إقرار الموازنة مَنْ الخاسر مَنْ الفائز ؟ |شرعنة سرقة المال العام | كتب علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
كان المشهد ينذر بقطيعة سياسية بين كتلتي الفتح وسائرون سببها فقرات الموازنة والخلاف الذي برز للجمهور بسب إبقاء سعر صرف الدينار العراقي على السعر الذي فرضته الحكومة مقابل سعر الصرف القديم .
أذكر هاتين الكتلتين لأنهما المسؤولتان عن تشكيل حكومة عبدالمهدي ،وهذه الحكومة.
ويبدو أن الاتفاق جرى في الساعات الاخيرة على إقرار الموازنة .
وهذا الامر هو المعتاد بعد التغيير في 2003 حيث يتم الاتفاق في الوقت الضائع ويخرج القرار للجمهور بصورة مفاجئة بالرغم من الجدال الذي يصل حد النزاع كما هو الأمر عندما تطبخ أكلة معينة حيث تغلي المواد وتظن أنها ستخرج من القدر المخصص لها ولكن الطبخة تستقر بمجرد تخفيض درجة الحرارة ،وكلما غلت المواد كانت الطبخة اطيب وأشهى !.
وهذا ما جرى ويجري لنا منذ تسمية أول حكومة عراقية بعد التغيير الكبير في 2003.
ويبدو أنَّ الأُمور لم تختلف عن هذا السياق منذ أن وصلت مسودة الموازنة من قبل الحكومة الى البرلمان التي أسميتُها (شرعنة سرقة المال العام)
وقد أقام بعض النواب الدنيا ولم يقعدها وفي النهاية حضر جلسة التصويت ليكمل النصاب وتمضي الموازنة .
فرئيس البرلمان ليس بحاجة الى رفع الايادي بالقبول أو الرفض ،إنما حاجته للنواب تكمن في إكمال النصاب القانوني للجلسات البرلمانية لإقرار القانون الذي يريد إقراره وهو ما جرى في قانون الموازنة ..
مع ملاحظة أنها المرة الأُولى التي يناقش فيها البرلمانيون الموازنة بهذه العقلية وهو وعي متقدم لهم يختلف عن التعاطي مع الموازانات السابقة التي كانت تقدمها الحكومات حيث يجري في حينها التفاهم مع رئيس اللجنة المالية ورئاسة البرلمان والحكومة ،ويتم تقديم قانون الموازنة بالرغم من أن الكثير من السنوات المالية الماضية لم يتم إغلاق حساباتها وبقيت بعضها حتى هذه اللحظة بدون حسابات ختامية وهو أمر يكاد ينفرد به العراق .
وبالرغم من الحالة الصحية التي تمتع بها البرلمانيون في نقاش فقرات الموازنة إلا أنهم لم يكن لديهم الوعي السياسي والأمني بسبب تسريب مواد وفقرات الموازنة للملأ التي يكمن أن تضر بالأمن القومي للعراق .
إن مواد الموازنة المُقَرة تعتبر أخطر موازنة في تاريخ العراق لما فيها من قوانين ملغومة ،حيث ركز بعضهم على سعر الصرف للدينار العراقي وترك بقية المواد تغافلاً أو جهلاً بها ،وإن لم نحسن الظن وهذا ما ينبغي أن نكون عليه في مثل هذه الاجواء الموبوءة فإن ماحصل هو صرف ٌ للنظر عن بقية المواد التي تمثل رهناً للعراق وأُصوله المالية .
وفي النهاية إن إعتبر بعض البرلمانيين إقرار الموازنة بهذه الطريقة نصرٌ فلايمكن للبرلماني أن يسجل نصرا على المواطن البسيط الذي تضرر من تخفيض سعر الدينار العراقي ،وما سيلحقه من ضرر مستقبلي بسبب مواد هذه الموازنة التي تخلت عن حقوقه في استعادة الاموال المهربة من نفط العراق من قبل سياسي الاقليم .
وإن حاول بعضهم ايهام الناس بأنه قرارٌ وطني فليراجع شروط البنك الدولي على العراق فيما يتعلق بمنحه القروض .
وإن حاول بعضهم ربط السعر الحالي بأنه ايقاف للتقليل من تهريب الدولار خارج العراق فهو واهم أو لايملك أدنى درجات الوعي الاقتصادي والسياسي في هذا المجال .
فمازالت الامور تجري على قدمٍ وساق ومزاد العملة كما هو ،وارتفعت أسعار السلع بما يعادل سعر الدولار في السوق والمتضرر هو المواطن البسيط الذي وجد عملته قد تم خصم مايعادل 15/20%من قيمتها .
الرابح الاكبر في إقرار الموازنة هو الحكومة التي تبيع النفط بالدولار وتسلم الموظف راتباً بالدينار العراقي وفق السعر الذي أقرته.
واقرار الموازنة بهذه الطريقة وبموادها وفر للحكومة غطاءً تحالفيا كبيراً فرضى الكتل الكردية بما حققته لهم الموازنة وانهاء مطالبات الحكومات السابقة للاموال التي في ذمة الاقليم ونعتبرها قدذهبت في خبر كان .
التيار الصدري إعتبر نفسه منتصرا بعد أن وجد نفسه مدافعا عن سياسية الحكومة المالية لانها تمثل نجاحا لمحافظ البنك المركزي العراقي ولوزير المالية (المتقَرِب) من التيار لضمان مستقبل سياسي اخر .
والحلبوسي الذي أدرج (المفقودين) وضمن لهم الفوائد المالية بما تسمى رواتباً تقاعدية في الموازنة وستكون ثابتة في الموازنات القادمة لتختلط الامور في التطبيق ولايمكن التفريق بين المفقود فعلا وبين ذلك الملتحق بداعش وغيرها من المنظمات الارهابية !.
وهي تضيف على الدولة أعباء مالية أُخرى وافقت الحكومة على هذه الفقرة لتمشية المواد الاخرى التي تضمن انسيابة عملها على حساب المواطن البسيط .
أما كتلة الفتح فأرادت أن تسجل نصرا معنوياً بادراج بعض الفقرات التي لاتسمن ولاتغني من جوع ،وتمثل الافق الضيق في التعامل مع القضايا الكبرى التي تمس مستقبل المواطن العراقي وسيادته وأمنه الاقتصادي والمالي ..
إن إقرار هذه الموازنة يمثل منعطفاً كبيراً في مستقبل المواطن العراقي الذي سيجد أُصوله المالية قد رُهنت وأن أبناءه سيولدون مدينون للشركات الكبرى .
وسيكون مستقبل العراق مرهون للمال السياسي الفاسد
شرعنة سرقة المال العام
هذا ما وجدته في أبواب الصرف في الموازنة التي قدمتها الحكومة العراقية للبرلمان .
لقد ذكرني التقرير برجل الاعمال المتحايل الذي يحاول اخفاء سرقاته أو إخفاء ربحه غير الشرعي فيضع في تقرير الى مصلحة الضرائب أرقاما مالية لنفقات لايجد فيها الرقيب الضريبي أي ثغرة لمحاسبته عليها..
موازنة الحكومة لهذا العام فيها ثغرات كثيرة ،وصرفياتها غير مبررة ،وإن كانت تحاول الحكومة أن تقنن المصروفات فكان عليها أن تقلل من المصروفات الكمالية ومن الانفاق الحكومي ،وما نجده في الانفاق الحكومي في الموازنة نوعاً من الاستهتار بأموال الشعب ،وهدرا له .
الحكومة اتجهت الى خفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار كحل أسهل في مواجهة الازمة الاقتصادية ،ولم نر حلولا للازمة في هذه الموازنة ،بل حاولت أن تتلاعب بسعر برميل النفط لمصاريف اخرى مخفية دون حسيب ورقيب .
ولم أجد في هذه الموازنة ما يلامس الواقع المعيشي للمواطن البسيط ،لقد اتجهت الحكومة في تفضيل مصالحها على مصلحة المواطن ،وفصل أعضاؤها الموازنة وفق مآربهم الخاصة بعيداً عن مصالح الفقراء والطبقات المتوسطة.
موازنة فكر كاتبوها بالربح السريع على حساب المواطن البسيط،وبهذا تكون هذه الحكومة سارقة بطريقة تشرعن فيها هذه اليرقة من خلال قانون الموازنة .
عندما يفكر رجل الاعمال بالغش والخداع ستنقلب الطاولة عليه حتما وسيجد الرقيب بين اسطر تقريره المالي ما يدع للشك والريبة .
هذه الحكومة لاتختلف عن رجل الاعمال الغشاش الذي لايفكر الا بجني الارباح ولكنها وقعت في المطب بأكثر من نقطة في موازنتها الحالية المقدمة الى البرلمان التي تُعد فضيحة اذا ما قورنت بالموازنات التي قدمتها الحكومتين السابقتين ..
والمفارق ان رئيس الوزراء الحالي طالما يحاول إسقاط التهم على من سبقوه ودون أن يجد للعراقيين حلا .
ولم يجد العراقيون في أدائه أي مؤشر للنجاح بل جعلهم يترحمون على الحكومات السابقة جميعها دون استثناء ولسان حالهم
(اللي شاف الموت يرضى بالسخونة )
فالكاظمي متجه الى المجهول تخبط أمني إقتصادي وسياسي لامثيل له في الحكومات السابقة ،فوضوية في كل الاتجاهات
من يرضى عن الكاظمي هم الجهات التي لاتريد للعراق أن يعود دولة قوية ،وأن لايتعافى أبداً ،وهذا الرجل يكرس مرض الدولة العراقية !!!.