قطاع الطاقة المتجددة : فوضى غير خلاقة | بقلم د. بيار الخوري
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
تشير دراسة حديثة (مازن مجوز ٢٠٢٠) الى أنّ لبنان بإمكانه الإستثمار في الطّاقة الشّمسية بشكل أكبر، نسبة لموقعه الجغرافيّ المميّز، فهو يقع في النّصف الشّمالي من الكرة الأرضيّة، حيث كميّة الطّاقة مباشرة من خلال الخلايا الكهرضوئيّة، الواردة إلى المتر المربع الواحد يوميّاً، والتي تتراوح ما بين 14 و30 ميغاجول، إضافةً إلى تمتّعه بثروة شمسيّة وافرة تقارب الـ 300 يوم سنويّاً.
أما الإستثمار في الطّاقة الكهرومائيّة فيعدّ الأقدم في أندة الطّاقة اللّبنانية، بدليل أن لبنان كان يؤمّن 70% من حاجاته من الطّاقة الكهربائيّة، من المعامل الكهرومائيّة في العام 1976 التي أنشئت على أكثر من 10 أنهار. وفي العام 2014 وصل الإنتاج إلى 280 ميغاواط، وكان ينتجها 19 معملاً كهرومائيّاً.
وتشكّل قرية قبريخا اللّبنانيّة تجربة رائدة، حيث تتمتّع بنظام قدرة 250 كيلو واط، وينتج 350 ألف كيلو واط/س خلال السّنة، وبمقدار 350.000 كيلو وات في السّاعة سنويّاً، ما يوفّر حوالى 50 ألف دولار سنويّاً على المشتركين، أو ما بين 30% و40% من حاجة القرية. وتزمع بلدية صيدا إنجاز مشروع شامل للطاقة الكهربائية النظيفة بالشراكة مع شركة عملاقة أميركية في القطاع كما يسعى عدد كبير من البلديات والاتحادات البلدية لاستدراج عروض شاملة للطاقة النظيفة.
الفوضى غير الخلاقة
فيما خلا ذلك هناك فوضى عارمة في سوق الطاقة النظيفة للوحدات المنزلية والمؤسسات الصغيرة، خاصة أن الخبرة والمعرفة التقنية لمعظم اللبنانيين تقارب الصفر.
اللبنانيون دخلوا سوق الطاقة النظيفة مدفوعين بالارتفاع الجنوني في أسعار طاقة المولدات والتقنين الذي لحق حتى بالمولدات في ظل تحول امدادات مؤسسة كهرباء لبنان إلى حلم يتبخر بدقائق.
قبل الازمة مولت المؤسسات الدولية ٨٠% من كلفة تركيب وحدات الطاقة النظيفة وامنت وزارة الطاقة الباقي ولم يتحمس اللبنانيون للتحول نحو الطاقة المتجددة لأن الكهرباء كانت شبه مجانية. فجأة انقلب كل شئ ووصلنا إلى ما وصلنا اليه.
يجب أن تتنبه إلى نوعية التقنيات التي يتم تركيبها للطاقة الشمسية، فالتجار يشترون اي شئ من اي مصدر بما في ذلك الواح متهالكة معاد تجديدها والناس لا تعلم. أن الطاقة والاتصالات أجيال، ونحن اليوم في G3 للطاقة الشمسية وهذا يؤثر على كمية امتصاص الطاقة وكمية التخزين من الشمس. معظم ما يتم تركيبه محليا هو من جيل G1.
يشبه الوضع الحالي ذلك الوضع الذي نشأ مع بداية موجة الكمبيوتر المنزلي حيث بيع كل جهاز بعشرة أضعاف الكلفة بسبب جهل القطاع المنزلي بتلك التكنولوجيا وقتذاك.
غياب الحوكمة
المشكلة ان كل ذلك يتم في ظل غياب اي حوكمة لقطاع الطاقة النظيفة وبدون اشتراط مواصفات البضاعة ولا تراخيص للشركات التي تقوم بالتركيب والصيانة وذلك خطر كبير على القطاع المنزلي وقطاع الطاقة بذاته.
غياب الحوكمة وقلة الوعي وجشع الربح هم دائمًا أساس كل مصيبة.