تعتبر التصميمات المبدئية للقطع الحربية الأمريكية أوركا “Orca” والتي تتولى تنفيذ بعض المهام البرية، بمثابة نقطة انطلاق لإنتاج بعض الأنواع الأخرى القادرة على القيام ببعض الأعمال فوق سطح الماء و في الأعماق أيضا، ولكن يبقى مشروع إنتاج غواصة بوزن 50 طن خلال الفترة الحالية، تحديا كبيرا جدا.
وتسعى البحرية الأمريكية إلى إطلاق غواصة كبيرة الحجم من أجل توسيع نطاق العمليات الاستكشافية التي تقوم بها في أعماق المحيطات، وعلى الأرجح فسوف يتم إعداد الغواصة الجديدة للأغراض القتالية، حيث سيتم تزويدها بنوع عالي الكفاءة من أجهزة الاستشعار وطروبيدات لإطلاق النار في حال اندلاع موجة جديدة من الحروب في أعماق البحار.
وبحسب ما أعلنته القيادة العامة للأنظمة البحرية في أوائل مايو الماضي ،فسوف تحمل الغواصة الجديدة بعض المميزات غير المسبوقة على صعيد العمليات الهجومية والاستشعار وقدرات التحمل تحت الماء، كما سيتم تسيير الغواصة الجديدة بصورة آلية لتكون بذلك أول قطعة بحرية تنفذ المهام الموكلة إليها دون طاقم.
وأفادت شركة بوينج الأمريكية في وقت سابق من هذا العام بأنها قدمت عرض بقيمة 43 مليون دولار لإنتاج أربع غواصات من الطراز الجديد، والتي سيتم تزويدها بإمكانية الوصول إلى 11 ألف قدم تحت سطح الماء وتغطية نحو 6500 ميل بحري، إلى جانب التزود بخاصية تجنب المخاطر وإمكانية الاستشعار عن بعد بسعة تزيد عن 34 قدم.
وتخطط البحرية الأمريكية لإرساء بعض الغواصات المسيرة المزودة بخواص قتالية قادرة على صد أي هجوم محتمل في أعماق البحار، وسوف يتيح الحجم الكبير للطراز الحديث من الغوصات إمكانية استيعاب حمولات الأسلحة، إلى جانب بعض الميزات الإضافية والمتمثلة في سرعة الاتصال في أعماق البحار والسيطرة على الحرائق، هذا في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الدفاع الأمريكية على أن إطلاق الغواصات المسيرة سوف يتم تحت قيادة فريق مختص مسئول عن التحكم واتخاذ قرارات تنفيذ المهام القتالية.
ويمكن القول بأن الطراز الحديث من الغواصات يعد بمثابة طفرة هائلة في عالم الاستراتيجيات القتالية، والتي تحرص معظم دول العالم على تطويرها يوما تلو الآخر، وبخاصة أنها تتميز بالقدرة على إصابة الأهداف دون إمكانية تعقبها أو الكشف عن مكانها تحت الماء، وبالتالي فإن ميزات التسلل الخارقة التي تتمتع بها الغواصات الجديدة من شأنها توفير درجة كبيرة من الأمن للدول المالكة لها.
وتعد غواصات الأوركا بمثابة جزء من برنامج الهندسة البحرية المتمثل في إنتاج بعض القطع البحرية ذاتية التحكم، والذي يتضمن إجراء العديد من التجارب على عدة مستويات من التحكم الآلي، كما ستتمكن الغواصات من تنفيذ المهام في المناطق شديدة الخطورة والتي قد تحتوي على الألغام أو المحاطة بغواصات الأعداء، إلى جانب قدرتها على التصدي لكافة أنواع التهديدات بالمناطق الساحلية المختلفة.
والجدير بالذكر أن الغواصات المسيرة تقوم حاليا بمهمة تمشيط الأعماق وجمع البيانات والعودة بها إلى سفينة التحكم المركزية، وتعمل البحرية الأمريكية على تطوير شبكة الاتصالات تحت الماء والعمل على تزويد الغواصات المسيرة ببعض الإمكانيات الحديثة مثل تقنية تصوير الفيديو ونظام التموضع العالمي GPS
ومن الموضوعات التي تم مناقشتها مؤخرا في الأكاديمية الأمريكية الوطنية للعلوم، المميزات التي سوف تأتي بها الغوصات الجديدة من حيث قدرات التحمل الغير مسبوقة لأنظمة الدفع وآلية التحكم، الأمر الذي سيوفر سعة من الوقت من أجل إنجاز المهام المسندة إليها.
كما تقدم الأوركا نموذجا فريدا أيضا في تطبيقات واستخدامات الطاقة كتقنية تصميم البطاريات وخلايا الوقود.
ويتضمن مشروع البحرية الأمريكية أيضا، إنتاج عدد من الغواصات المسيرة صغيرة ومتوسطة الحجم والتي سوف تقوم بتنفيذ بعض المهام المحددة عبر إطلاقها من المنافذ الخاصة بإطلاق الطوربيدات المقاتلة على متن الغواصات الحربية الكبرى.
وتتلخص الاستراتيجية الخاصة بمشروع أوركا في إمكانية إنتاج غواصات مسيرة متعددة المهام وقابلة للتحديث، قادرة على تحقيق الدمج والتكامل بين العديد من التقنيات الحديثة في آن واحد وزيادة حمولة الأسلحة بصورة تساعد البحرية الأمريكية على تجنب الحاجة إلى إنتاج المزيد من الغواصات في المستقبل، الأمر الذي يفرض ضرورة تطوير تقنيات الاتصالات في الأعماق وأجهزة الاستشعار عن بعد وتصميم واجهات مناسبة تسمح بحمل عدد أكبر من الأسلحة.
رابط المقال الاصلي : اضغط هنا