ألابرزالاحدثالصورة الكبيرة

إحياء المَدرَسَةِ المَشّائيّة في لبنان كَرافِدٍ ثقافيٍّ وحَضارِيٍّ للتغييرِ السِياسيّ كتب وليد المحب

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

مُقَدِّمَة
في سِياق عَقلَنَةِ وتَرشيدِ مَساعي التغيير السياسي في لبنان، بادَرَ عددٌ مِن المواطنين إلى خَلقِ مجموعة “مَشّائو 17 تشرين”، التي سَتُباشِرُ أنشِطَتَها فَورَ انتِهاء الحَجر الصحّي المَفروض بِسببِ جائِحَةِ كورونا.

ما هي المدرسة المَشّائِيّة؟
المدرسة المَشّائِيّة École Péripatetique هي ظاهرة ثقافية عرَفَتها الحضارة اليونانيّة القديمة مع أرِسطو وتلاميذِه، والتي طوَّرَها في العصر الروماني الفيلسوف زينون مِن خِلالِ المدرسة الرِّواقيّة، تِلكَ المَدرسةِ التي نَشَرَت وَعياً فلسَفيّاً وسِياسِيّاً بِتناقُلِ المَعرِفةِ مَشياً على الأقدامِ بينَ أروِقَةِ المَعابِدِ في روما.
لاحِقاً انتهجَ مُعظَمُ الفلاسِفَة العَرَب أسلوبَ المَدرَسَةِ المَشّائيَّة، ومِنهُم الكِندي، الفارابي، ابنُ سينا، ابنُ باجَة وابنُ رُشد في الأندَلُس.
مُؤَخَّراً، تَعقدُ أهمّ الشركات العالميّة اجتماعات مجالس إداراتها مَشياً على الأقدام، ومِنها شَرِكات التكنولوجيا العالميّة المُتَمَوضِعَةِ في وادي سيليكون Silicon Valley.

لماذا المَشي؟
يُسَرِّعُ المَشيُ الدورةَ الدمَوِيَّةَ في الجِسم، مِمّا يَجعَل الدِماغ يتغَذَّى بِكَمّيةٍ أكبرَ مِنَ الدَم بالمُقارنةِ مَع حالةِ الجُلوس، وهذا يتيحُ دخولَ كَمِّيَّةٍ أكبرَ مِنَ الأوكسيجين إلى خَلايا الذِهن، مِمّا يجعلُ التركيزَ والأداءَ العقليّ في أقصاه.
سَوفَ تُشَكِّلُ أنشِطَة مشّائي 17 تشرين تطبيقاً عَمَلِيّاً لِلنَصيحةِ المَعروفَةِ عالَمِيّاً بضرورةِ دَمجِ المُتعَة بالمنفعة Joindre l’utile à l’agréable، فالمُتعَة والمَنفَعَة متوفِّرتانِ في كُلٍّ مِن إعمال الجِسم بالرياضَةِ وإعمال العَقلِ بالتعَلُّم.

لِماذا يتَجاوَزُ التثقيفُ السياسيّ بأهمّيتِهِ أيّ تثقيفٍ آخَر؟
إنّ نشرَ الثقافةِ أمرٌ مَطلوبٌ دَوماً، وكلّ العُلوم تصبُّ في خِدمَةِ المُجتَمَع إذا أحسِنَ توظيفُها، والسياسة بأحدِّ تجلّياتها هي إحسانُ توظيف العلوم للصالِح العام.
تَتَداخَلُ العُلومُ فيما بَينَها ويُغَذِّي بَعضُها بَعضاً، إلّا إنّ السِياسَة هي العِلمُ الذي تتقاطَعُ عِندَهُ كُلُّ العُلوم، فهُوَ بالنسبةِ لِجَميعِها كالأرضِ المُنخَفِضَةِ التي تشربُ ماءَ المَناطِقِ المُرتَفِعَة.
عِلمُ الاجتِماع، عِلمُ النَفس، عِلمُ الاقتِصاد، عِلمُ الجُغرافيا…، كلّها تَروي عِلمِ السياسة فتَنبُتَ ثِمارُ المُجتَمَع، وتكاد كلّ واحِدَةٍ مِن تِلكَ الثِمارُ أن تكون عِلماً مُستَقِلّاً: الاجتماع السياسي، النفس السياسي، الاقتصاد السياسي والجيوبوليتيك…
مِن جهةٍ ثانية، يُشَكِّلُ توسيع المُشاركة السياسية أهمَّ سِماتِ المُجتَمَعاتِ الحَضارِيّة، ولِذَلِكَ نَجِدُ تِلكَ المُجتمَعاتِ تولي اهتماماً كبيراً بِه.
هل هُناكَ حاجة في المُجتَمَع لتوسيع المُشاركة الهَندَسِيّة؟ لا. هل هُناكَ حاجة في المُجتَمَع لتوسيع المُشاركة الطبّية؟ لا. فَالتخصّصاتِ العِلميّةِ يَسقُطُ واجبُ الإلمامِ بِها عَنِ الكُلِّ، بِمُجَرَّدِ اهتِمام البَعضِ بِها.

مَن سَيُشارِك في أنشِطة مَشّائي 17 تشرين؟
بابُ المُشارَكَةِ كَمُستَمِعٍ مَفتوحٌ للجميع، أمّا كمُحاضِرٍ فَيَنبَغي أن تَتعرَّف أسرَةُ مَشّائي 17 تشرين على الراغِب في تقديم مُحاضَرات، وأن تَتَأكَّدَ مِن كَفاءَتِهِ وَمِن أنَّهُ سَيُقَدِّمُ عِلماً صافِياً بَعيداً عَن الأهواءِ والآراء الشَخصِيَّة. وستُعطي أسرَةُ مَشّائي 17 تِشرين الأولَويَّة لأساتِذَةِ العُلومِ السِياسيَّة، ولأصحابِ الخُبُراتِ في المَجالاتِ التي تَخدُمُ التغييرَ السِياسيّ في لبنان. على أن يُؤَكِّد الراغِب في المُشاركة التِزامَهُ بِـ “نِظامِ الأنشِطَةِ”.

وليد المحب، باحث وكاتب سياسي

وليد المحب خريج العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية باحث وكاتب سياسي، وضع كتابا في حق التعبير، ولديه كتاب تحت الطبع باللغة الفرنسية عمل كمسؤول للعلاقات العامة في المكتب الإعلامي الكويتي ناشط حقوقي ومؤسس جمعية صون حق التعبير مهتم بعقلنة وترشيد الثورة، ولهذه الغاية أنشأ مع أصدقائه مركز 17 للدراسات والبحوث يحمل رؤية تفيد التغيير السياسي في لبنان، لجهة توفير البديل المُقنِع للشعب اللبناني وللمجتمع الدولي أطلق مؤخرا المدرسة المشّائية في لبنان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى