ازمة لبنانالاحدث

المافيا تسرح وتمرح على عين حكومة العزم | كتب د. عدنان منصور

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

أيّ إصلاح ينتظره اللبنانيون، إذا كانت المافيات المنتشرة على مساحة الأرض اللبنانية أقوى من الدولة ووزاراتها، وأقوى من كلّ أجهزتها! المافيات المنظمة بكلّ دقة والمتغلغلة في كلّ المرافق، تتحدّى الدولة والمسؤولين إنْ كانت لديهم الجرأة، أو كانوا باستطاعتهم لوي ذراع أيّ مافيا من المافيات المتواجدة والعاملة في أكثر من قطاع.

على عينك يا “حكومة العزم” لا الحزم ولا الحسم !مافيات تسرح وتمرح، تفعل ما تشاء، تحتكر، تخزن، تفرض الخوات، تستبيح الشوارع، ومحطات المحروقات والمولدات، تروّج للمخدرات وتوزعها، تتحكم بالسوق السوداء، وتتعاطى في تبييض الأموال، تكسر قرارات الدولة ولا تبالي برقابتها إنْ وُجدت، وتفرض تسعيرها الخاص بها، لتقول لها أنا الدولة، وفوق الدولة، وأكبر من الدولة… خذي القرار الشكلي الذي تريدينه، أما القرار الفعلي والتنفيذ فهو لي.

إنّ أخطر ما في الأزمة والانهيار الحاصل في البلد، هو تمدّد هذه المافيات وتغلغلها، والتي تحوّلت إلى خلايا سرطانية، بدأت تتفشى وتنتشر بسرعة مخيفة في جسم الوطن ككلّ، من دون اتخاذ الإجراءات الرادعة لمواجهتها واستئصالها.

إنّ أيّ جهة في البلد، تظنّ نفسها أنها بعيدة عن تداعيات ما تقوم به هذه الخلايا مخطئة. جداً. لأنه سيأتي الوقت عاجلاً أم آجلاً، إنْ لم تضع الدولة حداً لاستفحال ظاهرة هذه المافيات وخطورتها، فلن يكون في مقدورها بعد ذلك ترويضها ومواجهتها، أو القضاء عليها.

إنّ المافيات المتواجدة في كلّ موقع، تعرف مدى حجم قوّتها، وتأثيرها، في ظلّ ترهل الدولة، وتراخي مسؤوليها، وتجنّبهم الوقوف في وجهها، وغضّ النظر عنها وعن أفعالها في كثير من الأحيان، حيث يذهب البعض إلى مشاركتها من الباطن، آخذاً في الاعتبار الحسابات السياسية والمناطقية، والعائلية والمفاتيح الانتخابية!

هذه المافيات لها خياراتها وحساباتها أيضاً، وهي ليست غبية، تعرف في العمق حقائق الأوضاع والأمور وخفاياها، ودهاليزها وما لها وما عليها، ومن أين تؤكل الكتف. فهي في كلّ الأحوال، تقيس بميزانها الحساس مصالح وحاجة السياسيين والزعماء إليها، وما تشكله لهم من نفوذ، ومنافع وخدمات ومكاسب !

إنْ لم تلجأ الدولة اليوم قبل الغد، وقبل فوات الأوان، إلى الردع والحسم السريع، عندها ستستحكم خلايا المافيات بالدولة وقراراتها، ومفاصلها، وسيتعزّز نطاق تأثيرها، وتقوى قبضة نفوذها في ما بعد على الجهات التي تغضّ الطرف عنها وتستفيد منها.

إنّ ما وصلت اليه المافيات من نفوذ وسلطة وإمكانات، تجعل من الأرض تهتزّ تحت أقدام الجميع. فحذار حذار، من المافيات وخلاياها، وتجذر نفوذها، ولتلجأ الحكومة إلى اتخاذ القرارات القانونية الجريئة الرادعة، وتطبيقها على الفور، كي لا تقضي الشبكات المافيوية على ما تبقى من وطن. إذ لا بدّ من الحسم السريع بأيّ شكل من الأشكال، وأياً كان نوع هذا الحسم، ومن أيّ سلطة أو جهة أتت، حفاظاً على شعب وما تبقى له من دولة وسلطة وقضاء وقانون.

لا تقاعس لحكومة العزم أمام هذا الخطر الشديد المدمّر، والتحدي الكبير! فالحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما صالح الشعب ودولة القانون، وأما مافيات الأمر الواقع وشريعة الغاب !

د. عدنان منصور، سياسي ووزير لبناني سابق للخارجية والمغتربين

د. عدنان منصور دبلوماسي وسياسي لبناني، كان وزيراً للخارجية والمغتربين بين 2011 وحتى 2014. التحق بالسلك الدبلوماسي عام 1974، وعمل في دوائر "وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية" في مديرية الشؤون السياسية والقنصلية ومديرية الشؤون الاقتصادية ومديرية الشؤون الادارية والمالية حتى عام 1978، ثم عُين قائماً بأعمال السفارة وقنصلاً في الخرطوم في السودان بين 1977 و1981، ثم أصبح مستشاراً للسفارة في أثينا في اليونان حتى عام 1984. بعدها عُين قنصلاً عاماً للبنان في ملبورن في أستراليا بين 1984 و1985، وقنصلاً عاماً للبنان في الإسنكدرية في مصر بين 1985 و1990، وسفيراً للبنان فوق العادة في زائير بين 1990 و1994، وسفيراً فوق العادة لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بين 1995 و2007، بعدها سفيراً في بروكسل واللوكسمبورغ ولدى الاتحاد الأوروبي بين 2007 و2010. حاصل على وسام الكوموندور من الحكومة اليونيانية، ووسام الليوبارد من زائير، وبراءة الشرف والاستحقاق اللبناني العالمي من "الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم". حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية، وماجستير في النظرية السياسية، وبكالوريوس في العلوم السياسية والإدارية من "الجامعة اليسوعية" في لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى