دولي

العالم القادم .. من الكساد الكبير إلى كساد أكبر

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

العالم بعد كوفيد19 .. من الكساد الكبير إلى كساد أكبر. المقال لنورييل روبيني الاقتصادي الذي توقع الازمة الاقتصادية العالمية عام ٢٠٠٨

مع استمرار تفشي وباء كوفيد 19 المستجد وخروجه عن نطاق السيطرة العالمية، فإن أفضل حالة اقتصادية قد يمر بها العالم هي حدوث الركود على نحو يفوق ذلك الذي وقع في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008 ولكن بالنظر إلى استجابة دول العالم وتعاملهم حاليا مع الأزمة، فإن العواقب الاقتصادية المنتظرة قد تبدو أكثر سوءا.
ففي نيويورك، بدأت مظاهر الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي الوباء، تتجلى بسرعة هائلة، ففي الماضي عندما وقع الكساد الكبير في عام 1929 والأزمة المالية في عام 2008 تطلب الأمر نحو ثلاث سنوات كي يستشعر العالم حجم العواقب الاقتصادية الوخيمة من إفلاس الشركات وتعثر الائتمان وتقلص حجم الناتج المحلي كنتيجة مباشرة لانهيار أسواق الأسهم بواقع 50% أو ما يزيد عن ذلك. ولكن ما نراه خلال الأزمة الحالية هو تراجعا ملحوظا لجميع ما سبق في غضون ثلاثة أشهر فقط.
وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، استغرق الأمر نحو 15 يوم فقط لحدوث الانخفاض الكبير في سوق الأسهم الأمريكية بنسبة 35%، وهو أسرع انخفاض شهدته الأسواق الأمريكية. كما توقعت بعض المؤسسات المالية الشهيرة مثل Goldman Sachs, JP Morgan and Morgan Stanley أن ينخفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة سنوية تبلغ 6% خلال الربع الأول من العام وبنسبة تتراوح من 24% إلى 30% خلال الربع الثاني. وقد حذر وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوشين من ارتفاع معدل البطالة إلى نسبة تجاوز الـ 20% أي بما يعادل ضعف نسبة البطالة التي حدثت كنتيجة للأزمة المالية في 2008 (GFC).
وبعبارة أخرى، فإن الركائز الاقتصادية والمالية قد أصبحت جميعها مهددة بالانهيار التام؛ كالاستهلاك والإنفاق الرأسمالي والصادرات، مما يجعل جميع التوقعات القائلة بحدوث الركود ثم إمكانية استعادة النشاط والتعافي مجددا تذهب سدى، وذلك نظرا لأن حجم الإغلاق والجمود الذي شهدته الأنشطة الاقتصادية في كل من الصين وأوروبا وأمريكا لم يشهده العالم من قبل.
وهناك بعض السيناريوهات المتوقعة-والتي تبدو الأفضل على الإطلاق- بالنسبة لدول العالم خلال المرحلة المقبلة. أولا، بالنسبة لأوروبا، وأمريكا وجميع الاقتصادات الكبرى التي تأثرت سلبا جراء انتشار الوباء، فسوف يتعين عليها إجراء المزيد من اختبارات كوفيد 19 وتوفير العلاج المناسب للمرضى. إلى جانب ضرورة تصعيد إجراءات الحجر الصحي وإغلاق المدن والتي قامت الصين بالالتزام بها على أكمل وجه. ونظرا لما يتوقعه الباحثون من تأخر إنتاج المصل المضاد للفيروس حتى 18 شهر من الآن، فسوف يتوجب على كافة الدول توفير بعض أنواع العقاقير المضادة للفيروسات كنوع من الإجراءات الوقائية خلال المرحلة الحالية.
وثانيا، ينبغي على صناع القرارات المالية في العالم الابتعاد كل البعد عن القرارات التقليدية التي لا تجدي نفعا في أوقات الأزمات. مما يعني ضرورة خفض أسعار الفائدة تماما، والتيسير الكمي، وشراء الأصول الخاصة لدعم البنوك، وصناديق أسواق المال، والشركات الكبرى أيضا. وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتعويض نقص السيولة الدولارية في الأسواق العالمية، إلا أننا لا زلنا بحاجة إلى مزيد من التسهيلات لتشجيع البنوك على تقديم القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وثالثا، يتعين على الحكومات توزيع بعض الحوافز في صورة مدفوعات نقدية للأسر المتضررة من الأزمة الوبائية العالمية، وبالتالي فإن الحكومات التي تمتلك ميزانيات قوية وضخمة، وحدها من ستتمكن من إنقاذ القطاع الخاص من خطر الإفلاس والانهيار.
في الواقع، فإن استجابة النظام الصحي في الاقتصادات المتقدمة كانت أقل بكثير مما هو مطلوب لاحتواء الوباء ، كما أن حزمة السياسات المالية التي تتم مناقشتها حاليًا ليست كبيرة ولا سريعة بما يكفي لتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق الانتعاش في الوقت المناسب. وعلى هذا النحو ، فإنه يمكن القول بأن العالم قد بات على شفا كساد أكبر من الكساد الكبير القديم. وإذا لم تتوقف تلك الجائحة، فإن جميع اقتصادات العالم ستواصل سقوطها الحر، وحتى إذا تمكنت الدول من احتواء الأزمة بشكل أو بآخر، فإن النمو الاقتصادي لن يكون في مستوياته المنشودة أو المتوقعة بحلول نهاية عام 2020
وعلى أية حال، فإذا تم السيطرة بصورة تامة على ذلك الوباء، فقد يظل الاقتصاد العالمي عرضة لنوبات جديدة من التدهور وضربات قاصمة أخرى. وبخاصة في ظل توقعات باحتمال ظهور طفرات جديدة من الوباء.
ومع اقتراب حلول موعد الانتخابات الامريكية، فسوف تفسح أزمة كوفيد 19 المجال أمام تجدد النزاعات بين أمريكا والقوى الأربع الأخرى: الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية. وسوف يكون الفضاء السيبراني ساحة تلك النزاعات، فمن المتوقع أن تشن الدول الأربع ضربات الكترونية لتقويض الولايات المتحدة.
وبالتالي فإن الأزمة الوبائية إلى جانب النزاعات الجيوسياسية بين القوى العظمى ستكون كفيلة جميعها بدفع الاقتصاد العالمي نحو كساد أكبر من السابق وأكثر استمرارية إلى جانب انهيار تام في الأسواق المالية. حقيقة، قد لا يحالفنا الحظ للنجاة هذه المرة.
رابط المقال اضغط هنا

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كثر هم المحللون و قلة هم الذين يتقدموا بأفكار و schematics إيجابية. مثلا إعطاء الحيز الكافي لاقتصاد المعرفة و المهارات الجديدة التي يجب على مؤسسات التعليم العالي المباشرة بها. خاصة الان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى