عيد بأية حال عدت يا عيد …”قراءة نقدية في الذكرى الـ٧٧ للإستقلال” كتب ربيع لطيف
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
…..قُرعت طبول الحرب مراراً ودُقت نواقيس الخطر مرات معلنة انطلاق جولات جديدة من القتال وتسطير محطات ملحمية من الصراعات الطائفية او الحزبية او العقائدية او الاقليمية التي لطالما دفع اثمانها ابناء الوطن الواحد الذين اثبتوا انهم بدون ذاكرة ، لم يتعظوا من التاريخ ولم يقتنعوا انهم وقود لمعارك الغير وذخيرة لحروب الاخرين على ارضهم….
تخلينا عن سيادتنا وعن كرامتنا تنازلنا ، تعددت ولاءاتنا واختلفت انتماءاتنا ، لاهثين كما العبيد زحفنا ، مستزلمين لهذا ومصفقين لذاك ، تلطينا بعباءة الدين وبرعاة خارجيين استقوينا على بعضنا البعض ، تقاتلنا نصرة للمذهب وتصارعنا دفاعا عن الحيتان والوحوش، بعملاء وتجار وسماسرة تقمصنا ، ذبحنا على الهوية وعلى كل شيء اختلفنا حتى على المبادئ والقيم والمفاهيم وابرزها المواطنة التي قرأها كل بقاموسه الخاص ، ففي حين رأى البعض في 10452 كلم كيانا نهائيا لا بديل له عنه كانت للبعض الاخر حسابات وقراءات تخطت التاريخ والجغرافيا وسعت الى تأسيس دولة الخلافة الممتدة من النيل الى الفرات او الوطن البديل او ولاية الفقيه او الهلال الخصيب او الكانتونات الطائفية او الوحدة العربية او الدولة العلمانية وما الى هناك من كيانات وتقسيمات وامتدادات وحسابات همها الاوحد توسيع النفوذ وخدمة المصالح.
عشرات الاعوام مرت وما تغيّرنا ، فما زلنا نصفق لهذا ونهلل لذاك من أمراء حرب وتجار مال واصحاب مشاريع تاجروا بدمائنا واحلامنا وامننا وسلامنا ، على ثيابنا اقترعوا وبلحمنا نهشوا خدمة لمصالحهم الرخيصة الضيقة ومشاريعهم المشبوهة وولاءاتهم الاستراتيجية ونهمهم الذي لم يعرف يوما شبع او ارتواء متناسين ان السلطة غير التسلّط والحكم غير التحكّم والشراكة غير الشركة والنفع العام غير المنافع الخاصة والمكتسبات.
لعقود وهم يتحكمون بنا يسمسرون على حسابنا ونحن صاغرون صامتون ، اعتادوا على سكوتنا استخفوا بعقولنا استثمروا بحقوقنا وامعنوا في تجويعنا وسرقتنا وقتلنا وتهجيرنا وعزلنا ،استغلوا النفوذ وتجاوزوا حدود السلطة ، استنهضوا العنصرية والطائفية والاستزلام وجعولها قرابينا على مذابح الحادهم وكفرهم وزندقتهم ووقودا لنيران اهدافهم ومصالحهم وصفقاتهم المشبوهة التي لم تتوقف .
قلوبهم من صخر لا تعرف الرحمة واذانهم صماء لم تأبه يوما لأوجاع شعب ولا انصتت لأصوات استغاثة….عاثوا فسادا ونهبا وتدميرا غير ابهين بوخز ضمير ولا سير عدالة ، تخطوا حدود الوكالة خرقوا القوانين ودجّنوا القضاء وسيّسوا الادارة وبكل وقاحة افرغوا المؤسسات وافلسوا الخزينة ،تطاولوا على المال العام وقفزوا فوق المحاسبة ، تناتشوا الوطن كما الذئاب تتناتش على فريسة ، افقروا الناس مستبسلين في الدفاع عن مكتسباتهم ومنافعهم وازلامهم واضعين خطوطا حمراء لهذا ومناطق محظورة لذاك وإعفاءات خاصة من هنا وعفو عام من هناك وذلك بحجة حماية السلم الاهلي والعيش المشترك ، كالقبائل فرقونا ولم يتوانو عن انشاء مزارع طائفية استباحت الحرام والحلال ممعنين في تمزيق النظام المتصدّع وترقيع الوحدة الوطنية وتعويم الديمقراطية التوافقية الفارغة من مضمونها اصلاً…
استزلموا للخارج واثبتوا انهم رعايا وليسوا مواطنين فبعضهم كان تركيا وبعضهم خليجيا وبعضهم ايرانيا وبعضهم اميركيا وبعضهم عروبيا والقلة القليلة كانت من اللبنانيين الصرف الذين يدركون معنى الوطنية والانتماء والذين للاسف لم يكن بيدهم للعلاج حيلة ولا الى التغيير وسيلة بل كانوا فاقدين للقدرة عن اجتراح الحلول واستئصال العلل وعجزوا عن اقتلاع الاخطبوط المتجذر في الادارة والعصابات المتحكمة في الحكم.
كما تكونون يولى عليكم نعم انها الحقيقة لأن الشعب الذي ينتخب الفاسدين والقتلة ليس ضحية بل شريكا في الجريمة ، اليس هو مصدر السلطات ؟ ، منذ القدم ونحن نموت فداء عنهم وزوداً عن كراسيهم ، حفاظاً على وجوههم وكرمى لمصالحهم متناسين ان الجندي يدفع دمه ثمناًلشهرة قائده واحيانا يموت على ايدي من يقاتل لأجلهم.
جولات انقضت وجولات حضرت وفي كل مرة كنا نننفض الاوحال وننزع الخيبات منطلقين من جديد مانحين الثقة لمن لا يستحق متقوقعين في احزابنا وطوائفنا مراهنين على قتلة وسفاحين اختبرناهم وتجار دين ودنيا مللناهم وكأننا بذلك نكلّف الوباء المستشري بزمام العلاج ونتوقع من المرض المنتشر والمتفشي بأن يستأصل نفسه؟؟؟
لقد مات الالاف منا وتهجّر الالاف وقد دفعنا اثماناًلحروب لا علاقة لنا بها لامن قريب ولا من بعيد فتفرّقت العائلات وتيتّم الاطفال وترمّلت النساء وإختل التوازن وتلخبطت الديموغرافيا ، سنوات مرت وما زلنا ننتظر اليوم الذي سيطيح فيه الجوع بقصورهم والغضب باستخفافهم مراهنين ان نار الثورة الحقيقية ستلتهمهم وستتدحرج احجار عظمتهم والى مزبلة التاريخ واقفاص العدالة سيقودهم تعنتهم وتكبرهم ولكن …من دون امل.
… الرحمة على شهداء سقطوا بدم بارد وعائلات هاجرت واخرى تهجّرت وعلى وطن ذبيح يتهاوى ونظام فاشل يسقط ودستور مطاط يُنتهك وشعب كادح يرزح تحت كل انواع النكبات والاعتداءات والاحقاد والويلات ، والانكى انها في كل جولة كانت تنتهي جولات الحرب كان يتصالح القادة ويتحالف الاخصام ويتصافح الاعداء على جثث وأشلاء من روى بدمه الارض وعلى حساب الاسرى والمفقودين والمعاقين وتبقى تلك المرأة وحيدة تنتظر ابنها الشهيد ان يعود، وتلك الفتاة حبيبها الاسير ان يُحرّر واؤلائك الاطفال يترقبون والدهم المفقود ان يرجع متمتمين مرددين :
كيفَ السبيلُ لعفو عن مجازرِكُم عثتم فسادا وضاع الحق والذممُ
اين الضميرُ واين العدل في وطنٍ منكم أحنُّ على ابنائِه الصنمُ
يا من قتلتم جنيَن الحلم في غدنا الحقَ اغتصبتم وساد الظلم والالم ُ
بالله كيف سنعفو عن جرائمكم والكلُ مرتكب ٌ في راحتيه دمُ