إقتصادالاحدث

كيف تخطى الاقتصاد الصيني حجم الاقتصاد الأمريكي كأكبر اقتصاد في العالم؟ كتب حسّان خضر

هناك حقيقة تكتنز الكثير من الأهمية، ولكن لا يريد الأمريكيون سماعها، وهي أن الصين قد أزاحت الولايات المتحدة الأمريكية عن التربع على عرش الاقتصاد العالمي، لتصبح أكبر اقتصاد في العالم لأول مرة.

كيف حدث ذلك؟
اعتمد صندوق النقد الدولي في تقريره ” آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أكتوبر 2020″، لبيانات الناتج الاقتصادي العالمي ” برنامج المقارنات الدولية”، حيث تفوقت الصين على الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح أكبر اقتصاد في العالم. فقد قدر صندوق النقد الدولي الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2020 – باستخدام المقياس الأكثر موثوقية والمقبول الآن على نطاق واسع، والذي يُعرف باسم تعادل القوة الشرائية Purchasing Power Parity (PPP)- عند 24.2 تريليون دولار أمريكي مقارنة بـنحو 20.8 تريليون دولار للاقتصاد أمريكي. أما إذا ما تمت المقارنة بالاستناد الى معيار سعر صرف السوق Market Exchange Rate (MER) فإن حجم الاقتصاد الأمريكي يتجاوز نظيره الصيني بنحو 6 تريليونات دولار، إذ يبلغ حجم الاقتصاد الأمريكي 20.8 تريليون دولار، مقابل 14.6 تريليون دولار للاقتصاد الصيني.

يُعدّ برنامـج المقارنـات الدوليـة التابع للبنك الدولي أضخـم برنامـج إحصائـي عالمـي يهـدف إلـى تقديـر تعادل القــوة الشــرائية التــي تســتخدم فــي عمليــة تحويــل الناتــج المحلــي الإجمالي ومكوناتــه بالعملــة المحليــة إلــى عملــة عالميــة مشــتركة بســعر متســاوٍ. وتُمكّن طريقة حساب تعادل القوة الشرائية (PPP) من مقارنة كمية السلع التي يمكن للمرء شراؤها مقابل أمواله في دول مختلفة، في حين كان المقياس المستخدم تقليديًا لحساب الناتج المحلي الإجمالي هو سعر صرف السوق (MER)،والذي لا يعكس الأرقام الحقيقية. ووفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي يعتبر المقياس الجديد هو “الأكثر دقة”. كما يعتبر قياس الناتج المحلي الإجمالي على أساس تعادل القوة الشرائية أكثر ملاءمة لمقارنة مستويات المعيشة.

يُعرف تعادل القوة الشرائية (PPP) بأنه مقياس شائع يستخدمه محللو الاقتصاد الكلي الذي يقارن عملات الدول المختلفة، حيث يسمح نهج “سلة السلع” وتعادل القوة الشرائية (PPP) للاقتصاديين بمقارنة الإنتاجية الاقتصادية ومستويات المعيشة بين الدول. ويُنظر إلى طريقة سعر صرف السوق MER بريبة لأنها تقلل من القدرة الشرائية لعملات العديد من الدول. نتيجة لذلك، فإن عملات العديد من الدول مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية مقابل الدولار. وبالتالي، فإن تعادل القوة الشرائية “يزيل الفروق في مستويات الأسعار بين الاقتصادات”، وبالتالي يقارن الاقتصادات الوطنية من حيث المقدار الذي يمكن لكل دولة أن تشتريه بعملتها الخاصة بالأسعار التي تباع بها.

باختصار، كان المعيار القياسي الذي اعتاد معظم الأمريكيين على إظهاره أن الاقتصاد الصيني أصغر بمقدار الثلث من الولايات المتحدة، لكن عندما يدرك المرء حقيقة أن دولاراً واحداً في الصين يشتري ما يقرب ضعف ما يشتريه في الولايات المتحدة، فإن الاقتصاد الصيني اليوم هو أكبر من الاقتصاد الأمريكي بحوالي السدس.

وبغرض تبسيط الموضوع، وللتغلب على التناقضات مع الأســاليب التقــليدية، ابتكرت مجلةThe Economist طريقة جديدة تسمى مؤشر Big Mac،أي ” البرغر الكبير” لتحديد ما إذا كانت العملات في المستوى الصحيح. الحقيقة هي أن الدولار الأمريكي الواحد يمكنه في الصين شراء ما يقرب من ضعف ما يشتريه في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وأسعار الصرف الحالية في السوق لا تعترف بذلك. هذه المقارنة تفترض أن 7 يوان تشتري نفس الكمية من البضائع في الصين مثل دولار واحد في الولايات المتحدة، ولكن من الواضح أن هذا ليس هو الحال. لتسهيل فهم الموضوع، فان مؤشر Big Mac يوضح ذلك.

وبحسب مؤشر بيغ ماك، فمقابل 21 يواناً يمكن للمستهلك الصيني شراء وجبة “بيج ماك” كاملة في بكين. إذا قام بتحويل مبلغ هذا اليوان بسعر الصرف الحالي، فسيحصل على 3 دولارات، والتي ستشتري فقط نصف بيج ماك في الولايات المتحدة. ولكن إذا قـــام الصينيون بتحويــل اليوان الخاص بهم إلى الـــدولار، واشتروا بيج مــاك في الولايـات المتـــحدة، وأخذوهـــا على متن الطـــائرة إلى وطنهم الصين لاستهـــلاكها، فإن المقـــارنة بين الاقتصــادين الصينـــي والأمريكي باستخدام مقياس MER ستكون منـــاسبة، لكن بدلاً من ذلك، يشترونها في واحد من فروع ماكدونـــالدز في وطنهم الصين حيث يتكـــلفون نصف ما يدفعه الأمريكـــيون داخل بــــلدهم.

ووفقًا لمجلة “الإيكونوميست”، أنتجت الصين في عام 2019، ما قيمـــته أكثر من 99 تريليون يوان من السلع والخدمات، وأنتجت الولايات المتحدة ما قيمته 21.4 تريليون دولار. وحيث أن كل 7 يوان كان يساوي دولارًا في العام الماضي- في المتوسط – كان الناتج المحلي الإجمالي للصين يساوي نحو 14.6 تريليون دولار فقط عند تحويله إلى دولارات بأسعار السوق MER. وهذا لا يزال أقل بكثير من اقتصاد الولايــــات المتـــحدة الأمريكية. لكن 7 يوان تعـــــادل في الصــين أكثر ممــا يســــاوي الـــدولار في الولايـــات المتحدة الأمريكية. ومن الأمثلة على ماكدونـــالدز “بيج ماك”، التي تبلغ تكلفتها حوالي 21.70 يوانًا في الصين و5.71 دولارًا في الولايات المتحدة الامريكية. وفقًا لهذا المقياس، فإن 3.5 يوان تشتري ما يصـــل إلى دولار واحــد. وبالتالي، فيمكن أن يشتري 99 تريليون يوان ما يصل إلى 26 تريليون دولار، واقتصاد الصين هو بالفعل أكبر بكثير من الاقتصــــاد الأمريكي.

حسّان خضر، باحث وكاتب لبناني

باحث في الشؤون الاقتصادية وله دراسات وتقارير مهنية معمقة تتصل باقتصادات مجلس التعاون الخليجي والاقتصادات العربية بشكل عام. عمل في مؤسسات اقليمية مرموقة منها بنك الكويت الوطني والمعهد العربي للتخطيط، ويعمل حالياً خبيراً في ادارة البحوث في بنك الكويت المركزي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى