعبي العام بعد ان تم ترشيحه من امين عام المؤتمر الشعبي العام الى النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام.
وبعد صعود الرئيس هادي للحكم وقف الإرياني الى جواره في حزب المؤتمر الشعبي العام، وانتقد اكثر من مرة جرائم الحوثي وصالح، وعرف عنه تمسكه بالمبادرة الخليجية، وهو ما دفع بصالح الذي يقود الحزب الى تجميد عضويته، وخلعه من الحزب مع الرئيس هادي.
كان له دورًا بارزًا ومحوريا في العديد من المواقف والتحولات والصراعات التي شهدتها اليمن منذ ثلاثة عقود من الزمن، وكان له دور بارز في حروب المناطق الوسطى من خلال اتصالاته الميدانية مع الوجاهات والمشائخ في تلك المناطق لاحلال السلام الداخلي والبدء بعمليات البناء والتنمية من خلال اتصالاته التوجيهية وكذلك أدواره البارزة والمساهمة في الاعداد لمسودات الوحدة والمساهمة ضمن كوادر وقيادات الحزب في اعادة اللحمة اليمنية والوطنية للتوحد.
تمزيّز بمواقفه الحازمة على الصعيد الأممي والدولي الخاصة باليمن، بخاصة عندما كان ممثل ومبعوث اليمن أمام مجلس الأمن الدولي حيث استطاع اقناع مجلس الأمن الدولي بتأجيل وبعدم إصدار أي قرارت قوية من شأنها إيقاف رحى الحرب و المعارك التي كانت تدور بين قوات شمال اليمن وبعض قوى الانفصال من الجنوب في حرب صيف 1994 و بعد اعلان الرئيس علي سالم البيض الانفصال وإصدرا مجلس الأمن في حينها قراريين رقم 924 و 931 لعام 1994 م اكتفى فيهما بالتعبير عن قلقه بسبب المعارك الدائرة و بدعوة جميع الأطراف إلى وقف القتال، والعودة الى طاولة الحوار والمفاوضات حتى واستطاعت بذلك القوى التي تقاتل من أجل بقاء الوحدة كسب مزيد من الوقت لتحقيق الانتصار.
كما ساهم مع حكومته في حل أزمة جزر حنيش اليمنية التي تم احتلالها من قبل القوات الإريتيرية والتي كان للاتجاه الى التحكيم الدولي لحل المشكلة والدخول في النزاع القانوني الذي أفضى لقرار محكمة العدل الدولية إلى إصدار أحقية اليمن وتبعيتها وملكيتها للأرخبيل الواقع في البحر الأحمر غرب اليمن.
من أهم أعمال عبد الكريم الإرياني
أُطلق لقب “آخر حكماء اليمن” على عبد الكريم الإرياني، ويعود السبب في هذا الوصف إلى الموقف الذي أداه في عدة مواقف ونزاعات عاشتها اليمن خلال ثلاثة عقود وكان منها توقيعه في 24 ديسمبر 2013م كان من أول الموقعين على وثيقة حل القضية الجنوبية رغم معارضة قيادة حزب المؤتمر الشعبي العام وبعض أعضائه الشديدة لبعض بنود الوثيقة وكان هو ممثل بارز لحزب المؤتمر الشعبي العام في مؤتمر الحوار الوطني ولقي حينها انتقادًا واسعًا من قبل قيادة حزب المؤتمر ومن قبل العديد من اعضائه.
كان آخر منصب شغله عبد الكريم الأرياني هو منصب رئيس الوزراء في اليمن وكان ذلك في التاسع والعشرين من شهر نيسان/ أبريل عام 1998، وبقي في هذا المنصب مدة أربع سنوات، وانتهت خدمته في واحد وثلاثين من شهر آذار/مارس من سنة 2001م.
اخر المناصب التي تقلدها في فترة ما بعد ثورة 11 شباط/ فبراير في 7 أيار/مايو 2012 عينه الرئيس عبد ربه منصور هادي مستشارا له وفي 18 آذار/مارس 2013م عٌين نائبًا لرئيس مؤتمر الحوار الوطني.
وفاة الأرياني:
بعد ثورة ١٢ أيلول/ سبتمبر وحكم الرئيس عبدربه منصور هادي وسيطرة انصار الله على العاصمو صنعاء وانتقال الحكومة الى العاصمة الموقتة عدن وقيام عاصفة الحزم بمحاولة إعادة شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي ضد انصار الله الذين قادوا ثورة ١٢من سبتمبر ونزوح الكثير من القيادات إلى عدن ثم إلى الرياض التي باتت مع الكثير من دول الخليج والدول العربية مستقرًا للكثير من القيادات والسياسيين ولإدارة ماتبقى من المحافظات التي لم يستطع انصار الله السيطرة عليها وظلت تحت حكم الشرعية .
أصيب الدكتور بد الكريم بجلطة دماغية في وقت سابق لوفاته، وصارع المرض لفترة وجيزة وفي مساء يوم الأحد الموافق الثامن من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2015م انتقل الأرياني إلى جوار ربه وهو على سرير المرض في إحدى مستشفيات العاصمة الألمانية، فرانكفورت، وذلك عقب خضوعه لعملية جراحية في الرأس، رحم الله الأرياني ومن سبقوة الى لقاء ربهم من الرعيل الأول من الوطنيين والأحرار.