دولي

بين “كونفوشيوس” و”خرونوس” و”ديموقراطية الهمبرغر”! كتب أكرم ناظم بزي

61% مؤشرات فوز المرشح نائب الرئيس السابق جو بايدن بالرئاسة الأميركية لغاية الآن، قد يخيّل للبعض بأن بايدن ضمن فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية وفاز على خصمه القابع في البيت الأبيض على “فوّهة الكوفيد 19”.

المشهد سريالي الى حد ما، فهذا الرجل “الأصهب” (ترامب)، يلعب لعبة هوليوودية وكأنه أمام كاميرا سينمائية يديرها مجموعة من مخرجي هوليوود المحترفين… فيخرج من المستشفى ليصرح بأنه هزم “كورونا”، وإن الأطباء قالوا له بأن جسم ترامب كفيل بأن يدمر “الكورونا”، فمناعة جسم ترامب “الخارق” والعابر لكل أنواع الفايروسات، يستطيع أن يتغلب حتى على الموت! وأن العقاقير التي تناولها في فترة مرضه هي العقاقير المثالية لمحاربة هذا المرض (تسويق اعلاني مباشر من أعلى رأس في الهرم العالمي)، هذه الصورة التي أراد أن يخرج فيها ترامب، ليثبت للعالم أنه “السوبرمان” الحقيقي. من يعلم قد يهزم “الموت”، ولما لا فالسينما الهوليوودية لديها من الخيال العلمي والخرافي ما يجعل من “الإله” مجرد تمثال على شاكلة الأسطورة اليونانية “خرونوس” الذي خلق نفسه بنفسه.

مستشار الأمن القومي أيام الرئيس باراك أوباما “بن رودس”، رأى في الرئيس ترامب مرضاً فتاكاً على غرار “الفايروسات القاتلة”، هذا “الفايروس” الذي قضى على سلسلة من الاتفاقات الدولية، بما فيها منظمة الصحة العالمية، ومنظمات بيئية وعالمية أخرى لا تسيطر عليها الولايات المتحدة، فقط لأخضاعها بالإكراه والضغط لمصالحها الجيوسياسية، ولما لا فـ “أميركا” حامية الكرة الأرضية.

ما قدمه الآن دونالد ترامب إلى الكيان الصهيوني ليس الا نتيجة جهود طويلة من الإدارة الأميركية في خدمة “الدولة العبرية” ويخطىء من يظن أن هناك فرقاُ ما بين الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري في تحقيق هذا الهدف، بل هما يتنافسان على القيام بالخدمة الأفضل لهذا “الكيان الغاصب”، ففي مؤتمر كمب ديفيد عام 1978 كان الرئيس الأميركي جيمي كارتر عن الحزب الديمقراطي، عندما تم توقيع معاهدة السلام “المصرية ــ الإسرائيلية” بين الرئيس المصري آنذاك أنور السادات ورئيس “الكيان الصهيوني” مناحيم بيغن. فكانت الهدية الكبرى، وكانت فاتحة عهد التطبيع الرسمي والفعلي ما بين دولة عربية والكيان الصهيوني، لا فرق بين الحزبين الأميركيين في خدمة “الكيان الغاصب”. (محصلة عادلة).
ولأنه لا فرق بين الحزبين، الا بما يخدم المصلحة الصهيونية، إذن لا بد من انتظار اللوبي الصهيوني في أميركا مع من يرى مصلحة أكثر له مع “ترامب الخارق” أم “بايدن المارق”، (المصطلحات لهما)، كلاهما يؤديان وظيفته على أكمل وجه، المهم إرضاء أصحاب القرار الحقيقين والفعليين، في الدولة العميقة للولايات المتحدة الأميركية.

جورج والكر (دبليو) الرئيس الثالث والأربعين للولايات المتحدة في الفترة من 2001 إلى 2009، انتخب بوش رئيسا في عام 2000 وحقق انتصارا متقاربا ومثيرا للجدل على منافسه الديمقراطي آل غور، ليصبح الرئيس الرابع الذي ينتخب، وقد حصل على أصوات شعبية أقل من خصمه! كيف ذلك؟ ربح الانتخابات رغماً عن أنف آل غور الخصم العنيد، وغيره، فقط لإن الدولة العميقة رأت ان المصلحة هي لانتخاب “بوش الأبن”، ترى ما كان دور بوش الأب؟ ومع من كان يهندس فوز ولده في الانتخابات وأي تسوية أدارها مع الدولة العميقة للإتيان بولده؟ إنها اللعبة الديموقراطية المزيفة التي تخاض أمام شعب أميركا والشعوب الأخرى والتي ترى فيها إنها الانتخابات المثالية لأي دولة في العالم!

لقد استطاع دونالد ترامب وبجرأة ووقاحة “المتصّلف النهم”، أن يقدم للكيان الصهيوني ما لم يستطع أي رئيس للولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي قد تكون مكافأته أن تتغير قيم ومقاييس الفوز بالرئاسة بأي شكل من الأشكال لضمان نجاحه والمخرجات الهوليوودية – الصهيونية دائماً جاهزة، أو ليست هذه نبوءة السينما الأميركية. ومن يأبه للقيم والأخلاق طالما أنهم يستطيعون أن يشتروا فلاسفة وعباقرة هذا الزمن واذا لزم الأمر تصفيتهم اذا ما خالفوا نظرياتهم.

في فيلم Donnie Brasco وقف جوني ديب (عميل المباحث الفيدرالية) أمام آل باتشينو متخفّياً كرجل مافيا، بمشاعره المتضاربة بين أداء واجبه والحفاظ على حياة والده الروحي في عالم المافيا آل باتشينو، الذي كان يسأله عن مسألة ما فيجاوبه آل باتشينو: “إنسى أمره” forget about، والمقصود في هذا السياق، إما إنسى هذه المسألة فإنها لا تستاهل حتى السؤال عنها أو إنسى أمره أي أقتله، وما بينهما فرق شاسع، فالإهمال والقتل سيّان في لعبة الكبار الكبار وخاصة في المافيا السينمائية، كيف ونحن أمام مافيا حقيقية، لا فرق عندها بين إبادة شعب بأكمله (الهنود الحمر)، او نسيانه وإهماله على قارعة الجوع كما يجري في منطقتنا.

المثاليات بعيدة عن الحكم في العالم، لا كونفوشيوس الصيني في البعد الفلسفي “للامبراطورية الصينية”، ولا في فلسفة “ديموقراطية الهمبرغر” في الولايات المتحدة، ودستور “توماس جيفرسون”، بل فلسفة الدولار الأميركي واليوان الصيني، ومن يسيطر على اقتصاد من، ولو “بالبلطجة”. جورج سوروس إمبراطور “وول ستريت”: قال “نحن في زمن ما بعد البشر”. تخيل ماذا سيكون، قد يكون على صورة أجساد بلا رؤوس بعيون حمراء في وسط الأمعاء من يعلم؟. (كان يقصد الابداع).

بعد “الكورونا”، ستعمد القوى الحقيقية في العالم على إعادة رسم خرائط جديدة، الاقتصاد سيرسم حدود الجغرافيا، ومن يعلم قد تصبح حدود أميركا في الصين أو العكس، إلا أن النتيجة المحسومة هو أنه لا مكان للدول الصغيرة ومنها دول أوروبا ما لم تشارك في اللعبة وتكون في إحدى الحلقتين.
لنرى من سيمتلك قوة “الذكاء الاصطناعي”، وتلك فلسفة حياة أخرى!.

الكاتب أكرم ناظم بزي

الكاتب والباحث اكرم ناظم بزي صحافي وباحث لبناني، يكتب في الادب والسياسة والعلاقات الدولية، لديه العديد من الأبحاث وعمل رئيساً لتحرير موقع إنارات.نت وفي الصحافة اللبنانية والعربية، لا سيما في دولة الكويت وهو عضو في جمعية الصحافيين الكويتية، ونقابة مخرجي الصحافة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى