دوليقراءات معمقة

وحدها المرونة قادرة على اعادة تشكيل اوروبا | د. محي الدين الشحيمي

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

يدور حوار جدي في الاتحاد الاوروبي حول كيفية الانتقال من أطر المعالجة لحالة الطوارئ الى اعادة تشكيل الاتحاد الاوروبي بطريقة يمتلك فيها الوسائل والصلاحيات لتحمل الازمات المستقبلية والتصدي لها , ذلك ان منسوب ومستوى الاقتراحات في المنطقة الاوروبية قد ارتفع , وتضخم الطموح أيضا من اجل التعامل مع ازمة الجائحة وتأثيرها الاقتصادي والاجتماعي الهائل خاصة فيما يتعلق بصندوق انتعاش جديد بتمويل من سندات الانتعاش الاوروبية الصادرة عن الاتحاد الاوروبي والمضمونة من ميزانيته لدعم الاقتصاد والتماسك والتعاضد بين الدول الاعضاء .
لا يمكن للاتحاد الاوروبي ان يواصل الانتقال من أزمة الى أزمة أخرى في كل مرة واللجوء فيها الى ادوات اوروبية جديدة وجزئية غير صائبة وغالبا بعد الانقسامات المريرة بين الحكومات الوطنية والتي يتردد صداها بشكل واضح ,لذا يجب عليه الاستثمار في مرونة مناطقه ومجتمعاته ذلك ان المنطقة الاوروبية معرضة لسقوط كبير جدا بمفهوم مختلف عن ازمة الكورونا من دون هذه الاستثمارت الضخمة , حيث يشكل التزايد الملحوظ في أعداد الكوارث الطبيعية بالاضافة الى التواتر في الصدمات المادية والمعنوية المختلفة أكبر الاخطار على المنطقة الاوروبية المشتركة .
حيث يعرض النمو السريع في الاتحاد الاوروبي ومن دون بذل ادنى جهد في تعزيز المرونة لمخاطر كبيرة جدا دفعت ثمنها هذه الفترة ,اذ اقتربنا من نقطة التحول بالنسبة لسلامة المنطقة الاوروبية المشتركة ودولها ومجتمعاتها وافرادها اضافة لجميع انحاء العالم ما يجعلنا بأمس الحاجة الى تكثيف الاستثمار القيمي في المرونة , تلك المرونة والتي سوف تساعدنا بشكل مباشر على ضمان السلامة والرخاء والامان .
لقد اضحت المنطقة الاوروبية بامس الحاجة للاستثمار في المرونة ضمن اطار مساعدات الدولة , اي بالاستجابة المالية الرئيسية لفيروس كورونا من الميزانيات الوطنية للدول الاعضاء , حيث تمكن قواعد مساعدة الدولة في الاتحاد الدول الاعضاء من اتخاذ اجراءات سريعة وفعالة لدعم المواطنين والشركات , لا سيما الصغيرة منها والمتوسطة والتي للاسف تواجه حاليا صعوبات اقتصادية كبيرة .
ذلك ان عدم ضخ الاستثمارات من اجل زيادة في المرونة والتمكين للمجابهة الفعالة للصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية والصدمات والضغوط سيؤدي الى وقوع اضرار بشرية واقتصادية ضخمة مع تحمل حقيقي لوطأة الخسائر بشكل خاص من طرف الطبقة الوسطى والفقراء , حيث يعاني المستثمر من مجموعة من العقبات عندما يتعلق الامر بالاستثمار في القدرة على الصمود , لذلك نحن بحاجة ايضا الى ايجاد طرق مبتكرة للتغلب على هذه التحديات من اجل تجنب المزيد من الكوارث ومنها على سبيل المثال النقص في قدرات الحكومات المحلية على التخطيط لمشاريع المرونة وتمويلها وتنفيذها بالاضافة الى التحديات في اعداد المشاريع .
لقد تبين لنا بانه لا توجد منطقة محصنة بالكامل ضد الاضطرابات الانية والتي يسببها حاليا فيروس الكورونا لذلك يعد السعي لخلق بيئة للسياسات المحلية والتحضير لسلسلة مشاريع اعدادا جيدا وجاهزا من الاساليب والتي يمكن القيام بها لزيادة الاستثمار في المرونة والقدرة على التحمل في المنطقة الاوروبية , حيث اننا نلاحظ نظاما طبيعيا معقدا من حيث الترابط والتكيف والكفاءة والمرونة معرضا العهد الايكولوجي العالمي لمخاطر خارجة عن نطاق النفوذ والسيطرة .
ان تأثير جائحة العصرعلى الاتحاد الاوروبي هو تأثير مركب , وكأنه حول القارة العجوز لشركة توريد فاشلة مدمرا بالتالي وفي نفس الوقت النظام البيئي لنظام هذه الشركة الشاملة لكل انحاء المعمورة ومجمدا سلاسلها التوريدية معرضا للخلل التام النظام العالمي وهذا يعني بانه لا يوجد اي نموذج محصن , ولكن عليهم ان يتعلموا المرونة تماما من مرونة النحل والنمل مثلا ازاء تعامله مع ازمات الطبيعة والذي يجعل الاعتماد المتبادل للنظام العام اكثر كفاءة , ولو انه يؤدي في بعض الاحيان وباحتمالات ضئيلة الى مخاطر ونقاط ضعف غير مرئية .
فيمكن للدول الاعضاء تصميم تدابير دعم واسعة بما يتماشى مع قواعد الاتحاد الاوروبي الحالية , بان يتخذوا اولا مجموعة من التدابير مثل اعانات الاجور وتعليق مدفوعات الشركات وضرائب القيمة المضافة والمساهمات الاجتماعية , ويمكن للدول الاعضاء من ناحية اخرى منح الدعم المالي مباشرة للمستهلكين كالخدمات الملغاة او التذاكر والتي لا يتم تعويضها من قبل المعنيين , يضاف الى ذلك بان قواعد المساعدة في الاتحاد الاوروبي تمكن الدول الاعضاء من مساعدة الشركات على التعامل مع نقص السيولة والتي تحتاج الى مساعدة انقاذ عاجلة للتعويض عن الاضرار الناجمة عن الحوادث الاستثنائية .
فمن شأن مثل هذه المبادرات الاستثمارية الفورية التحفيز في الدعم الفوري والسريع للحفاظ على الجزء اليسير في الوظائف الحالية وضمان نشاط مختلف القطاعات الاقتصادية الاكثر تهشيما , فالعواقب عميقة في جميع انحاء العالم فعدد كبير من الناس سيفقدون وظائفهم وبالتالي سبل عيشهم ,حيث ان أوروبا تتصارع مع ذاتها لكي تظهر نفسها للعالم بأنها دائما موجودة وحاضرة وخاصة عندما يكون شريكها بحاجة اليها .
فالاتحاد بحاجة الى مرونة و حلول هيكلية تجعله قادرا على التصرف بسرعة وتعبئة موارده الخاصة بسرعة عندما تكون هناك حاجة اليها من اجل الاجراءات الاوروبية ومن دون أثقال الدول الاعضاء , يجب معالجة مستقبل الاتحاد الاوروبي, حيث تشكل صناديق الانعاش والعديد من الخطط التحفيزية والريادية الاداة الحاسمة الجديدة لتمكين الاتحاد الاوروبي من المساعدة في اعادة بناء الاقتصاد والذي تدمر من جراء الازمة فالاتحاد الاوروبي ملزم بالتفكير بجدية تى بما لا يمكن تصوره .

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

د. محي الدين الشحيمي، استاذ في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا

الدكتور محي الدين محمود الشحيمي، دكتوراه في القانون جامعة باريس اساس في فرنسا. عضو لجنة التحكيم في مدرسة البوليتكنيك في باريس. محاضر في كلية باريس للاعمال والدراسات العليا واستاذ زائر في جامعات ( باريس 2 _ اسطنبول _ فيينا ). خبير دستوري في المنظمة العربية للقانون الدستوري مستشار قانوني واستراتيجي للعديد من الشركات الاستشارية الكبرى والمؤسسات الحكومية الفرنسية كاتب معتمد في مجلة اسواق العرب ومجلة البيان والاقتصاد والاعمال ومجلة الامن وموقع الكلمة اونلاين . رئيس الهيئة التحكيمية للدراسات في منصة الملف الاستراتيجي وخبير معتمد في القانون لدى فرانس 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى