تنقسم جراحات الصمامات القلبية الى نوعين :
” ترميمي”مُحافظ” ، “تصليحي” للصمام (Conservative or reparative surgery) او “تغييري” (Valves replacement) يعمد خلاله الجرّاح الى إستبدال صمام المريض كليًا ووضع صمام آخر معدني او بيولوجي مكانه.كذلك وتكلّمنا عن أهم مميزات جراحة الشرايين التاجية للقلب (Coronary Artery Baypass Graft surgery : CABG) وهي جراحات نلجأ إليها في حال ما اذا كانت الإصابات الشريانية منتشرة كثيرًا ومتعددة أو متكلسة جدًا وشرحنا كيفننبل بدأت هذه الجراحة بالتطوّر والمراحل التي وصلت إليها في السنوات الأخيرة.
في هذا الجزء الثالث من هذا الملف نفصل أكثر فيما يخص أنواع هذه الجراحات ونسعى لشرح واقع الحال لكل صنف منها مع الإيجابيات والسلبيات. وسنسعى ايضًا لشرح واقع الأمور حاليًا في لبنان والعالم على ضوء تداعيات جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة في وطننا والتي طالت ايضًا دول أخرى بسبب كورونا وبسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما تسببت به من تداعيات إقتصادية عالمية يصعب تقديرها حتى الآن، كون دراسة هذه التداعيات ومدى تأثيرها على القطاع الصحي ستأخذ الكثير من الوقت بسبب تشعّباتها.
“التقنيات” الجراحية البديلة أو الجديدة:
أشرنا في الجزء الثاني من هذا الملف الى ظهور تقنيات جراحية طوّرها الأطباء حديثًا تهدف إلى تخفيف نسبة الإختلاطات الجانبية أو الوفيات الناتجة عن “الجراحة الكلاسيكيية” التي كانت مُعتمدة طيلة السنوات الماضية. وهي كلها قيد التقييم حاليًا ولم تحلّ نهائيًا وكليًا محل الجراحة الكلاسيكية ولم تأخذ بعد مكانها الروتيني في معظم مراكز جراحة القلب. ومن أهم هذه الجراحات:
أ- الجراحة من دون توقيف القلب
Beating heart or Off pump) coronary artery bypass surgery) بحيث يتمّ إستعمال أجهزة لتثبيت القلب نسبيًا خلال العملية الجراحية وإجراء الجسور الأبهرية التاجية او اي عمل جراحي قلبي آخر. وهي قيد التقييم وتسمح للطبيب بأن يتجاوز مشكلة وضع المريض على جهاز المضخة القلبية – الرئوية الإصطناعية. وتسمح نظريًا بإجراء عمليات عند مرضى وضعهم الصحي أصعب، إما من ناحية وجود قصور او خلل أكبر في عمل عضلة القلب، أو من ناحية وجود مشاكل صحية أخرى مزمنة مثل المشاكل الرئوية أو الكلوية أو غيرها. وهي تتمّ عبر فتح القفص الصدري فتحة أصغر من الفتحة الكلاسيكية (Sternotomy) التي تستعمل في الجراحة العادية وإستعمال أجهزة تساعد في تثبيت القلب نسبيًا لكي تُخفّف من حركته خلال إجراء الجراحة. وهذه الجراحة لها الكثير من المدافعين عنها عبر العالم والذين يستعملونها بشكلٍ كبير عند عدد كبير من مرضاهم لكنها منتقدة كثيرًا من آخرين الذين يجدون فيها سلبيات كثيرة وسوف نتحدّث لاحقًا عن المحلّ الذي تحتله حاليًا في هذا الواقع.
ب- الجراحة الأقل غزوًا ( Minimally invasive bypass grafting : MIDCAB): وهي جراحات تهدف إلى إجراء العملية الجراحية عبر إحداث فتحات صغيرة الحجم في الصدر وإدخال كاميرا صغيرة يتمّ تحريكها يدويًا أو إستعمال “جهاز أوتوماتيكي آلي صغير” (Robot). وهذا ما يسمح في الحالتين بتشريح شريان الثدي الداخلي الذي تكلّمنا عنه في الجزء السابق من هذا الملف وزرعه على أحد الشرايين التاجية للقلب، أما عن طريق ترك القلب نابضًا ( Beating heart surgery) وأما عن طريق إيقاف القلب بعد إستعمال مضخة قلبية–رئوية إصطناعية يتمّ زرعها في منطقة الفخذ ( Femoral access). وتهدف هذه الطريقة إلى إيجاد تروية للقلب أقلّ ضررًا في القفص الصدري وذلك لتفادي الأعراض الجانبية للفتح الكامل للقفص الصدري (Sternotomy). خاصة إذا ما كان المريض يعاني من مشاكل صحية مختلفة مثل مشاكل رئوية متقدّمة او من قصور أو فشل رئوي مُزمن قد يُعيق بشكلٍ خطير الجراحات الكلاسيكية. وقد تكون الأهداف وكم ذكرنا سابقًا فقط “تجميلية” لتفادي إحداث جرح كبير ومُشوّه في الصدر عند بعض المرضى الذين يطلبون ذلك بحيث يتم اخفاء الثقوب تحت الثدي أو من الناحية الجانبية للقفص الصدري. لكن هذه الجراحات ليست عملية كثيرًا في حال كان هناك عدّة إصابات شريانية. ولذلك فهي تستعمل فقط في حال كان هناك جسر أبهري تاجي واحد غاليًا ما يكون على الشريان الأمامي النازل للقلب.
ونشير الى إنّ هذه الجراحة ليست مثالية من أجل جراحة الشريان الأبهر لأنه يوجد مباشرة وراء عظمة القصّ (Sternum)، وهي العظمة الأمامية التي تصل اليها وتلتصق بها كل الأضلاع.
في المقابل فهي تساعد كثيرًا في تشريح شريان الثدي الداخلي وفي ج جراحة الأذينين الأيمن والأيسر وإستئصال بعض الأورام منهما وفي إصلاح الثقوب التي قد توجد بين الأذينين وفي جراحة “الرجفان الأذيني الليفي” وجراحة الصمامات. وقد يستعملها الجراحون أيضًا في جراحات بعض الأمراض الخَلقية المُعقّدة للقلب عندما تزداد خبرتهم في إستعمالها.
أما من الناحية التقنية البحتة، فهذه التقنيات تحتاج إلى آلات مُتخصّصة وإلى تدريب مُتخّصص ومُتمرّس على إستعمال مثل هذه الأجهزة. ومن أهم قواعد وأهداف هذه الجراحة الأمور:
a- إحداث فتحة جراحية صغيرة وقليلة الغزو مع عدم إستعمال غازية كبيرة لإبعاد عظام الأضلاع الصدرية عن بعضها. وهذا ما يمكن إجراءه فقط مع فتحة في الجلد لا تتعدّى الـ 5cm. مع العلم أن هذا الهدف التجميلي ليس من الأهداف الأساسية لهذه الجراحة.
b- عدم إستعمال مضخة قلبية – رئوية خارجية كبيرة والإكتفاء بمضخة أخرى تدعى ( Heart post or Endo clapm) يتمّ وصلها عبر الجلد في الشريان والوريد الفخذي. بحيث يتمّ نفخ بالون صغير في الشريان الأبهر لمنع تقدم الدم إلى الأمام ومن أجل تروية الشرايين التاجية للقلب بالمادة التي نختارها لتوقيف القلب. وحيث يتمّ شفط الدم من الأذين الأيمن بواسطة أنبوب يتمّ زرعه في الوريد الفخذي أو في الوريد الوداجي الخارجي أو في كلاهما. لكن هذه التقنية مُكلفة وصعبة التطبيق ولها بعض الإختلاطات الجانبية الخطيرة.
ولذلك هي ليست مُستعمله كثيرًا ويُستعاض عنها بالتقنية الكلاسيكية (خاصة في الدول الفقيرة) أي بوضع أنبوب في داخل الشريان الأبهر. ويتمّ منع الدم من التقدم بواسطة “ملقط كبير” يضغط على هذا الشريان وقد يتسبب في تكسير او تفتيف بعض الكالسيوم والكتل الدهنية الموجودة في جداره مما يؤدي الى حدوث بعض الأعراض الجانبية الخطيرة. وهذا ما قد يعقيق إعادة إستعمال هذه الطريقة في حال الحاجة إلى إجراء عملية قلب جديدة في المستقبل.
c- التمكّن من الرؤية والتشريح بشكلٍ أسهل بعد أن يتمّ تكبير الصور المُلتقطة عبر الكاميرا وهذا ما يسهل العملية بشكلٍ كبير.
d- تخفيف نسبة الأوجاع الصدرية الناتجة عن الجرح الناجم عن قص عطمة القصّ وتخفيف نسبة إضطرابات ضربات القلب التي تحصل عادة في الجراحة الكلاسيكية. واخيرًا السماح بفطام سريع للمريض عن جهاز التنفس الإصطناعي وتخفيف كميّة الدم التي قد يتم هدرها خلال العملية وبالتالي تخفيف الحاجة إلى تمرير وحدات دم جديدة للمريض.
e- تقصير فترة الإستشفاء بشكلٍ كبير وتسهيل معاودة العمل بسرعة وتقصير فترة الراحة اللازمة لإسترجاع النشاط الطبيعي للمريض. وهذا ما يسمح له أيضًا بالعودة السريعة إلى القيام بكل نشاطاته الأخرى الرياضية خاصة إذا كان من المحترفين.
2- إستعمال الليزر في الجراحة القلبية: ( Trans Myocardial Laser Reavascularization : TMLR):
وهي تقنية جديدة أيضًا كاتت قيد التقييم في حال وجود مرض تصلّب شرياني تاجي مُتقدّم لم يتحسّن رغم كل العلاجات المتوفرة الأخرى أي بواسطة الأدوية أو تقنيات الطب التدخّلي للقلب بالبالون والرسور أو بواسطة الجراحة. ايبعد أن تكون كل وسائل إعادة تروية العضلة القلبية الكلاسيكية قد استنفذت. خاصة إذا ما بقي المريض يُعاني من أعراض وآلام صدرية في حالة الراحة أو عند القيام بأي مجهود. وهنا نلجئ لهذا العلاج الذي يهدف إلى إيجاد تروية بديلة في عضلة القلب في الأماكن المحرومة من التروية الطبيعية. ويتمّ ذلك عن طريق “تطبيق مصدر طاقة ليزر شديدة” في بعض مناطق البطين الأيسر بهدف إيجاد ثقوب أو أقنيه قطرها تقريبًا واحد ملم. ولكن فعالية هذه التقنيات لاتزال قيد الدرس وغير ثابتة. ومن المُمكن إستعمالها بشكلٍ متوازي خلال إجراء العمليات الجراحية القلبية الكلاسيكية مما قد يحسن بعض الأعراض عند بعض المرضى المصابين بتصلّب خطير ومُعقّد في شرايين القلب. وبالطبع فإن هذه التقنيات غير متوفرة سوى في الدول المتقدمة لأن كلفتها عالية جدًا وسوف نشرح لاحقًا ما هم محلها الحقيقي في جراحة القلبفي العام 2023.
3- الجراحات الأخرى للقلب والشرايين الكبيرة: وهي مُتعدّدة ونذكر منها على سبيل المثال:
أ- جراحة الإختلاطات الميكانيكية التي قد تصاحب بعض الذبحات القلبية الحادة مثل حدوث ثقب بين البطين الأيسر والأيمن أو تمزّق أو إنقطاع في عضلة القلب وجراحة الجيوب العضلية التي قد تصيب عضلة القلب عند بعض المرضى.
ب- “جراحات الشريان الأبهر الصاعد أو النازل” في القفص الصدري وخاصة عندما يكون هنالك جيب أو توسع في الشريان الأبهر الصاعد مع وجود مشاكل وأضرار في الصمام الأبهر والحاجة إلى إعادة زرع مصادر الشرايين التاجية للقلب على القطعة التي يتم تغييرها من هذا الشريان. وكذلك هنالك الجراحة التي يخضع لها المرضى الذين تعرضوا لتمزّق أو إنسلاخ الشريان الأبهر. ونشير هنا إلى أن التقنيات التدخلية( Interventional or Endovascular therapy) بدأت تأخذ مكانًا كبير ومتصاعدًا في علاج هكذا الحالات لأنه وكما شرحنا سابقًا اصبحت هذه التقنيات الغازية غير الجراحية اسهل بكثير وهي تسمح حاليًا بعلاج عدد كبير من هذه الحالات عبر التمييل او القسطرة دون الحاجة الى جراحة كلاسيكية وشقّ الجلد وما الى ذلك من عمليات خطيرة.
ج- “جراحة التشوّهات الخلقية للقلب” مع إجراء بعض التمديدات والوصلات المعقدة جدًا في بعض الحالات وهي خاصة أكثر بجراحة القلب عند الأطفال.
د- “جراحة زراعة القلب” و”القلب والرئتين” أحيانًا: وسوف نتكلّم عنها لاحقًا تفصيليًا في القسم المخصص للكلام عن هذا الموضوع وكيف بدأ والى اين وصل اليوم.
4- متى نحتاج إلى العمل الجراحي:
نشير اولًا الى ظاهرة جديدة ظهرت منذ حوالي عشرين سنة تقريبًا مع تطوير عمليات تركيب الصمام الأبهر للقلب عبر تقنيات التمييل والى اشرنا اليها في الجزئين الماضيين من هذا الملف. هذه الظاهرة هي ظاهرة “الفريق القلبي” او ما يعرف ب “Heart team” وهي
عبارة عن نشوء وحدة خاصة تُعنى في مناقشة ملفات المرضى الذين يعانون من المشاكل القلبية المعقدة من قِبل فريق كامل متكامل يُشارك فيه أطباء القلب التدخلييون وغير التدخلييون اي من هم معنيين بالتصوير الصوتي و الشعاعي والطبقي المحوري للقلب ، أو المتخصصون بتقنيات التصوير بواسطة الرنين المغناطيسي للقلب، جراحو القلب، أطباء البنج والتخدير، الأطباء المتخصّصون بالمتقدّمين بالسن، المعالجون الفيزيائيون والنفسيين والمتخصّصون بدراسة الوضع الاجتماعي والبيئة المهنية للمريض.
هذا “الفريق القلبي” يدرس تفصيليًا ملف المريض ويأخذ القرار في نوع العمل الجراحي الذي تحتاج له حالته خاصة في حالات علاج مشاكل إنسداد الصمام الأبهر بالطرق التدخلية او بالجراحة الكلاسيكية بحسب كل المعطيات التي يعطيها كل مُشارك في هذا الفريق، مع الأخذ بعين الإعتبار لعدة عوامل من اهما عمره الفيزيولوجي، وضعه النفسي والذهني، إمكانية الحركة والإستقلالية عنده، العوامل المرضية الأخرى الموجودة عنده مثل وظيفة الكلى والرئة ووجود السكري ومشاكل العظام والمفاصل وما الى ذلك. وقد اصبحنا منذ سنوات نلمس ان هذا “الفريق القلبي” له دور اساسي في معظم القرارات التي تتخذ بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مختلف مشاكل قلبية وليس فقط بالنسبة لجراحة الصمام الأبهر.
وفي السياق نفسه نشير الى أن قرار إجراء العمل الجراحي لأي مشكلة في القلب خاضع اليوم لقواعد علمية دقيقة ومدروسة حيث أن الطبيب يلجئ إلى هذا العمل عند إستنفاذ كل الوسائل العلاجية الأخرى أو عند عدم وجود علاج آخر لهذه المشكلة. وذلك لأن الجراحة في هذه الحالة تكون الحلّ الوحيد للخلاص من الأعراض أو لتحسين حالة المريض أو تحسين فرص بقائه على قيد الحياة لمدّة أطول. وهنا لا بدّ من تقسيم الجراحات حسب نوع المشاكل أو الأمراض القلبية الموجودة:
1- مشاكل الصمامات القلبية:
من المعروف أن مشاكل الصمامات البسيطة أو المتوسطة من الممكن أن تبقى من دون أعراض كثيرة أو مُتصاحبة مع أعراض خفيفة يستطيع المريض تحمّلها لفترات طويلة قد تصل إلى سنوات. وهنا نلجئ فقط إلى المُراقبة أو العلاج الدوائي. ونعمد طبعًا إلى الوقاية من الإصابة بمرض إلتهاب الصمامات بحيث يجب المحافظة على أفضل حالة سليمة للفم والأسنان وتناول الأدوية المناسبة للوقاية من هذا المرض الخطير عند الخضوع لبعض العلاجات. أما عندما يصبح مرض الصمام سببًا أساسيًا لظهور بعض الأعراض مثل ضيق التنفّس أو التعب عند الأجهاد أو الإحتقان الرئوي، أو عندما يبدأ بالتأثير سلبًا على عضلة القلب أو بالتسبّب بإضطرابات خطيرة في كهرباء القلب، فهنا يجب طبعًا دراسة العمل الجراحي وتقييم حالة المريض من خلال التصوير الصوتي للقلب وفحوصات أخرى مثل تمييل القلب لمعرفة حالة شرايين القلب ودراسة الضغط في داخل غرف القلب. وهنا من الممكن الكلام عن حالتين:
A- حالة الصمامات المُتضيقة
(Valves stenosis) : خاصة حالة إنسداد الصمام الأبهر للقلب الذي يجب علاجة قطعًا بالجراحة في حال كان الإنسداد سبب لأعراض سريرية مُهمة وإذا كان الإنسداد مساحتة أقل من 0.6cm2/m2 ( مساحة الصمام مقسومة على مساحة جسم المريض لكي نأخذ في الإعتبار حجم جسم المريض). إلا إذا كان هناك عوامل مرضية أخرى تجعل من المريض مريضًا غير قادر على تحمّل الجراحة (خطر الجراحة أكبر من %3). فهنا نلجئ إلى التقنيات الجديدة مثل تقنية تغيير الصمام الأبهر بواسطة التمييل
(Transcatheter Aortic Valve Implantation: TAVI) .
أما في حالة إنسداد الصمام التاجي للقلب فهناك أيضًا العلاج الجراحي عندما يكون الإنسداد غير قابل للعلاج بواسطة التقنيات التدخلية
(Percutaneous mitral Valvuloplasty). أي عندما يكون هناك تكلّس كبير في وريقات أو حلقة الصمام أو تهريب مهم في هذا الصمام أو هناك موانع أخرى للعلاج بواسطة البالون.
B- حالات الصمامات التي تُهرّب أو المثقوبة ( Valves regurgitation) . وهنا أيضًا نلجئ في غالب الأحيان إلى الجراحة خاصة في حالة تهريب الصمام التاجي للقلب قبل حدوث ضرر كبير في وظيفة عضلة القلب. ونحاول دائمًا أن نلجئ إلى “العلاج الترميمي للصمام التاجي” الذي ذكرناه سابقًا والذي ينجح في حوالي 50 إلى %90 من الأحيان في علاج مرض الصمام التاجي الترهلي ( Degenrative mitral reguargitation). وهو ممكن أيضًا في علاج حوالي %80 من حالات إلتهابات الصمام التاجي ( Infective endocarditis). وهو أخيرًا مُمكن فقط في علاج حوالي %50 من المرضى الذين يعانون من إلتهابات الصمامات الناتجة عن الحمى الرثوية. أما في الحالات التي لا نقدر فيها على ترميم الصمام التاجي وخاصة في حال وجود تهريب في الصمام الأبهر ايضًا عند ذات المريض فنلجئ إلى تغيير الصمام بصمام “معدني أو بيولوجي” مع نتائج مشجعة جدًا على المَديين القصير أو الطويل. ونشير هنا أخيرًا إلى إمكانية علاج مشاكل الصمام التاجي أيضًا بواسطة التقنيات التدخلية (Endovascular therapy) عبر إيصال ملاقط يتم إدخالها عبر الأوردة وبعد إختراق الحاجز الموجود بين الأذين الأيمن والأيسر. بحيث يتمّ وضع ملاقط صغيرة ( Clips) للتخفيف من تهريب الصمام ( Mitraclip) أو عبر زراعة حلقة حول الصمام التاجي يتم إدخالها في داخل الوريد الذي يسمى الجيب التاجي ( Coronary sinus vein). وهذا ما يؤدّي إلى تخفيف حدة التهريب في الصمام عبر تقريب المسافات بين الوريقات. وهناك حاليًا ابحاث كثيرة على عدد كبير من الصمامات التي من الممكن زرعها في مكان الصمام التاجي ( عشرات الشركات تقوم بأبحاث حول هذا المرض وهذه التقنيات). ولكننا نشير في المقابل إلى أن هذه العمليات مُعقّدة نوعًا ما لعدة اسباب اهمها موقع الصمام التاجي وطريقة عمله وطبيعة مكوّناته وبسبب الصعوبات الكبيرة في الوصول اليه. وهي بالتالي تحتاج إلى فريق طبي مُتخصص في هذا المجال وهي قيد التقييم علميًا لمعرفة فائدتها على المدى القريب أو البعيد ولكن نتائجها قد تكون واعدة جدًا ايضًا كما هو الحال حاليًا مع تركيب الصمام الأبهر بواسطة التمييل ومن دون جراحة.
خلال الأجزاء المقبلة سنستكمل هذا الشرح التفصيلي عن الجراحات القلبية و علاقته بالواقع الحالي في لبنان والعالم.
لمن فاتته متابعة الجزئين السابقين :
- واقع الجراحات القلبية في لبنان والعالم في العام 2022 (1)
- واقع الجراحات القلبية في لبنان والعالم في العام 2022 (2)