العراق : بعد تردي الخطاب الإنتخابي ماذا سنرى بعد الإنتخابات؟ | بقلم علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
كنت أود أن أكتب عن تردي الخطاب الإنتخابي الذي وصل الى مستوى القذف بعبارات سوقية في عملية تغلبت فيها لغة الشارع على لغة النخب، ولكني عدلت عن ذلك لتسارع الأحداث.
لقد تلاشتْ النخبةُ لتمتهنَ ما يريده الشارع وعلى قول المثل الشعبي المصري “الجمهور عاوز كده” ولكنني رأيت إنغماسًا بالانحدار لما يريده الشارع فأضحى التهريج والتسقيط الأخلاقي السمة البارزة لهذه المرحلة التي أرادها بعضهم أن تكون انتقالة نوعية، وتحولا في مسار الدولة العراقية بعد التغيير، كان لهذا الإنحدار مؤشر خطير بأن ماطفح ليكون نخبة لم يكن إلا ذلك الزبد الذي يطفو على السطح من جراء الغليان .
وبعد النتائج الأولية للإنتخابات البرلمانية الحالية التي لم تنتج أغلبية ساحقة أو أغلبية مريحة تمكن هذا الفريق أو ذاك من تشكيل حكومة تختار فيها تحالفها مع الشركاء الاخرين بأريحية بل ستدفعها إلى تقديم الكثير من (المحفزات) لإتمام الصفقات في إنتاج حكومة توافقية ..
وكما هو معلوم فإن الحكومات التوافقية تكون غير منتجة في البلدان المستقرة فكيف بالأمرِ في بلدٍ مثل العراق بظروفه المعروفة اجتماعيًا وسياسيًا.
ولن تكون هناك حكومة أغلبية في العراق بلحاظ نتيجة الإنتخابات، وسيبقى الأداءُ الحكومي خاضعًا إلى التحاصصِ والترضية لهذا وذاك، وستوزع المناصب خد وعين (على حد قول العراقي في ارضاء الكل) وتبقى طريقة الإخراج مختلفة من حكومة الى أُخرى.
ومن وجهة نظر تحليلية ولا أزيد على هذه المفردة، فإن هذا الوضع هو قرار دولي إقليمي توافقي منذ سقوط صدام …
لا الدول المجاورة ولا الولايات المتحدة ولا بريطانيا تريد للعراق أن يعود دولة يسمونها مركزية قوية وبالأحرى لا يريدون حكومة منتجة …
وفي هذه الانتخابات كان التيار لصدري ينادي بالأغلبية وبـ 100مقعد ، وقانون إنتخابات مفصّل على المناطق بطريقة يفوز بها باريحية كاملة، إلا أن النتيجة لم تصل إلى 80 مقعدًا.
لأن اصدقاء التيار من الخارج لا يريدون لأي أغلبية أن تعيد رسم حكومة قوية -بغض النظر عن تأييدي من عدمه – ترسم شكل الدولة العراقية (لا لحكومة تعيد المسار العراقي ) !!!.
ولهذا عندما عادت السيطرة على كركوك في عهد الرئيس العبادي ، وفشل الاستفتاء قالوا لمسعود انتظر .
وفعلاً انتظر الرجل وإذا بهم يوعدوه بكركوك وتعاد له الأموال (له ولحزبه) دون معارضة من أحد وأقصدُ بالمعارضة تلك التي تمنع هذا الهدر للمال العام وليس معارضة إعلامية لن يكون من ورائها إلا النجومية التلفزيونية ونجومية مواقع التواصل الاجتماعي.
ولا أريد أن أكتب في تفاصيل هذا الموضوع ونوع الاتفاقات التي اشترك فيها معظم الأطراف للاشتراك في (الذبح ) لهذه الصحوة.
وبعد نتائج الإنتخابات الأولية التي لن تتغير إلّا شكلاً بزيادة مقاعد هذه الكتلة أو تلك ليبقى التسلسل الذي أُعلن عنه هو الماضي.
ولكن لن تخرج معادلة تسمية أو تكليف رئيس الوزراء عن المعادلات السابقة حيث المؤثران الأبرز هما النجف وطهران، ثم اللاعب الدولي الذي انشطر ولكنه سيحسم أمره بأن يتعامل مع ما موجود على الأرض وما تبرزه المعادلة الشيعية، وكلامي هذا لاينفي وجود أطراف عراقية وطنية لكنها لازالت مكبلة بأمور عديدة، ومنها الانتخابات التي يراد لها أنْ تكون على هذا الشكل الرابح يفرح بها موقتًا والخاسر قد يضحك بعدها حينما تنهال عليه المناصب للترضية لامضاء تشكيل الحكومة.
سيأخذ الجدل وقتًا وستأخذ المناوشات والتهديدات حيزًا في وعي المواطن المبتلى الذي لم يعد همه أكثر من حياة بسيطة تؤمن له لقمة العيش ،ولم يعد يفكر أو يطمح بالعيش الرغيد الأمن منذ انقلاب البعث في 1968حتى يومنا هذا …
ثم تهدأ الأمور لتعلن ولادة حكومة توافقية وإن لم يشترك فيها الكل .