التأقلم مع فساد الحكام: اسوأ مظاهر العبودية | كتب د. عدنان منصور
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
إن اسوء ظواهر الانحطاط والعبودية لأي أمة ، عندما يتأقلم شعب ما، مع فساد الحكام ، وظلم الانظمة، واستغلال الطبقة القابضة على ثرواتها ، وبعد ذلك ، يروض حياته مع واقع الاستغلال، ويرضخ لحالة الفقر والجوع والجهل والمرض، ليمضي عمره كله في ما بعد ، وهو يجر وراءه حنطور السلطة وركابها.
في لبنان نرى العجائب! يعين وزير فتذبح له الخراف، ويستقبل من أهالي منطقته استقبال الفاتحين…لم يرَ مثله نابليون، أو مونتوغومري، ولا كاسترو او الجنرال غياب….. ويعين محافظ فيرفع على الاكتاف، وكأنه خرج منتصرا من معركة واترلو، او لينينغراد أو ديان بيان فو. فيجوبوا به الساحات ، والشوارع وكأن المن والسلوى هبط عليهم من السماء.
ويرفع ضابط فتنصب له اليافطات على بعد كيلومترات من بلدته وعلى طول الشارع الممتد من مدخل مدينته وصولا الى منزله، والحشود بانتظاره، يتسابقون على تهنئته، يلتقطون معه الصور التذكارية، وربما يتباركون به.
وترى صورة وزير على طول بناية من ثماني طوابق تطل عل بولفار ليذكرك وانت تشاهده “بانجازاته العظيمة”، فتتمتم بداخلك كلمات تهز كيانه وتطاله بالشخصي. وما عليك حتى تعرف اعجاب ومحبة الناس له، الا ان تحصي عدد السيارات التي تمر يوميا ،وتحصي معها “مشاعر” الناس الجياشة حياله.
ومن الغرائب ايضا ان تشاهد صورة موظف معلقة فوق جسر ،بجانب صورة رئيس حكومة سابق، ووزير سابق!!! ومن الطريف ان ترى على بولفار ٱخر صورة كبيرة لرئيس حكومة معلقة فوق واجهة مطعم ، وفوقها مباشرة عنوان كبير بالخط العريض: ملك الفلافل.!!! واللافت للنظر ان ترى صورا لمسؤولين معلقة على اعمدة وتحتها مباشرة حاويات ممتلئة بالنفايات التي تفيض على الارض . وما على الناظر للمشهد,الذي يلتقط الصورة والحاوية الا ان يحكم على واقع الحال.
متى يترفع المسؤول عن الاستعراض التافه الذي يضره ولا ينفعه، يسيئ اليه ولا يخدمه، ومتى يتوقف عن نرجسيته التي تصبح عرضة للتهكم ومثيرة للسخرية.!!
ليس هذا ما نراه في الدول المتحضرة، ولا حتى في الدول على طريق التحضر.
فالنتوقف عن هذه الاستعراضات التي لا طعم لها، ولتبقى اقدامنا على الارض، حتى لا نضيف الى عجائبنا عجائب اخرى.!