من النظريات المهمة التي درستها في السنة الأولى في كلية الحقوق والعلوم السياسية (الجامعة اللبنانية) مادة الإقتصاد السياسي الحديث، “نظرية مالتوس” أو “النظرية المالتوسية”، والتي تعود إلى توماس روبرت مالتوس (14 فبراير 1766 – 23 ديسمبر 1834) باحث سكاني واقتصادي سياسي إنجليزي قام بتأليف كتاب يحمل عنوان “مقالة حول التعداد السكاني وتأثيره على تقدم المجتمع في المستقبل”.
وفضل مالتوس (بحسب بعض علماء الإقتصاد والإجتماع) كونه وضع نظرية متكاملة في السكان اشار فيها إلى وجود عامل يجب دراسته إلى جانب الإنتاج والتوزيع والتبادل، لأن العلاقة وطيدة بين تطور عدد السكان وتطور كمية الإنتاج، ويكون بذلك قد أدخل عنصري الزمن والحركة في دراسة الفعاليات الاقتصادية في وقت كانت هذه الفعاليات ما تزال تدرس وتحلل على أسس سكونية راكدة، ويرى أن “عدد السكان يزيد وفق متوالية هندسية بينما يزيد الإِنتاج الزراعي وفق متوالية حسابية كما سيؤدي حتمًا إلى نقص الغذاء والسكن”. يعني كالفرق بين المعادلة التالية: (2=4=6=8=10) و (2=4=8=16=32) وهكذا…
لماذا البحث في هذا الموضوع الآن؟ منذ أكثر من 3 سنوات لاحظت بعض الكتابات والتصاريح حول “المليار الذهبي”، إلى أن استوقفني هذا الموضوع عند بداية أزمة وباء “كورونا أو كوفيد 19″، وفي أحد المرات كنت أشاهد تصريح لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، والتي تحدثت فيه عن “المليار الذهبي”، والتي أشارت فيه إلى أن هناك من يخطط “لقتل البشر” عبر بث “الفيروسات والأوبئة في العالم”، بعدها بأسبوع فكرت بالموضوع وأردت أن اوثق هذا الحديث فوجدته وحفظته على ذاكرة هاتفي وعندما أردت الإطلاع عليه مرة ثانية، وجدت ان المادة التي أفتش عنها قد ألغيت، فتشت على الانترنت والمصادر طيلة أسابيع ولم أجد شيئا فجأة وبسحر سحر اختفى هذا التصريح عن “اليوتيوب” ووسائل الإعلام العالمية. إلى أن استوقفني حديث للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي قال فيه: “إن فكرة الهيمنة الكاملة لـ “المليار الذهبي”، هي فكرة عنصرية واستعمارية جديدة بطبيعتها، وتقسم الشعوب إلى صنف أول وصنف ثاني”.
كان هذا في كلمته في منتدى “أفكار قوية للعصر الجديد” بتاريخ 20 حزيران 2022: “يفتقد نموذج الهيمنة الكاملة لما يسمى بالمليار الذهبي، لأية عدالة، لماذا من بين كل سكان الأرض يجب أن يهيمن هذا “المليار الذهبي” على الجميع، ويفرض قواعد سلوكه الخاصة عليهم؟”. وقال بوتين، أن “هذا النموذج يقوم ويستند على أوهام استثنائية وهو يقسم الشعوب إلى نوعين، وبالتالي فهو عنصري بطبيعته واستعماري جديد من حيث الجوهر، أما عقيدة العولمة الموجودة في أساسه والتي يزعم بأنها ليبرالية، فأخذت تكتسب بشكل متزايد سمات الشمولية التوتاليتارية التي تكبح البحث الإبداعي وتقيد الإبداع التاريخي الحر”. و”أن النظام العالمي الحالي أحادي القطب يعيق التنمية العالمية”.
انتشر هذا المصطلح بشكل أوسع بعد أن استخدمه الكاتب أناتولي تشيكونوف في كتابه الذي يحمل عنوان “مُؤامرة حكومة العالم” والذي صدر في عام 1994. وأيضًا الباحث الروسي “ألكساندر تشوماكوف” في ورقة بحثية تحت عنوان “المليار الذهبي” توصل فيها أنه في مطلع القرن الحادي والعشرين المتسم بالصراع الاقتصادي، حظي سدس سكان العالم فقط من أميركا الشمالية وأوروبا واليابان بما يقدر بـ80% من مدخول العالم بمتوسط يفوق الـ70 دولارًا أميركيًا في اليوم الواحد لكل فرد، وفي الجهة المقابلة يحظى 57% من سكان العالم في الدول الفقيرة ما يقارب الـ6% من مدخول العالم فقط بمعدل يقل عن الـ2 دولار أميركي للفرد الواحد. وفي الوقت ذاته، يحصل ما يقارب المليار ومئتي مليون نسمة على معدل دولار أو أقل أمن العملة الأميركية في اليوم. (د. م محمد رقية).
والمراقب لمجريات الاحداث منذ بداية التسعينات ولغاية يومنا هذا، أن الحروب المتنقلة التي قامت بها الولايات المتحدة بشكل مباشر أو عبر أساطيلها ووكلائها في العالم، إن كان من خلال الدول التي تدور في فلكها أو وكلائها داخل هذه الدول لم تهدأ، والملاحظ أيضًا ومن خلال تصاريح رؤساء ووزراء الولايات المتحدة الأميركية على مر العقود الثلاثة الماضية تشير وما زالت إلى مسؤولية الإدارة الأميركية عن رعايتها وخلق وتصنيع المنظمات الإرهابية ودعم الحركات الإسلامية والمسيحية والإيديولوجيات المتطرفة وإثارت الفتن والثورات الملونة بغية قلب الانظمة وإقامة أنظمة بديلة تابعة لها وإحكام السيطرة عليها والتحكم بثرواتها وشعوبها كيفما شاءت.
واعتمدت في هذا المخططات الأساليب التالية:
1 – الحروب المتنقلة وإثارت الإضطرابات والفوضى السياسية.
2 – تصنيع وخلق الفيروسات ونشرها الأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم.
(الأسلحة البيولوجية والتي تعتبر من أخطر أنواع الأسلحة، فما قبل التسعينات لم أكن أسمع إلا بفايروس الإنلفونزا أو الجدري وما شابه، ولكن مع بداية العام 1990 بدأنا نسمع بالعديد من الفيروسات والأمراض المعدية وعلى سبيل المثال: فيروس سارس 2002، انفلونزا الطيور 2003، انفلونزا الخنازير 2009، فيروس ايبولا 2013 في افريقيا، وفيروس زيكا في أمريكا اللاتينية عام، “متلازمة الشرق الأوسط التنفسية”، في العام 2012 كورونا المستجد (كوفيد 19) في بداية عام 2020 وآخرها فايروس “كورونا – كوفيد 19” والذي فرضت فيه على الكرة الأرضية بروتوكول موحد من منظمة الصحة العالمية وبدعم من الدول المهيمنة عليها اغلاق المنافذ الحدودية وعزل دول ومناطق بأسرها وتوقيف حركة الملاحة الجوية والبرية والبحرية وإقفال الموانىء و… الخ).
يقول الدكتور محمد رقية: “لقد تأكد ذلك من خلال كشف روسيا للعديد من المختبرات الجرثومية في أوكرانيا بعد تحرير مدن شرق أوكرانيا، فقد أكد المندوب الروسي في مجلس الأمن بأن لدى روسيا وثائق تؤكد وجود شبكة خطيرة تشتمل على أكثر من 30 مختبر بكتريولوجي وبيولوجي في أوكرانيا لوحدها . وأن الولايات المتحدة طورت عبر أوكرانيا متحورات بيولوجية و فيروسية باستخدام الطيور المرقمة، التي يتم ارسالها الى البلد المستهدف، و كوفيد 19 هو احداها . ولدى وزارة الدفاع الروسية اثباتات على ضلوع دبلوماسيين أميركيين ينعمون الآن بالرفاهية و الحماية من تلك الأعمال و الجرائم البيولوجية وبينهم ابن الرئيس الأمريكي،وأكد أن الولايات المتحدة لديها 140 حاوية لمواد جرثومية خطيرة داخل أوكرانيا تم توليدها باستخدام الخفافيش و الطيور”. وأشارت وزارة الدفاع الروسية الى أن الدراسة لمشروع P-781 حول انتقال الأمراض إلى البشر عن طريق الخفافيش أظهرت أن العمل تم على أساس مختبر في خاركوف جنبًا إلى جنب مع مركز لوغار سيئ السمعة في تبليسي عاصمة جورجيا، وكان أحد القيمين على التجارب هو رئيس مكتب DTRA في السفارة الأميركية في كييف . و خلال تنفيذ هذه المشاريع، تم عزل 6 عائلات من الفيروسات (بما في ذلك فيروسات كورونا) وثلاثة أنواع من البكتيريا المسببة للأمراض ومقاومة للأدوية، والتي تنتقل بسرعة من الحيوانات إلى الإنسان. ومن الجدير بالذكر بأنه يوجد لدى الولايات المتحدة أكثر من 200 مركز ومختبر للأسلحة الجرثومية والبكتريولوجية في 25 دولة بالعالم معظمها حول روسيا والصين وايران وكانت هناك دول مناهضة للأمريكان مثل سورية والعراق واليمن وافغانستان حقل تجارب للأسلحة الجرثومية الأميركية أدت الى انتشار العديد من الأوبئة”.
3 – إصرار بعض الدولة الغربية والأوروبية تحديدًا على نشر المثلية الجنسية وفرضها في النظم الإجتماعية وإدخالها في المناهج الدراسية الحديثة!
باتريك بوكانن (مستشار سابق لثلاثة رؤساء أميركيين) يقول في كتابه “فناء الغرب”: “أن الغرب يتجه إلى مرحلة الموت الكامل، وهي تسير على مرحلتين: الأولى موت أخلاقي بسبب دعم المظاهر غير الأخلاقية والشذوذ الجنسي”، والثانية موت ديموغرافي وبيولوجي “النقص السكاني بالموت الطبيعي”، ويضيف أن الموت المقبل مريع ومخيف لأنه وباء ومرض من صنع أيدينا وأفكارنا، وليس بسبب خارجي، فالوباء الجديد لا يقتل إلا الشباب، وهذه المشكلة ستحول أوروبا إلى قارة العجائز، فانتحار المراهقين الأميركيين يرتفغ 3 أضعاف على ما كان عليه في العام 1960، وعدد مدمني المخدرات بلغ أكثر من 6 ملايين أميركي، وفي إحصاءات رسمية غربية استند عليها يضيف بوكانن أن 17 بلدًا أوروبيا تقام فيها جنازات الدفن أكثر من احتفالات الولادة، فهناك يوجد تدمير تدريجي لمفهوم الأسرة، من خلال القبول بالعلاقات الشاذة بيبن أبناء الجنس الواحد، وتراجع رغبة الشباب في الإقدام على الزواج، فالثقافة التي انتجت الحضارة الغربية كما هو مفهوم تقليديًا هي في أوج موتها في أميركا والتي لن تكون دولة غربية بحلول عام 2050، والغرب ينقرض بسبب جفاف خصوبته، كما غدا الجنس والمال والسلطة هو كل ما تبحث عنه أميركا”.
4 – بث الإشاعات الكاذبة والأخبار الملفقة وخلق حالات الهلع ونشر الفيديوات المخرجة بشكل متقن حول فناء البشرية والحروب النووية، والحديث عن مخلوقات فضائية وصحون طائرة، ومخلوقات تحت البحار، وكواكب مسكونة، و… الخ. وهذا ما دأبت عليه دور السينما في هوليوود من العمل على كي الوعي الجمعي العالمي من خلال تقديم أفلام منتجة ومخرجة بشكل متقن ومحبوكة بطريقة تحفر باللاوعي عند الصغار والكبار، بحيث تخلق حالة إرباك وعدم توازن في التفكير على المدى البعيد وقتل الروح المعنوية للأجيال، بحيث يسهل السيطرة عليها والتحكم بها من خلال الوسائل التكنولوجية المتطورة وخاصة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي والتي أصبحت الشغل الشاغل لكل الأعمار والاجيال والشعوب على انواعها. على سبيل المثال فيلم (In Time).
5 – التطور التكنولوجي الحديث والذي بلغ مرحلة خيالية لم نكن بالماضي نفكر بالوصول لها، كزراعة شرائح إلكترونية في أدمغة البشر والتحكم بهم.
(جراند لودج هي هيئات مستقلة تابعة لحكم الماسونية، وفان غارد (مجموعة شركات ضخمة متخصصة في العديد من المجالات التكنولوجية)، إيلون ماسك (الأقمار الصناعية والسيارات الكهربائية وزراعة الشرائح الإلكترونية، مارك زوكيبرغ (فايس بوك وانتسغرام وغيرها)، بيل غيتس (مايكروسوفت)، جيف بيزوس (أمازون)، الواتس أب وتويتر وفايبر وتطبيقات لا حصر لها، تتحكم بالعالم.
هؤلاء أساطير التكنولوجيا في الأرض ويعتبروا من أكثر الادوات استعمالا لدى الولايات المتحدة الاميركية للسيطرة على العالم. وأهم المراكز لهم موجودة في وادي السيلكون في كاليفورنيا).
لم يعد هناك شيء أسمه الخصوصية، فالكل يعرف عن الكل، وهذه مشكلة خطيرة أخرى، فوسائل التواصل الاجتماعي والتي هي شبه مجانية منذ تأسيسها، كان الهدف منها تجميع المعلومات العامة والخاصة بكل إنسان يستعمل وسائل التواصل الاجتماعي ناهيك عن البريد الإلكتروني والذي بات يحتوي على كل “داتا” الشركات والمؤسسات وما شابه.
وأما في تطبيق مفاهيم ما يسمى الـ AI، (الذكاء الإصطناعي) تكمن خطورة قاتلة، حيث سيقودنا إلى ما هو أذكى من الإنسان العادي من خلال العمل على تطوير ذاكرة العقول الإلكترونية وجعلها تستوعب كم هائل من المعلومات بحيث أنها تصعب على الانسان العادي، فالـ AI، سيكون مرتبط بشبكة معلومات أشبه بـ “غوغل”، وسيكون أسرع بكثير من قدرة الإنسان على الوصول الى المعلومة، وقد تكون “برمشة عين” حاضرة اذا ما طُلبت.
يقول الداهية اليهودي هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق: نحن اليوم نعيش في عصر المليار الذهبي بالفعل ولكنهم لا يحتاجون لقتل المليارات من البشر فهم ينهبون ثرواتهم و يحرصون على إبقائهم متخلفين… و ياخذوا منهم ما يريدوا دون مقابل …. اما تقليص السكان فيجب ان تكون الاولوية الاهم في السياسة الخارجية تجاه دول العالم الثالث. (لمحات تاريخية).
وأما من الذي يستحق البقاء على هذا الكوكب، فهم النخبة من المجتمع الأبيض من الأميركيين والأوروبيين، الذي يحق لهم العيش والتنعم بخيرات الأرض والشعوب، فهم الاكثر إدراكاُ والاكثر ذكاءًا ودهاءًا وبالتالي لا يحق لغيرهم أن يعيش معهم إلا لخدمتهم لما يحقق لهم رفاهية العيش (نظرية داروين) وأما من الذي سيتسيدهم فهم العائلات الاكثر ثراءًا في العالم، وهم كالتالي: بالإضافة إلى عائلتي روتشيلد وروكفيلور(الثروات بالـ تريلون دولار)، عائلة والتون (151-174 مليار دولار)، عائلة كوش (120 مليار دولار)، عائلة مارس (71-89 مليار دولار)، عائلة أرنو (72.2 مليار دولار)، عائلة كارلوس سليم الحلو (67 مليار دولار)، عائلة ألدي (38.8-55.5 مليار دولار)، عائلة دوماس (36.7-49.2 مليار دولار)، عائلة كامبراد (49 مليار دولار)، عائلة فيرتهايمر (45.6 مليار دولار) وعائلة كواندت (42-46 مليار دولار). أما الثروات التي يحكى عنها لـ إيلون ماسك ومارك زوكيبرغ وجيف بيزوس فهي تعود لشركات تمتلك أسهمها العائلات الآنفة الذكر وهم شركاء فيها بحصص متفاوتة.
المصادر: تاس، سكاي نيوز، الواشنطن بوست، JournalsOfIndia، مقالة لـ د. محمد رقية.