هل الإطار قادرٌ على تشكيل حكومة أم اعتاد لعبة الانتظار؟ | بقلم علي الهماشي
يبدو أنَّ الإطار ماضٍ بمساره في التفاهم مع بقية الكتل التي تمثل المكونين الرئيسين الآخرين، ولكنه مازال يحاول فتح قناة اتصال مع السيد مقتدى الصدر، الذي يمثل قلقًا للإطار فيما لو أراد إخراج أنصاره الى الشارع مرة أُخرى.
وتتناقل الأخبار أنَّ الصدر قد أغلق كل القنوات وسد كل الأبواب بوجه أعضاء الإطار بالرغم من محاولات البعض منهم طرق الأبواب حتى وقت كتابة هذا المقال، ويعتبرها بعض السياسين من الامور الجيدة أن لا ييأس السياسي في مد جسور الحوار، بينما يراها آخرون مضيعة للوقت ومحاولة لإبقاء الاوضاع كما هي.
وقد رفض الإطار مقترح وزير مقتدى الصدر بتغريدة ماضية أن يتم الابقاء على هذه الحكومة واجراء انتخابات مبكرة.
ويرى الاطاريون أنَّ هذه الحكومة قد أخفقت في تحقيق أهم ملف مطلوب منها وهو إجراء انتخابات نزيهة وعادلة، وقد ابتعدت هذه الحكومة عن الاتفاقات التي تمت بموجبها ولادتها وذهبت بملفات اُخرى !.
ويرى الإطاريون إنَّ أي انتخابات في ظل هذه الحكومة هو تكريس للأزمة وبمثابة انتحار سياسي فالمؤمن “لايلدغ من جحر مرتين “كما قيل.
إنَّ تعهد الإطار بتشكيل حكومة مهمتها الاساسية اجراء انتخابات عاجلة يعطي نوعًا من الانفراج السياسي، وإنْ لم يشترك حزب التيار الصدري في الحكومة.
أما لو اشترك السيد مقتدى الصدر في الحكومة فهذا يعطي الوضع السياسي نوعًا من الاستقرار تتطلبه عملية التحضير للانتخابات القادمة، و لمجمل الوضع السياسي العام.
ونعود للسؤال هل الإطار قادر على تشكيل حكومة دون مشاركة السيد مقتدى الصدر فيها، نظريًا يكون الجواب نعم بالموافقة على شروط أحزاب المكونين الاخرين التي تؤسس لخارطة سياسية جديدة فيما لو دققنا في نقاطها التي تم تسريبها للاعلام (إنْ صحت) وهي فرصة مواتية لهما لفرض الشروط، فالاطار ليس في الموقف الذي يسمح له برفض جميع الشروط، وعليه الإختيار بين الموافقة أو الإبقاء على الوضع كما هو عليه، ويعلن فشله السياسي و جميع الخيارات صعبة، لكن المرونة السياسية مطلوبة في قبول الشروط الممكنة وقد تكون ضرورية من أجل عبور هذه المرحلة الأصعب والأخطر على النظام السياسي التي وصلت الى مراحل أولى من الانتهاء فيما لو استمر الاقتتال أو احتل المسلحون مرافق الدولة وبغطاء الاضراب العام في البلاد في ليلة الاثنين الأسود، لكن هذه الامور انتهت في وقتها، ولا يوجد مانع من عودتها سيما وأنَّ ادواتها ومحركاتها متوفرة، وإدارتها مازالت تملك أسباب القوة من أجل تأزيم الاوضاع مرة أُخرى.
فالمرونة السياسية مطلوبة من أجل إنقاذ النظام السياسي ومنع الانقلابيين من تغيير خارطة البلد السياسية، وإن نجح الاطار في التفاهمات مع الاطراف الاخرى فهذا لايعني انتهاء الأزمة، بل هو تفكيك لبعض عقدها.
وعلى الاطار الذي تجمع ككتل تنسيقية فيما بينها أن تبدأ بوضع حلول جذرية تؤكد للمواطن أنَّ خياراته التي راهن عليها صحيحة وأن تبدأ بوضع أُسسٍ عملية لرفع معاناته، وتبتعد عن الحلول الترقيعية، وموارد العراق الطبيعية والبشرية مازالت تسمح بالنهوض ولا تحتاج الا الى إرادةٍ واعيةٍ صلبةٍ تؤمن بالبلد وبأبنائه.
وعلى الاطار أن يسعى لوضع محددات فيما يتعلق بالاصلاح المرجو من أجل سد الفجوات بين المواطن والطبقة السياسية ومن أجل قطع الطريق على المتلاعبين بمصير الشعب العراقي.
كل ما قيل أعلاه يأتي ضمن السياق الذي يكون للاطار اليد الطولى والمبادرة للعمل، ولكن بعض المراقبين يرى أنَّ الاطار قد أدمن لعبة الانتظار، ورد الفعل دون أن تكون له مبادرة تُذكر.
وهذا ما على الاطار اثباته بعد طول انتظار وبعد أن سلمت ممثل الامم المتحدة تقريرها وتجاوزنا مخاطر كثيرة، والأهم أنَّ شبهة استخدام العنف وسرقة الدولة لا تلصق بالاطار، فهو لم ينجر لهذه اللعبة وربما تكون هذه هي الحجة الاكبر فيما يُشكله البعض على عدم مبادرة الاطار لأي فعل، بل اكتفى بالعمل السياسي وهو الأمر الصحيح الذي لم تجد الاطراف الدولية حجة لاتخاذ موقف تصعيدي ضده.
وربَّ ضارة نافعة فما جرى قد أعطى درسًا حقيقيا للكل بأنَّ مصير البلد ومواطنيه كان على شفا الانهيار، ولعل هذه الأزمة كانت ومازالت أشد من تعرض العراق لهجوم داعش الإرهابية، وقد كان الحل من النجف، ولأن هذه الأزمة سياسية فقد لانرى تدخلا واضحا وصريحا من النجف حتى الان، لكن النجف مازالت ترى في النظام السياسي الحالي هو السبيل الوحيد لحفظ دماء العراقيين.