نحو مقاربات جديدة لارهاصات المجتمع العراقي. | علي الهماشي
للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
لاشك إن انهيار النظام السياسي الديكتاتوري في العراقي في عام 2003ادى الى تحولات عديدة في المجتمع العراقي بعضهم يسميها عوامل تفكك للمجتمع مستندا الى نظريات علم الاجتماع او كما قال المرحوم الوردي في كتابه تاريخ العراق الحديث الجزء الثاني حينما قال(( المجتمع في حقيقته ليس سوى مجموعة من العادات التي يتمسك بها افراد يتعصبون لها،فإذا استهان الأفراد بهذه العادات وصاروا يتقبلون كل شيءٍ جديد يأتي اليهم ادى ذلك الى تفكك كيانهم عاجلا ام آجلا))
وهناك عوامل عديدة اثرت على الاسرة والمجتمع قد أدت الى تفكك الاسرة وانهيار القيم او المنظومة الاخلاقية للمجتمع كما يرى بعض الكتاب او اصحاب الاختصاص في علم الاجتماع كما ذكروا هذه العوامل وافردوا لها صفحات في هذا المجال،وأعدوا دراسات أكاديمية كذلك وقد تكون لهم مبرراتهم العلمية
وربما جاءت بعض التقويمات للمجتمع جراء استقراء لبعض الحالات وهي على غرار ذاك المسافر الذي يلتقي لاناس خيرين في بلد ما فيصف جميع اهل البلد بوصف حسن وان صادف وان التقى باناس غير طيبين فتراه يشتم اهل البلد بمجرد ذكرهم امامه ويصفهم بشتى الاوصاف !!!
وهي شبيهة بحالة الاستقراء الذي يقوم به بعض الكتاب فيعمم الحالة على المجتمع كله ويطلق حكمه بانهيار المجتمع !!!.
وأنا اسميها ارهاصات التحول التي يتعرض لها أي مجتمع من المجتمعات التي تتعرض لمثل هذه العوامل ولايمكن لنا الحكم الا بعد استقرار حركة المجتمع باتجاه معين والا كان مجتمعا جامدا
وهذا ما استدركه المرحوم الوردي حينما حذر من جمود المجتمع ان بقى اسيرا لعاداته وتقاليده .
واطلق على من يعارض التغيير أو شبههم بالسدنة في نفس كتابه الذي أشرنا إليه .
فالمجتمع الحي المنفتح يمكن ان يتجدد بممارساته اليومية وإن السنن الكونية هي سنن التغيير والتجدد
والقران رفض الجمود ووبخ من لايريد التغيير (إنا وجدنا ءاباءنا على أُمة وإنا على اثارهم مقتدون )
وبعد ان تستقر المنظومة الفكرية والقيمية يمكننا الحكم بتفكك المجتمع او انتقاله من مرحلة الى مرحلة .
وممكن القول ان الفترة الزمنية قد طالت بعض الشيء وهذا يأتي بسبب العوامل المتغيرة التي تتداخل فيما بينها ،ولم تكن كلها باتجاه واحد .
فبعضها يخالف بعضا ولاتحدث التغيير الكلي المطلوب أو التحول المنشود في الجتمع وتستقطب بعض الافراد من شريحة معينة وقد لاتتحول الى ظواهر حقيقية .
وهذا قد يخلق تشوها في الحركة الاجتماعية لان الاحداث والهزات المفاجئة بمثابة انفجار قنبلة تؤدي الى انقلاب كيان الافراد الذين تعرضوا للانفجار .
وقد يصنع الاعلام من بعض الاحداث وكانها مسار تحول او تغيير جذري في الجتمع وفي الحقيقة ما هي إلا ظواهر بالونية تكبر وتتلاشى مع مرور الوقت او كلما كبُر حجمها تختفي بغفلة من الزمن كما هي فقاعة الصابون .
نحن بحاجة الى قراءة حركة المجتمع بطريقة موضوعية تجريدية بعيدا عن الخلفيات او الاحكام المسبقة لان اي اسقاطات يضعها الكاتب او الباحث الاجتماعي لن تكون قراءته صحيحة ولايستطيع الاكاديمي أن يؤطر بحثه ليصل الى مستوى يمكننا بعدها استنباط نظرية أو رؤية جديدة عن مجتمعنا ..
إن ما يمر به المجتمع من تحولات او ما يشهده من ارهاصات لبعض شرائحه بحاجة الى توثيق ومعالجة علمية لانها حتى هذه اللحظة لم تستقر فيه لكي نعتبرها قيم ومثل جديدة حلت محل القيم والمثل السابقة ومهما كانت المحاولات في هذا المجال لاحياء ما طرأ على المجتمع وتضخيمها وجعلها متأصلة فيه يفاجئنا مجتمعنا بالعودة الى اصوله وجذوره وكأن الضغط والضرب المتراكم يزيل عنه الصدأ الذي تعرض له !!.
ولهذا فإن محاولات الكتابة بطريقة جلد الذات او بطريقة الاتهام او الاستقراء لن تجد نفعا وممكن اعتبارها محاولات تشويهية من اجل خلق وعي مزيف سرعان ما تتكشف امام محاكاة الواقع ..
هذا لايعني اني اخفف من وطأة ماجرى او سيجري لكنني ارى ان وجود شريحة واعية قادرة على استيعاب حركات المجتمع في مثل هذه الظروف تسطيع ان تنقح الضار وتبقي ماهو متناسب مع منطومتنا القيمية : {فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض }.
وبهذا الاستعراض السريع لحركة المجتمع أرى اننا سنبقى أسرى اراء المرحوم علي الوردي رغم مرور اكثر من نصف قرن وبضع سنين عن ماكتبه عن المجتمع العراقي .
للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا