التجربة العراقية : ديمقراطية كسر الإرادات عبر الشارع | بقلم علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
ماقلته سابقًا أكرره “إن التجربة العراقية فيما يسمى بالديمقراطية تجربة خاصة تكاد لا تشبهها أي تجربة في العالم”.
وكل المفردات والمصطلحات الخاصة بالديمقراطية لايؤمن بها السياسيون إلا إذا كانت موافقة لطموحهم وملبية لرغباتهم، وكذلك الحال في موقفهم من الدستور الذي صوت له الشعب وأصبح المظلة القانونية للنظام السياسي في العراق بعد 2003، ولهذا نجد الأزمات والصراعات تتجلى في كل انتخابات ،وبعد إعلان النتائج ولم تخلو أي عملية انتخابية من الاتهامات بالتزوير،وعدم رضا الأطراف جميعها الفائزة وغيرها على النتائج.
وأغلب المعترضين قد لا يستوعب القانون الانتخابي وطريقة توزيع الاصوات وعملية احتساب النتائج ،وكثيرًا ما تظهر النتائج خلاف المراقبين للكيانات السياسية.
وكثيرًا من الاحزاب تفتقد الخبرة في التعامل من الأنظمة الانتخابية خلال الدورات السابقة، وتكتفي الاحزاب والكتل بالماكنة الانتخابية التي تقتصر على الدعاية للمرشح والقائمة بالطريقة الكلاسيكية المعروفة، ولا تجد تثقيفًا وتوضيحا للقانون الإنتخابي ولا أُغالي إن ذكرت هنا إنَّ بعض المرشحين لم يدرس القانون الانتخابي جيدًا.
باستثناء الكتلة الصدرية باختلاف مسمياتها في الدورات الانتخابية فإنها تركز في القانون الانتخابي وثغراته لتستفيد منه استفادة قصوى ولهذا كانت التعاليم الصادرة للناخبين والمرشحين وفق القانون الانتخابي لكل دورة انتخابية، اضافة لمؤيديها داخل المفوضية.
وكما ذكرت سابقًا فإن الانتخابات هي المفردة الوحيدة التي تتمسك بها الاحزاب من العملية الديمقراطية ،وتترك وتتناسى بقية المفردات، أو يتم ذكرها حسب الحاجة.
ونتائج الانتخابات الاخيرة كانت صادمة للكل حتى التيار الصدري الفائز الذي توقع أن يحصل على مقاعد أكثر من التي حصل عليها، ولكنه مضى ولم يعترض لأنه اعتقد بأنه سيمضي في تطبيق رؤيته لحكم العراق وتغيير الواقع السياسي لصالحه!.
ولكن اصطدم هذه المرة بتحول الإطار الى جبهة سياسية مناوئة لما أسمته انتزاع لحق الأغلبية من تسمية رئيس الوزراء، والانقضاض على حقوق جماهيرها،ونجح في ذلك الى حد ما بتعطيل جلسات البرلمان بعدم حضور اعضائه ، وكذلك بعض المتحالفين معه من الكتل الاخرى.
مما عبر عنه بالانسداد السياسي، فطلب السيد الصدر من أعضاء التيار تقديم استقالاتهم من البرلمان، ليعود الى الشارع كما كان متوقعًا.
واستبق الصدر الاحداث بعد تسمية الاطار مرشحه لرئاسة الوزراء باقتحام البرلمان من قبل انصاره لتتعطل الحياة البرلمانية.
وظن الصدر أنه الوحيد القادر على تحريك الشارع ولكن الاطار فاجئه بأن الامر لم يعد مقتصرًا عليه .
فهل استطاع الإطار أنْ يسحبَ البساط من تحت أقدام الصدر أم لا؟
هذا ما سنراه في الأيام المقبلة، ولكن المتتبع يرى أنَّ العناد والتعنت هو سيد الموقف.
وبعد فشل كسر الارادات عبر الشارع لابد للطرفين من اللجوء الى حل وسط فالكل متفق إن الانتخابات الماضية شابها الكثير من الغموض واثير حولها اللغط واتهم الخاسرون الحكومة والمفوضية بالتزوير، وبعضهم ربط حول وجود أجندة خارجية بتغيير الخارطة السياسية في العراق.
بعد فشل كير الارادة لابد من اللقاء في منتصف الطريق واولها الاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة وهو ما دعى اليه السيد مقتدى كما رحب بذلك أعضاء من الاطار ولكنهم لايرون ان يتم ذلك من خارج المؤسسات الدستورية بل من خلالها ،وأهمها البرلمان من خلال انعقاد جلسته وتقرير ذلك، لكن الاطار يشترط أمرين أو يرى أمرين لذلك اولها تشكيل حكومة جديدة تهيء لهذه الانتخابات بعد اخفاق الحكومة في اقناع جميع الاطراف بحياديتها في الانتخابات الماضية ولم تستطع حماية العملية الانتخابية، وتعديل أو إقرار قانون انتخابي جديد، بعد أن كانت فقرات ومواد القانون الحالي لصالح كتل كتبته واقترحته برغبتها وتم تمريره في البرلمان السابق، إضافة لتغيير المفوضية ،وهذه الامور لن تحدث بليلة أو ضحاها وبحاجة الى مدة تصل الى نصف السنة على الاقل.
وصراع التيار والاطار والكتلتين الكرديتين إضافة الى صراع الأحزاب السنية لا يهم المواطن إلا إذا انتج شيئا يرفع عن كاهله تردي الأوضاع الاقتصادية والخدماتية، وهذا هو ما يعيد إرادته الضائعة.