من بغداد إلى بيروت: أزمات عميقة والدولة هي الحل | كتب قاسم قصير
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
ترجع إلى بيروت بعد زيارة قصيرة لبغداد لحضور ملتقى الرافدين حول “العالم يتغيّر”، ويبقى قلبك هناك في العاصمة العراقية لأنّ العراقيين ومعهم أنفاس العالم ينتظرون في الأوّل من تشرين الأوّل عودة التظاهرات الشعبية، وقد بدأت تباشيرها القويّة أمس، مع أنّنا عشنا خلال وجودنا في بغداد بعض أجواء التوتّرات السياسية والشعبية والأمنيّة، إثر انطلاق تظاهرات التيار الصدري المعارضة في خلال انعقاد اجتماع مجلس النواب، ثمّ إطلاق عدد من صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء حيث مقرّ المجلس النيابي وفندق الرشيد حيث يُعقد ملتقى الرافدين، وإصابة عدد من أفراد قوى الأمن بجراح وتوقّف أعمال مجلس النواب، لكنّ ملتقى الرافدين استمرّ في أعماله حتى الاختتام، وناقش مشاكل العراق وهمومه، إضافة إلى مشاكل العالم العربي والإسلامي وأوضاع العالم المتغيّر، بحضور حوالي ألفَيْ مشارك ومشاركة من العراق والعالم.
شكوى العراقيين
في الأيام القليلة التي قضيناها في العراق، سواء لحضور ملتقى الرافدين أو للتجوّل في الأسواق واللقاء مع المواطنين العراقيين أو لزيارة بعض الأماكن المقدّسة، كنّا نستمع لمشاكل وهموم ومخاوف العراقيين السياسية والأمنيّة والاجتماعية والاقتصادية، وهي تشبه إلى حدّ بعيد هموم ومشاكل اللبنانيين، مع وجود فارق أساسيّ هو تمتّع العراق بثروات نفطية وإمكانات اقتصادية ومالية ومائية وسياحية ودينية كبيرة جدّاً، لكنّ الفساد وسوء الإدارة والخلافات السياسية وتحوّل العراق إلى ساحة للصراعات الخارجية أدّت إلى إهدار الثروات وتراجع التنمية وعدم تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين، حيث يضطرّ العراق إلى شراء الكهرباء من دول الجوار وممارسة التقنين الكهربائي.
يشكو العراقيون من الأوضاع القائمة اليوم بصراحة وعلانية ومن دون خوف أو وجل، ومعظمهم يحمّلون الطبقة السياسية والأحزاب العراقية مسؤولية تدهور الأوضاع، ويوجّهون الاتّهامات إلى الدول المجاورة للعراق بسبب تدخّلاتها في الشؤون العراقية الداخلية التي حوّلت العراق إلى ساحة للتنافس الخارجي. وأمّا بشأن الحلول فهناك خلاف بين العراقيين، فالبعض يطالب بحكم ديكتاتوري جديد أو ما يشبه حكم صدام حسين وإن كانوا لا يريدون عودة حزب البعث، لكنّ الديكتاتور الواحد أفضل من ديكتاتوريّات صغيرة وفاسدة، وفق رأيهم، والبعض يدعم ما يقوم به السيّد مقتدى الصدر والمجموعات الشبابية الثائرة ويعتبر أنّ التيار الصدري يمثّل الحالة العراقية الوطنية في وجه التدخّلات الخارجية، لكنّ عراقيين آخرين يعتبرون أنّ التيار الصدري غارق أيضاً في الفساد ويأخذ البلاد إلى الفوضى، وأنّه ليس لديه مشروع للحلّ ويرفض الحوار.
الديكتاتوريات والفساد
مناقشة المواطنين العراقيين العاديّين أو الاستماع لمداخلات القادة العراقيين ومسؤولي الأحزاب السياسية والنخب العراقية خلال أعمال ملتقى الرافدين يوصل المراقب إلى الاستنتاج أنّ الأزمة العراقية السياسية عميقة جدّاً والحلول ليست سهلة، وأنّ المطلوب مراجعة شاملة لكلّ التجربة السياسية منذ سقوط نظام صدام حسين إلى اليوم، وأنّ هناك حاجة إلى مشروع وطني جديد يرفع شعار الدولة الوطنيّة القويّة القادرة على مواجهة التحدّيات المختلفة الداخلية والخارجية، وإعادة بناء الهويّة الوطنية الجامعة التي تتمكّن من تجاوز الهويّات الطائفية والمذهبية والقومية والعرقية، وأنّ هناك مشاريع حلول عديدة تقدّمها مؤسّسات المجتمع المدني التي شكّلت تحالفاً كبيراً وتنشط بقوّة في العراق، وأنّ القيادات السياسية تحاول البحث عن حلول وتدعو إلى الحوار والتفاهم، لكن للأسف فإنّ صوت الصراع ورفض الحوار يتقدّم بحجج مختلفة، والكلّ ينتظر ما سيقوله التيار الصدري والسيد مقتدى الصدر وأنصاره ومَن يتعاون معه.
تترك العراق وبغداد على فوهة بركان والعراقيون خائفون من القادم، خصوصاً أنّ التظاهرات الشعبية قد بدأت والمخاوف الأمنيّة كبيرة جدّاً، فهل نشهد حلولاً لهذه الأزمة أم الانفجار الكبير قادم وسيكون العراق أمام مخاطر كبيرة؟
الى السيد الكاتب قاسم قصير :-
يبدو أنك قابلت فئة معينة من الناس ولهذا نقلت وجهة نظر واحدة فقط ،
وحقيقة تفاجئت من ذلك وأنا أُتابع كتاباتك منذ اكثر من ثلاثة عقود واعتبرك موضوعيا في مناقشة الحالات التي تتعرض لها سيما فيما يتعلق بالحركات الاسلامية .أرجو أن تكون ملاحظتي مقبولة لديك ،لان الموضوعية تتطلب عرض جميع وجهات النظر فيما يتعلق بالنظام السياسي وبالتظاهرات التي انتهت وبان حجمها الحقيقي ،
تحياتي علي الهماشي