خمسون لبنان والصين “الجزء الثامن والأربعون” : تعلم اللغة يؤشر إلى قوة الصين في التبادل والانفتاح… شهادة لطلاب لبنانيين
أعدتها مجموعة من طلاب قسم اللغة الصينية في الجامعة اللبنانية وحررها كل من ايلي ملّاح، ايليت بطرس وسيّدة سعادة
لم نكن نعلم مطلقًا أننا سنجد أنفسنا في يوم من الأيام ندرس اللغة الصينية كإختصاصٍ، لطالما كانت الصين محطة نتفاداها ونحن صغار نتيجة الأخبار التي كنا نسمعها عنها، ولكن كانت لا تزال أشبه بالدولة الغامضة التي يُعرف عنها القليل فقط. كطلاب سنة أولى في هذا الإختصاص لم يكن في بالنا الكثير من التوقعات، ومعظمنا أكمل دراسة هذا الإختصاص بحجة “عدم ضياع سنة”. فكانت التجربة الصينية لمعظمنا بمثل مقامرة كان باستطاعتنا فقط تخيّل ما يمكننا القيام به لاحقا في حياتنا المهنية من خلال هذا الإختصاص.
أوّل يوم دراسيّ لنا، تعرّفنا بمعلّمتنا الصينية التى طلبت منا ترجمة أسماءنا إلى الصينية عبر منصة “google translate” ومن ثم أخذت تتجول بيننا لتتأكد أنّ كلٍ منا نال إسم صينيّ. بعد ذلك، علّمتنا بضع عبارات بسيطة مثل: “مرحباً”، “صباح الخير”، “معلّمة”، و”ما إسمك”. ما لبثت أن أنهت شرحها حتى بدأت بحثّنا على إستخدام العبارات التي تعلّمناها مع بعضنا البعض، وكانت تقول: “فقط من خلال التكلم والسمع الكثير بإمكاننا إكتساب اللغة”. هذه العبارة الآن هي وقود حماسنا لدراسة وتنمية لغتنا الصينية.
خلال دراستنا لطالما كنا نواجه بعض التحديات بسبب غرابة اللغة الصينية بالنسبة لمنطق وقواعد اللغة العربية، ولكن كما أن الشعب الصيني متحمس لدراسة مختلف لغات العالم، هم أيضا متحمّسين جدا لتدريس لغتهم إلى الأجانب. لقد كان سائر معلمونا يبذلون جهوداً كبيرة لمساعدتنا على إستيعاب منطق اللغة الصينية. من خلال هذا الجهد العظيم أدركنا أن الدولة الصينية هي فعلاً بلاد التلاقي والإنفتاح.
إنّ اللغة الصينية هي بحد ذاتها لغة فن، من أبجديتها إلى نطقها، فيها من الرسم والموسيقى من حيث طريقة كتابة أو “رسم” الحرف ومن حيث أنها تمتلك أربع نغمات بإمكانها تغيير المعنى المطلوب. ومن ثم ننتقل إلى الأقوال والأشعار الصينية التي معظمها تمتاز إمّا بحكاية معينة أو يوجد لها معنى ثقافي، مثلا عبارة:
“知之为知之,不知为不知,是知也”
( Zhīzhī wéi zhīzhī, bùzhī wéi bùzhī, shì zhīyě)
تترجم هذه العبارة حرفياً إلى: “المعرفة الحقيقية هي عندما تعترف بعدم معرفتك أو فهمك لموضوع معيّن والمشاركة بما تعرفه”
لمعظمنا كانت السنة الثانية هي فعلا عندما أدركنا أنّ هذا الإختصاص أكثر من مجرّد “إختصاص تصبيج”. في سنتنا الثانية كنا منغمسين حقاً في الحضارة الصينية وكنّا قد بدأنا التحدث باللغة بشكل مقبول. وكنا على احتكاك مباشر بالحضارة الصينية من خلال المسابقات التي كانت تنظّمها الحكومة الصينية ومعهد كونفيوشيوس. وأكثر من ذلك، إستناداً إلى العبارة التي يستخدمها اللبنانيون:”ما فهمت عليك، عم تحكيني صيني؟” أصبحنا ضمن الفئة التي فعلاً تتكلم بالصينية، وهذه النقطة بحد ذاتها تشعرنا بمدى أهمّيتنا.
لمتابعة باقي أجزاء السلسلة : اضغط هنا