العراق : وزير للمالية أم محلل إقتصادي ؟ | كتب علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
أطل علينا وزير المال العراقي علي علاوي مرة أُخرى في نظرة تحليلة تشاؤمية في مؤتمر دعي له مع بقية الوزراء ..
ومنذ سنة أو اكثر لم نجد من هذه الوزارة حلولا حقيقية ،بل اعتمدت على أسهل الحلول وهو رفع سعر الصرف للدولار الامريكي مقابل الدينار العراقي ليكون المواطن هو الضحية وتعمل الحكومة على توفير المبالغ في هذه الحالة ..
كان الاولى بالوزير أن يقدم حلولًا أو يحل بعضها في فترة ولايته التي كانت له اليد الطولى في رسم السياسة الاقتصادية والمالية ونراه يتحدث عن المشاكل وكأنه محلل مالي او اقتصادي وخبير فيها كما يحاول دائما أن يشير الى هذه النقطة في أحاديثه ..
لقد طرحت هذه الحكومة أنها (حكومة أفعال لا أقوال) كما صرح رئيس الوزراء في اولى مؤتمراته الاعلامية واضاف أن (العراق بلا اقتصاد ) او (بلا سياسة اقتصادية )..
واليوم نتساءل بعد مضي هذه الفترة هل كانت هناك سياسة اقتصادية ومالية واضحة للحكومة ،هل تبنت الحكومة خطة ستراتيجية ومضت عليها ،لا أُريد أن أكون ناقدًا فقط ،لكنني كمواطن لم ألمس أي سياسية مالية اقتصادية تؤسس لمشروع لا طويل الأمد ولا قصير بل زاد الطين بلة كما يقول المثل الشعبي وأُكرر أن المواطن هو الضحية وتحمل العبء الاكبر من عشوائية وتخبط وزارة المال.
من الملاحظ أن كل وزير أو كل مسؤول إن لم تكن له رؤية في الحل وفي القيادة والادارة فسيكون جزء من المشكلة وليس حلًا لها والوزير علاوي كان جزءً من المشكلة ..
وكان الأجدر به أن لا يعادي شريحة الموظفين والمتقاعدين ،وهو سيكون منهم بعد انتهاء ولايته وسيطالب براتبه التقاعدي وكان الاجدر به أن يقدم رؤية واضحة للحكومة بالتقليل من الانفاق العام ،وأن يمتنع عن التوظيف الجديد إن كان جادًا فيما قاله عن نسب الموظفين والمتقاعدين بدلا من التحدث عنها في الأجواء العامة ..
ولا أدري ما هي نوع المسؤولية التي يتحملها وزير المال وغيره من الوزراء حينما يكشفون بصورة مجانية عن معلومات استراتيجية للبلد أمام الملأ، وهذا ما يحصل في العراق فقط في غياب روح المسؤولية، ونرى المسؤول يتحول الى محلل ليقوم بشرح اسباب (التخبط ) واسباب(التلكوء) الاداري وكأنه خارج المنظومة الحكومية.
لم نر من وزير المال كيف وازن بين الموازنة المالية وارتفاع أسعار النفط ،
لقد كانت حلوله سوداء في ورقته البيضاء التي كانت شعارًا للمعالجة الاقتصادية التي تبنتها الحكومة …
وإني ألاحظ أن المسؤول في العراق منذ التغيير وحتى يومنا هذا يقدم معلومات مجانية ويكشف عن أسرار بلده بحجة الشفافية او الديمقراطية وتأخذه المؤتمرات العلنية فيبدأ بالتصريح وكأنه يريد البراءة من دم (يوسف)، فيبدأ بالتباكي ويظهر لنا تاريخه المجيد في محاولة لتناسي تاريخه الحديث في موقع المسؤولية التي أضاعها بفساده أو بخضوعه لهذه الكتلة السياسية أو لتلك الشخصية المؤثرة لضمان مستقبله السياسي ..
تصريحات وزير المال وغيره هي تصريحات طاردة للمستثمرين ،وورقة ضغط بيد من يريد فرض شروطه على العراق في الشراكة الاقتصادية والسياسية في المستقبل .
لم يعد المواطن ليثق بأي تصريحات من هذا القبيل بل يزداد نقمة وأسفًا أن تصدى مثل هؤلاء المسؤولين ليأزموا واقعنا ومستقبلنا ويكون مجهولا باقرارهم على ذلك ..
هذه المؤتمرات لهؤلاء المسؤولين تزرع في عقل المواطن التشاؤم وتدفعه الى اليأس ،وهو يعيش البؤس في محطات حياته المتعاقبة …