القمة العربية الصينية مرحلة استراتيجية ومصير مشترك | بقلم عبد الحميد الكبي
تمثل القمة العربية الصينية نقلة نوعية في مسار تطور العلاقات العربية الصينية، وتحمل عددا كبيرا من الدلالات والتداعيات الاقتصادية والسياسية المهمة على الدول المشاركة.
حيث شكل انعقاد قمة (العربية الصينية للتعاون والتنمية) مرحلة استراتجية وبمثابة آلية تعاون مهمة لتطوير سُبل التبادل والخبرات بين الجانبين العربي والصيني، ومواجهة التحديات والمتغيرات الدولية الراهنة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، بما يعود بالنفع على الدول العربية والصين والعالم أجمع.
كما شكلت القمة التاريخية المهمة قوة دفع جديدة لتعزيز العلاقات العربية الصينية وتطويرها، في ظل المتغيرات الدولية الراهنة، وفرصة لتكريس العلاقات العربية الصينية التاريخية، وتعميق التعاون في جميع المجالات، وتعزيز التبادلات بين الحضارات لدى كل منها، والعمل يدًا بيد على بناء المجتمع العربي الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
حيث تشير وثائق العلاقات العربية- الصينية إلى أن الصين، ومنذ عام 1956، أسهمت في تعزيز البنية التحتية للدولة الحديثة في معظم الدول العربية (سكك حديدية، موانئ، طرق، منشآت رياضية وصحية ورياضية وصناعية وغيرها)، فيما دعمت قضايا العرب الجوهرية في المحافل الدولية وفي مقدمتها قضية العرب المركزية؛ القضية الفلسطينية.
وسيظل أهم تطور في تاريخ العلاقات هو توقيع وثيقة المنتدى العربي- الصيني في عام 2004. لقد أُعتبر توقيع هذه الوثيقة بأنه أهم تطور في العلاقات العربية الصينية في ذلك الوقت، ويشكل حدث انعقاد القمة العربية الصينية في المرحلة الحالية تعد حدثًا تاريخيًا مهمًا يعكس المستوى الرفيع الذي وصلت إليه العلاقات العربية الصينية، كما يعكس نوعًا من التضامن حتمته طبيعة الأوضاع الدولية الراهنة، فالقمة العربية الصينية الأولى تمثل نقلة نوعية في مسار تطور العلاقات العربية الصينية، وتحمل عددا كبيرا من الدلالات والتداعيات الاقتصادية والسياسية المهمة على الدول المشاركة.
وتساهم في ترسيخ بناء مرحلة استراتجية ومصير مشترك واستقطاب العديد من الفرص الواعدة والاستثمارات المشتركة التي يمكن توظيفها بين الجانبين، خاصة في مجال التكنولوجيا الرقمية والطاقة المتجددة والصناعات كثيفة العمالة ومشروعات ريادة الأعمال والتشييد والبناء.
من خلال القمة، تخطيط التعاون في المستقبل، والدفع بالارتقاء بنوعية العلاقات العربية الصينية، وبلورة مزيد من التوافق بين الجانبين في الحوكمة العالمية والتنمية والأمن والحوار الحضاري وغيرها من القضايا المهمة.
كما تعزز القمة العربية الصينية للتعاون والتنمية الشراكة الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية على الصعيد الاقتصادي والتجاري نلاحظ التزامن بين تنامي الثقة الاستراتيجية السياسية والتعاون في المجال الاقتصادي والتجاري. فقد قفز الميزان التجاري بين الجانبين من 36.7 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2004 إلى 330 مليار دولار أميركي بنهاية عام 2021 بزيادة قدرها 37%.
علمًا بأن العرب ظلوا شركاء رئيسيين للصين في مجال الطاقة (نفط وغاز)، حيث يمدون الصين بـأكثر من 50% من حاجتها من النفط والغاز المستورد من الخارج. وفي حقيقة الأمر ظلت الدول العربية ملتزمة بالشراكة في هذا القطاع الحيوي، وما تمثله الدول العربية من خلال موقعها الاستراتيجي على طريق الحرير مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها، الرئيس شي جين بينغ والتي تمثل مشروع القرن وجسر تجاري يربط بين العالم، وكانت الدول العربية من أوائل الدول التي إنضمت الى مبادرة الحزام والطريق وتوقيع اتفاقيات التعاون المشترك، بالإضافة إلى المواقف العربية الصينية في مختلف المجالات ابزرها التضامن بين الجانبين.
والتأكيد العربي على الالتزام بمبدأ الصين الواحدة، ودعمها لجهود الصين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، في ظل السياسة الخارجية الصينية تجاه الدول العربية وتاكيدها على السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة والحل السلمي للقضية الفلسطينية وما تبذله الصين تجاه تحقيق السلام والاستقرار والتنمية نحو مصير مشترك للبشرية جمعاء.
لقراءة الأجزاء الـ16 السابقة من ملف القمم العربية الصينية : اضغط هنا