اي مستقبل في ظل الضياع I ايمان عبد الملك
كيف لبلد أن يسلم ويعيش شعبه بطمأنينة طالما هناك أطماع بأرضه وغازه ومائه ،طبيعته الخلابة وأرضه الخصبة وشواطئه الممتدة على طول الساحل اللبناني جعلته بوابة الشرق، لذلك علينا أن ندرك بأن حظه العاثر أوجده ضمن قائمة دول العالم الثالث ، بلدان ضعيفة مطموع بها ، قرارها يأتي من الخارج ،متعددة الطوائف وكل طائفة تابعة لدولة كبرى تُحركها حسب أهوائها ومصالحها،ليبقى الشعب بحيرة من أمره، يعيش بحالة قلق نتيجة الحروب المتكررة داخلية منها وخارجية مما أتعب المواطن وأجبره على الهجرة خوفا من الحياة المعيشية الصعبة والفلتان الامني وعدم الاستقرار.
عشرون سنة أمضاها اللبناني وهو يتخبط وسط حرب أهلية طائفية، تركت وراءها الخراب والدمار والتهجير، ذهب ضحيتها الآلاف من الشهداء والمعتقلين ، دخلت خلالها جيوشا عربية على ارضه ، ثم تلاها الاجتياح الاسرائيلي ،لتأتي من بعدها قوات الامن الدولية لحماية الحدود ، وعندما تنفس المواطن الصعداء أتت حرب تموز وحررت المقاومة الاراضي اللبنانية من الاحتلال الصهيوني واستعدنا المعتقلين الموجودين في السجون الاسرائيلية،بقيت تمنيات الشعب ان تنتهي الصراعات على أرضه ويعيش بطمأنينة وسلام.
فيما حلم اللبناني بعودة الحياة الطبيعية وتحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي ليتسنى للفرد أن يعيش ببحبوبه على أرضه ،لكن آماله ذهبت سدى بعد تغيير المنحى السياسي في المنطقة ونشوب الحرب السورية التي تحولت الى حرب اقليمية مما أثر على الأجواء السياسية في البلاد خاصة انها مرتبطة بدول الجوار، لتبدأ الحرب الاقتصادية والتضييق على اموال الشعب من خلال المصارف والصرافين ومصرف لبنان الذين حرموا المواطن من الوصول الى حساباتهم المصرفية ، ومنعه من التعامل بالدولار لتفقد الليرة اللبنانية قيمتها التي تسارعت في الهبوط وولدت أزمة معيشية حادة .
ان الكساد الاقتصادي الحاصل في البلاد نتيجة الديون المتراكمة والفساد المستشري وعدم الثقة بالبلد الذي شارف على الافلاس ،أوقفت قروض الدول الدائنة والمانحة ومنها المنحة المقدمة من الدولة الفرنسية من خلال مؤتمر” سيدر” وتخلف البنك الدولي عن المساعدة والدفع لانقاذ ما تبقى من البلاد ، وكل ذلك للضغط على الدولة وتفقير الشعب وحثه على النزول الى الشارع للأنتفاض على “المقاومة وسلاحها” ومن هنا بدأت ثورة تشرين حيث نزل الشعب الى الشارع للمطالبة بحقه بالعيش الكريم وتأمين فرص عمل للفئات الشابة ، واقرار قانون انتخاب عادل ونزاهة في القضاء ، حتى وصل الى اسقاط حكومة وتأليف “حكومة تكنوقراط” ،ولكن كل ذلك لم يحسن من الوضع بل زاده سوءا حيث فقدت الليرة قيمتها الشرائية،فيما زادت الضغوطات الدولية واقيمت التحالفات العسكرية بهدف تقسيم المنطقة وحماية مصالحها الاقتصادية ، ليكتب على الشعوب العربية العيش بقلق وتوتر وخوف من المستقبل ودفع ثمن أنانية الحكام العرب وعدم تماسكهم وتخوين بعضهم البعض دون الادراك بأن هناك عدو اوحد موجود ،يحرك بوصلة الحرب كما يحلو له ،حتى وصلت منطقة الشرق الاوسط الى ما هي عليه .