الاحدثالصورة الكبيرة

سلسلة المجتمع المدني يتحدّث (١) | بقلم د. سوزان سربيه مؤسِّسة منصة بيراميد

يطلق الملف الاستراتيجي سلسلة مختصة بآراء وتقييم المجتمع المدني لتطور الأحداث منذ انتفاضة ١٧ تشرين وحجم الدروس المستفادة من التجربة والرؤى المستقبلية. يشكر الملف الاستراتيجي بشكل خاص الدكتور دوري ضو الذي ساعد في تأمين التواصل والمتابعة والتأكد من المادة العلمية للملف، ملاحظين حجم الجهد خاصة مع تردد بعض المجموعات في المشاركة لأسباب لم يتسنَ لنا معرفتها. (الناشر)

 

المحور الأول :
معضلة القيادة ميزت الحراك اللبناني منذ تحركات عام 2015 وحتى انتفاضة17 تشرين وما تلاها. هناك عدة مقاربات لمسألة القيادة: القيادة تصنع بالتناقض وليس بالوحدة، القيادة تنتج عن الدروس والتراكمات من نجاحات وفشل، لا قيادة موحّدة لأن لا خلفيات ولا رؤى موحدة او اخيراً القيادة الموحدة للثورة ليست قدراً . اين انتم من موضوع غياب القيادة؟

عندما يتبين أن هناك قائد للمعارضة تسعى السلطة او المنظومة الحاكمة إما لخطفه أو إلى تهديده او تغتاله ، وهكذا ترسل رسائل لكل المحتجين والمتظاهرين والقوى المعارضة وفي نفس الوقت تكون قد تخلصت منه وهذا ما شكل مخاوف عند بداية الثورة لدى ثوار 17 تشرين ، إذ ان المنظومة قامت باغتيال شخصيات من المعارضة وكانت المخاوف ان تعيد هذا السيناريو .

ان القائد يأتي من حالة معينة لا يصنع انما الظرف والحالة التي يكون فيها هو يعرف كيف يظهر نفسه ويبرز نفسه كقائد في مجموعة وليس تعيين من أحد، إضافة الى فكرة ان المنظومة تسعى دائما الى وضع ناس لها داخل الثورة تابعة لها تعمل على خرق الثورة ترسل المندسين حيث يمكن ان نتكلم عن وجود متظاهرين لا مشكلة لديهم مع حزب الله ومتظاهرين سياديين لديهم مشكلة معه وهنا يكون اعتماد قاعدة فرق تسد عندها تتمكن السلطة من التغلغل بين الثوار وتفرض حالة مختلفة عن الحالة التي كانت فيها ثورة 17 تشرين.

المحور الثاني:
الشللية والتفتت وغياب التحالفات طويلة االجل وغياب المثل المضاد لتشتت السلطة الواسع هم من سمات الحراك. اين تكمن المشكلة بالضبط؟ الأنانية؟ عقلية الإقصاء؟ تمدد مرض السلطة الى الثورة؟

مما لا شك فيه ان ازاحة الطبقة السياسية قبل الانتخابات او اي استحقاق له اهمية كبرى وهو اولوية، ولكن وضع كورونا لم يسمح ولم يساعد بالاضافة الى انفجار 4 آب الذي أصاب الناس باليأس والإحباط ودفعها الى التفكير بالهجرة، بعد فقدانها الأمل، وهذا ما فرمل فكرة إزاحة المنظومة الحاكمة حاليا، اضافة الى تعامل السلطة مع الثوار على الارض إن كان من حرس المجلس الذين اطلقوا النار على الثوار مباشرة وإصابتهم باعينهم واجسادهم بالرصاص المطاطي، وبعضهم نقل الى المستشفيات بإصابات حرجة .

هذه الاعمال البلطجية التي قامت بها الدولة فرملت فكرة ازاحة السلطة الحاكمة والتخلص منها قبل خوض اي استحقاق نيابي، ولكن هذا لا يمنع ان نخوض هذه الانتخابات مبكرة كانت او في موعدها، وهي بمثابة الحل الوحيد والثورة آخذة هذا الامر بالإعتبار وبدأت التحضيرات له ، مع العلم انه بسبب تفقير وتجويع الناس سيكون امام السلطة خيارات كثيرة تلجأ اليها من شراء الاصوات الى البطاقات التموينية او التمويلية الى الرشاوى، وتقديم الخدمات والزبائنية السياسية ، ولن تقصر عن القيام بهذه الممارسات وستقوم بها بقوة اكبر عما كانت تقوم بها في السابق .

وامام هذا الواقع لا يمكننا ان نستسلم لأنه يبقى الـ 51 % التي هي الأكثرية الصامتة ولم تنتخب في سنة 2018 إذا انتخب منها 30 % فإنها قادرة على قلب الطاولة وتغيير كل المقاييس والمعادلة داخل المجلس النيابي، وتعويلنا اليوم على هذه الاكثرية الصامتة في ان نخلق لها بديل جدي منظم وكبير على مساحة كل لبنان، من اجل استقطابها، اضافة الى الناس التي غادرت الاحزاب التقليدية ولم تعد مقتنعة بها، وتعتبر انه لم يأتِ منها إلا الخراب ولم تعد تؤمن بها، ولا بهذا الزعيم.

المحور الثالث:
الطريق الى التغيير يكون عن طريق الإنتخابات أولًا او إطاحة الطبقة اولاً؟ هل لا زالت الأمال قائمة في اي انتخابات مقبلة؟ ماذا عن ما يحكي عن انتصار الثورة المضادة وإعادة امساك الطبقة السياسية بالوعي؟

الثورة مرت بعدة مراحل منها مرحلة التعارف ومن ثم التواصل بين افرادها وتبادل الوثائق ومن ثم تنظيم مجموعات في ما بينهم تلاها إئتلافات ينضوي تحتها عدة مجموعات الى ان يصار الى تأليف 5 إئتلافات يعكسون ثورة 17 تشرين ، وعندها يصبح التواصل وتقريب وجهات النظر اسهل، وخوض اي استحقاق في المستقبل يصبح اسهل ويصبح هناك امكانية للسير بمشروع معارض يكون جدي وصلب. وما انجزته الثورة وهو الوصول الى 4 الى 5 إئتلافات كبيرة وتندرج تحت كل ائتلاف عدة مجموعات صغيرة هذا صحي وسليم ويوصل الى تخاطب وتفاهم، والى حلول واهداف اكثر، وهكذا تخوض الثورة استحقاقات نيابية وبلدية ام نقابية بسهولة اكثر ونتائج فعالة.

المحور الرابع:
بما خص البرنامج، هل يكفي التمايز عن الطبقة السياسية لإعطاء مشروعية لمجموعات الثورة؟ هل هناك مشروعية خارج المشروع التغييري المتكامل؟

ما يهم الناس اليوم هو من يتقدم بالبرنامج ومن يقدم خطة العمل هل هم ناس ذو مصداقية عالية أو ذو ثقة عالية او ذو كف نظيف هذا ما تريده الناس اليوم وهو مسؤوليتنا اليوم ومسؤولية ثوار 17 تشرين .

إنتهك الدستور اكثر من مليون مرة ومن اعلى المسؤولين في البلد الى اصغرهم، ولم يهتم احد والحكومة كانت توافق على الاتفاقيات الدولية وتضعها في الجارور، ولا تسعى الى تطبيقها اي انها تغش الراي العام المحلي والدولي وتتجنب التطبيق والتنفيذ، وهذا نوع من التمويه والخداع للرأي العام من أجل اسكاته بإبرة مورفين ، لكنها في الحقيقة تخالف ما ينص عليه الدستور وعلى الاتفاقات التي وقعتها كالقرار 1559 والقرار 1701 وحتى اليوم لا تزال السيادة منتهكة والدستور مخروق ويقولون اننا نريد لبنان سيد حر ومستقل ، الكلام سهل لكن الاهم هو التطبيق وهو ما تريده الناس اليوم وليس فقط برامج بل اشخاص ذات مصداقية وذو ثقة عالية كي تتأكد ان كل شيء يكتب ويوقع يتم تنفيذه .

د. سوزان سربيه مؤسِّسة منصة بيراميد للحوار

د. سوزان سربيه مؤسِّسة منصة بيراميد للحوار. صيدلانية، حاصلة على دكتوراه في نظم الأدوية الأوروبية، ناشطة في المجال الطبي منذ عام 2014 ومنذ اليوم الأول لتحركات 17 تشرين الأول ، عضو مؤسس في الرداء الابيض وعضو مجلس إدارة LCC

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى