لقد كان صادما استحضار مدير عام الاقتصاد لمصطلح “تجار الأزمة ” تكرمًا منه بمنح الأسباب التخفيفية لكارتلات جناةٍ خطيرين وجشعين معروفين ومعرّفين قانونا، كما وانه كان لافتا تعظيم وزيرين لواقعة تنكبهما اقل ما تستوجبه مقتضيات مسؤولياتهم، سواء اكان في عطلة نهاية الأسبوع ام تزامنا مع مناسبة سعيدة مباركة عند أحدهما!!؟. لذلك فانه لابد من طرح عدة تساؤلات تقتضي مكاشفة الشعب بشأنها التزاما بمعايير الحوكمة ومقتضيات المراقبة والمساءلة الداخلية منها والخارجية :
● ما دواعي عدم اصدار جدول اسعار المحروقات يوم الاربعاء في ٢/٣/٢٠٢٢ ، وخدمةً لمن حصل ذلك طالما ان الوزارة المعنية كانت متأكدة من توفر المخزون لأكثر من خمسة عشر يومآ على نحو ما اعلن على الملأ لاحقا من الوزارة ومن اكثر من مصدر معني بالأمر؟
● في ضوء الأخطار الداهمة والمؤكدة والمتفاقمة التي تعرضت لها قطاعات وطنية حيوية ، والتي شكلت تهديدا وجوديا للسواد الاعظم من السكان في شتّى الميادين وعلى جميع المستويات، ترى ما هي مبررات التلكؤ في انهاء المجلس الأعلى للدفاع الى مجلس الوزراء للإسراع بإصدار مراسيم إتخاذ التدابير القانونية المنصوص عليها بالمادة الثانية من قانون الدفاع الوطني ١٠٢/٨٣وتعديلاته، سيما منها ما ورد تفصيلا في النبذات الاربع من فقرتها الثالثة عموما وفي فقرتها الرابعة (د) تحديدا التي قضت باتخاذ تدابير تهدف الى “مصادرة الأشخاص والأموال وفرض الخدمات على الأشخاص المعنويين والحقيقيين مع مراعاة الأحكام الدستورية والقانونية المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ” ، وهذا بالطبع أضعف الإيمان وأقل المتوجب لقطع دابر شيوع ظاهرة “تجار الأزمة!!” في سائر قطاعات أمننا القومي المعرضة للانهيار بظل الأوضاع الدولية الكارثية المستجدة والمتفاقمة على مدار الساعة ؟.
وأما المقام الاخير وليس الآخر من التساؤلات المشروعة ذات المنطلقات الانسانية والاخلاقية شبه المنعدمة عند المنظومة السياسية الحاكمة، فقوامه التقصي عن الاساليب الناجعة لالزام جميع أعضاء هذه المنظومة بالثوبان إلى النذر القليل المتبقي من ضمائرهم لكي يدركوا بأنه شتّانَ ما بين استمرار مظاهر تنعمهم بأدوارهم السلطوية تمييزا واستئثارا، وبين موجبات العودة الى انسانيتهم والتحلي بحس المسؤولية تأسيا بحكمة سيد البلاغة في خطبته الشهيرة” أيها القوم حاجات الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملّوها” ، علها بذلك تتناهى الى اسماعهم اخبار مئات منسوبي القوى العسكرية والأمنية الذين لطالما قضّت مضاجعهم واذكت مواجعهم عبارات “كيفك عمو” يُستقبلون بها من أبنائهم نتيجة غيابهم المتكرر والطويل عن أسرهم، لدواعي خدمتهم الموسومة بالاندفاع وبالانضباط وبالايثار…
بئس زمننا زمن العجائب وقد انعدمت فيه قيمة الانسان، جوهر كل حقيقة، في وطن لطالما شكّل علامة فارقة في معارج الحضارة الانسانية عبر التاريخ .