اجتماعالاحدث

أين الأولوية التي نبدأ بها فلسفة التربية أم تدريس الفلسفة ؟ | بقلم د. صفاء شويحات

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

لاقى قرار إعادة تدريس مادة الفلسفة في المدارس الأردنية ترحيبا من كافة المهتمين بالشان التربوية وبمستقبل مواصفات خريجي المدارس، وانا شخصيا دوما أكدت على ضرورة تدريس الفلسفة على مستوى المدارس والجامعات، الى جانب العديد من زملائي الباحثين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية اللذين لديهم ذات الرؤية، الا ان هناك بعض القضايا المهمة التي لا بد من طرحها، والذي حفزني لذلك ما شاهدته من العديد من الحوارات ذات العلاقة بسأن تدريس الفلسفة في المدارس الأردنية، ومن تلك الحوارات، بالامس على احدى القنوات الفضائية الاردنية، حوار حول تدريس الفلسفة في المدارس وكان حوار جيد وانا احترم كل الاحترام المحاور وضيوف الحلقة، الا انني وبشكل عام، وفي معظم الحوارات الجادة ، اجد ان مسوغات تدريس الفلسفة كما وردت هي مسوغات غير مقنعة كمن يبحث عن ابرة في كومة قش، والاحرى ان نبدأ اولا بمراجعة الفلسفة التربوية المعتمدة في الاردن وان يتم وضع نص صريح ومباشر، يعتمد عليه كمسوغ رسمي لتدريس الفلسفة لطلبة المدارس حتى لا يبقى الامر متعلق بأهواء البعض فنتفاجىء يوما ما بالعدول عن تدريس الفلسفة – فطالما تحدثت عن ذلك في عدة مواقع وعدة محافل علمية، وبالرجوع لموضوع الحلقة، هناك ايضا خلط في مفهوم ” فلسفة التربية ” وتدريس الفلسفة لطلبة المدارس، فهناك تقزيم للامر عندما يتم ربط تدريس الفلسفة في معظم الحوارات التي تدور حاليا على الساحة الاردنية، بالتفكير الناقد واثارة السؤال فقط، الذي يعتبران جزء من الكل في تدريس الفلسفة.

واعتقد ان هذا التقزيم مرده الى تجنب الخوض في اساسيات موضوعات فلسفية تعتبر اعمدة حقيقية في تدريس الفلسفة فعلى سبيل المثال لا الحصر موضوع النظرة الى الخالق، علاقة الانسان بالخالق، مصادر المعرفة وهنا يدخل موضوع دقيق وحرج، حول المعرفة المتجددة وفقا لتغير الزمان وتطوره وتحدياته، اما المعرفة المتوارثة المنقولة، الحصول على المعرفة من البحث العلمي ام المعرفة الدينية، ثمة موضوعات اخرى كالمنطق، الحق، الخير، العدالة، الجمال.

ولا ننسى النظرة الفلسفية الى الانسان ودوره في الحياة جميعها موضوعات مهمة بل مهمة جدا، تساهم في فهم اشكاليات حياتية معاصرة، اما ان نبدأ بتدريس الفلسفة دون تغيير حقيقي في فلسفة التربية والتعليم المعتمدة في وزارة التربية والتعليم الاردنية بنص صريح و واضح، وان نقدم علم الفلسفة ونتناوله بشكل محزوء لن يؤدي الى التطوير الحقيقي الذي نطمح اليه في عقول وتفكير خريجي المدارس وبالتالي لن نرتقي الى المستوى المطلوب في التدريس الجامعي، فالمقترح الذي اتقدم به تشكيل لجنة من المتخصصين في فلسفة التربية لمراجعة فلسفة التربية الحالية وادماج ما يتعلق بالفلسفة بنص صريح و واضح وتباعا لذلك لا بد من مراجعة السياسات التربوية والاطار العام للمناهج ثم مراجعة الاهداف التربوية العامة لكل مرحلة دراسية، واخيرا ياتي دور من يؤلف المناهج والكتب المدرسية الذي حتما يجب ان يعمل وينتج في ضوء ما يصل اليه من نتاج وحصيلة عمل الخطوات السابقة، علما ان الامر بسيط ولن يحتاج الا لفريق مؤهل ومتخصص ولدينا العديد اذا اعتمدنا قاعدة الشخص المناسب بتخصصه وبعلمه وبجدية عمله.

كما اقترح باضافة تخصص ذات علاقة في كليات اعداد المعلمين وكليات العلوم التربوية، فالمسألة تتعلق بتخصص علمي لا تتعلق بمسالة تدريب كما يتفوه بالامر كل من هو دخيل على موضوع تدريس الفلسفة.

د. صفاء الشويحات، بروفسور مشارك في الجامعة الالمانية الاردنية وباحثة تربوية

دكتور صفاء شويحات بروفسور مشارك في اصول التربية. عضو هيئة تدريس في الجامعة الالمانية الاردنية، ومستشار التطوير التربوي لوزارة التربية والتعليم الاردنية ٢٠١٩. مستشار الخطة الاستراتيجية للشباب الاردني، ومستشار قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية في المجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا. حاصلة على الزمالة الامريكية في التعليم المدني 2010، ولديها العديد من المقالات والمؤلفات والدراسات العلمية المنشورة في دوريات علمية محكمة. حاصلة على درع عضو هيئة التدريس المتميز عن اعدادها لأول مساق تعليم إلكتروني مدمج في الجامعات العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى