دولي

العالم بين كفي ترامب وبايدن… وكلاهما فاسق! كتب أكرم بزي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

“أن إعادة انتخاب الرئيس الحالي دونالد ترامب ستكون كارثة لا توصف، ذلك يعني أن سياسات السنوات الأربع الماضية كانت جيدة وسوف تستمر، في حين أنها كانت مدمرة للغاية للأميركيين و للعالم”. (الفيلسوف الأمريكي نُعوم تشومسكي)

قلت في مقال سابق من أن الانتخابات الأميركية هي أشبه ما تكون بـ “مسرحية هزلية” أبطالها فاشلون بمقاييس السينما الهوليوودية وإن كان بعض الساسة الأميركيين تخرجوا من هوليوود.
لا شك ان إنسحاب المرشح بيرني ساندرز عن الحزب الديمقراطي أفسح في المجال لـ جون بايدن من أن يكون نجم الديموقراطيين لإيصاله إلى البيت الأبيض، ولقد استفاد بايدن كثيرا من انشغال الرأى العام الأمريكى بالكارثة التى ألحقتها كورونا بالأمريكيين. لدرجة ان معظم المتابعين الأميركيين بالانتخابات نسوا الفضائح التي لحقت بجون بايدن طيلة وجود في مجلس النواب وما تلاها. الا أن بايدن يستمدّ قوّتهُ داخليا من الآتى: الضعف الذى يعانى منهُ ترامب جرّاء تفشى وباء كورونا ومعاناة أميركا من تزايد عدد الإصابات والوفيات. واستخفاف ترامب لعدم وصوله الى خطة واضحة لمواجهة ما يحدث في أميركا مما أفسح لخصمه بايدن من وضع تصور ومخطط واضح للمستقبل على مستوى هذه الجائحة الكونية. واستفاده بايدن من هزيمة المرشحة الراديكاليّة إليزابيت وارن من الانتخابات التمهيدية. مما أفسح له المجال من الاستفادة من ابعاد الاثنين معاً أي “ساندرز ووارن”. واعلانه من أنه فيما لونجح سيبقى على وعوده من عدم المس بأي قانون يؤثر على أثرياء الولايات!

اعتبرت “الأوبزرفر” أن ثروات الرئيس مرتبطة بشكل متزايد بمسار أزمة الصحة العامة التي فشل في احتوائها “أي أنه مستفيد مما يحصد هذا الوباء من ضحايا”، حيث تجاوز عدد الوفيات 145000 بينما يعانى الاقتصاد من حالة اضطراب. وأظهر استطلاع أجرته صحيفة واشنطن بوست و”إيه بي سي نيوز” هذا الشهر أن بايدن يتقدم كثيراً على ترامب ، بنسبة 55٪ إلى 40٪ بين الناخبين المسجلين. وهذا يتناقض مع آذار- مارس الماضي ، عندما كان الفارق بينهما ضيقا حيث كان الفيروس قد بدأ للتو في الانتشار. وفي الاستطلاع نفسه أن تصنيفات شعبية ترامب قد انهارت إلى 39٪ ، وهي نفس حصة الناخبين تقريبًا التي وافقت بينما انتقد 60٪ استجابته للفيروس. ومما يثير القلق بشكل خاص بالنسبة للرئيس ، موجة جديدة من الاستطلاعات التي تشير إلى أنه يفقد ميزته المتعلقة بالاقتصاد ، الذي كان سابقاً أكبر ضعف لدى بايدن. (الأوبزرفر).

وفي استطلاعات أخرى تظهر بايدن في المقدمة في مجموعة من ولايات ساحة المعركة التي ضمنت فوز ترامب في عام 2016، بما في ذلك ويسكونسن وبنسلفانيا وميشيغان. وأظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك في فلوريدا ، والذي يُنظر إليه على أنه حاسم بالنسبة لترامب ، تفوق بايدن بنسبة 13 نقطة. وتقول هايدي هيتكامب ، السناتور الديمقراطية السابقة من نورث داكوتا وهنا تتوافق مع ما يقوله تشومسكي: “مشكلة ترامب هي أنه يريد إدارة حملة مثل 2016، لكنه كان المسئول عن السنوات الأربع الماضية”. وتعتقد أن فرص إعادة انتخاب ترامب مرتبطة بأدائه الاقتصادي. وبمجرد أن يصبح نقطة مضيئة بالنسبة للرئيس، فحظه سيتغير، حيث ارتفع استياء الناخبين من طريقة تعامله مع الاقتصاد بشكل ينذر بالخطر مع تفاقم تفشي المرض في أجزاء كثيرة من البلاد. واعتبرت أنه بدون اقتصاد قوي تحت رئاسته، فإن ترامب “ليس لديه نظرية عن كيفية إعادة انتخابه”. وتابع قائلا “ما نعرفه عن هذا الرئيس هو أنه لو منح أربع سنوات أخرى سيكون حكمه مطابقا لما كان عليه في الفترة الأولى، سيبقى رئيسا لا يتحمل المسؤولية، يحجم عن القيادة ويتقارب مع شخصيات دكتاتورية ويؤجج نار الكراهية والانقسام، سيستيقظ كل يوم معتقدا أنه هو مركز الحكم، لا أنتم”. (BBC). وهنا جاء تساءل بايدن: “هل هذه أمريكا التي تريدونها لأنفسكم وأطفالكم؟”. وفي إشارته إلى ضحايا فيروس كورونا قال بايدن “رئيسنا الحالي في واجبه الأساسي تجاه الأمة: فشل في حمايتنا”.
كلا الرجلان يجهدان مع فرق العمل على كل المستويات لتحطيم الأرقام ترامب للبقاء في البيت الأبيض وبايدن لتحقيق حلمه وطموحه مذ كان نائباً للوصول الى سدة الرئاسة. ولتحقيق هذا الهدف لا مانع لديهما من ارتكاب كل أنواع الرذيلة والمساوىء طالما بقيت “مستورة” وتحت الطاولة.

قلنا أعلاه أن ما يجري هو أشبه بمسرحية هوليوودية فاشلة ابطالها يتفنون في اللعب السياسية الا أنهم فاشلون بمقاييس السينما الأميركية، في تعريفه للحلم الأميركي، يقول المؤرخ جايمس تارسلو آدمز: “هو الحلم بأرض تكون عليها الحياة أفضل وأكثر ثراء واكتمالا للجميع، أرض تعتمد فيها فرص كل شخص على قدراته وإنجازاته، بغض النظر عن الظروف القدرية لنشأته ومنصبه”. لم يكن ذلك الحلم في أفضل أحواله سوى محض خيال منبت الصلة بالواقع، وفي أسوأ الأحوال، بروباغندا سياسية تود أن تُبقي أعين الناس مُغمضة عن واقع الأمور. وعن هذا يقول المخرج فرانسس فورد كوبولا (مخرج فيلم العراب): “رحل الناس عن العالم القديم بسبب ما كان يسوده من سيطرة أرستقراطيات وتقاليد تعطي عائلات بعينها امتيازات بسبب ما يمتلكونه من علاقات ومناصب”. وقد كان من المفترض ألا يوجد أيٌّ من ذلك في أميركا، فهناك حكومة واجبها أن تحميك وترعاك. وإلى حد ما، كان هذا صحيحا، إلا إذا كنت مهاجرا فقيرا، فحينها، لن تنطبق عليك غالبا تلك الحماية.

خلال حكم المافيا القديمة أي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، كانت للمافيات قيمها وأصولها ومبادئها وأعرافها التي تتحكم بمسار التوزيع “العادل النسبي” للأموال من جراء المتاجرة بالممنوعات وتجارة الرقيق الأبيض الخ… وعندما كانت تختلف كانت القتلى تملأ شوارع شيكاغو وميتشيغن وغيرها من الولايات الأميركية.

أحد أبطال المافيا الإيطالية آنذاك عاش مواطنا صالحا ملتزما بالقانون، يعمل ويكد ليلا ونهارا في وظائف بسيطة ليعول أسرته الصغيرة. وبالرغم من أن الحلم الأميركي وعد كل من يكد ويشقى بفرص في النجاح والمال تتساوى مع قدر ما يبذله من مجهود، فإن هذا الرجل بالرغم من عمله الشاق والدائم لم يكن يجني من المال سوى ما يعيش به حياة تقف بالكاد على حافة الفقر، بعيدة كل البعد عن الثراء والوفرة الموعودين. يقول كوبولا عن العراب: “ليس من قبيل المصادفة أن “الأب الروحي” كان الفيلم المُفضل لعدد كبير من حيتان الأعمال، وكبار الدكتاتورين على غرار صدام حسين والقذافي، وهذا لأن المنطق الذي يحرك كل شيء فيه هو الرأسمالية الخالصة”. وفي ظل حكم الرأسمالية وسيطرة الأسواق الحُرّة، تلعب الدولة دورا هامشيا للغاية، دورا حدده المنظر الاقتصادي الشهير ميلتون فريدمان في الآتي: “للحكومة ثلاث وظائف أساسية، أن تُؤمّن الحماية العسكرية للدولة، وأن تفرض تنفيذ شروط العقود بين الأفراد، وأن تحمي المواطنين من الجريمة. أما التدخل في الاقتصاد، أو تشريع المبادئ الأخلاقية، فذلك يقع خارج نطاق اختصاصها”. (المصادر)

الخلاصة: للوهلة الأولى يتخيل للمشاهد من أنه يرى عملية ديموقراطية متقنة لا تشوبها شائبة، لكن في الكواليس شيء آخر، فأرقام ضحايا “الكورونا” تجاوزالـ 7 ملايين مصاب بالإضافة الى اكثر من 210 حالة وفاة. وهذا يدفعنا الى التساؤل عن الإهمال الذي حصل في بداية الإعلان عن هذا الفايروس وعن تباطؤ إدارة الرئيس ترامب عن القيام باجراءات الحماية. وأيضا فيما بخص بايدن فالفضائح تلاحقة منذ توليه مقعده في مجلس النواب الأميركي، كلا الرجلان فاسدان، إلا أن المخرج يريد لنا أن نصدق أنهما من أفضل ما انتج المجتمع الأميركي من كفاءات! … أليس هما المرشحان القويان للمقعد الأول في أعظم دولة على الاطلاق؟!

الكاتب أكرم ناظم بزي

الكاتب والباحث اكرم ناظم بزي صحافي وباحث لبناني، يكتب في الادب والسياسة والعلاقات الدولية، لديه العديد من الأبحاث وعمل رئيساً لتحرير موقع إنارات.نت وفي الصحافة اللبنانية والعربية، لا سيما في دولة الكويت وهو عضو في جمعية الصحافيين الكويتية، ونقابة مخرجي الصحافة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى