اجتماعالاحدث

بريسترويكا العقل الاسلامي | بقلم د. أحمد عياش

لم يتعب العقل الاسلامي،صمد بقوة امام غزوات ثقافية متلاحقة وامام هزائم عسكرية شبه قاتلة وامام حتى منافسات علمية ورياضية واعلامية و فنية تقصد النيل منه وتشويهه.

ولم يسقط، صمد.

يستحيل اسقاط العقل الاسلامي لأنه الخط الاخير للدفاع عن الامن النفسي الجمعي للامة.

المؤامرات التي حيكت على العقل الاسلامي لو حيك خمسها فقط على اي عقل جمعي لأي دين ولأي شعب في العالم لانهار ولتشتت ولاندثر في العقل الاسلامي مناعة اقل ما فيها اللطف الالهي.

العقل الاسلامي لاهل السنة اضطر على الانكفاء وعلى ادخال تعديلات نتيجة عوامل خارجية اهمها حرب العالم على تنظيم القاعدة وعلى الدولة الاسلامية في العراق والشام ونتيجة ضغوطات سياسية على الوهابية وعلى الحكم القصير في الزمن للأخوان المسلمين في مصر اضافة للتجربة الاسلامية التركية الاردوغانية التي وعلى مضض استطاعت استرداد القليل مما يمكن من دولة اتاتورك العلمانية علما انها تحكم البلاد.

تحكم البلاد ولا تستطيع التغيير.

عودة ما سمّي بمتحف اية صوفيا الى مسجد كان بحاجة لتبريرات.
لم تأتِ بداية البريسترويكا في العقل الاسلامي لأهل السنة الا من الخارج كوسيلة ضغط من اجل التغيير وكمحاولة اخيرة للعقل لحماية نفسه امام العواصف الدولية.

عقل اهل السنة الاسلامي قادر وقابل ان يتحمل خيبات كبرى وان يصمد لأنه عقل الامة جمعاء.

خدع العقل الغربي العقل الاسلامي لأهل السنة فبعد ان رغّّبه واغراه بالقتال كجهاد اكبر يضمن الجنة ضد الاتحاد السوفياتي عاد ليقنصه وليشوّهه ولينتقم من رجالات المجاهدين الذين عادوا الى بلادهم بعد اكمال المهمة الموكلة اليهم باسقاط حكم الشيوعيين الكفار في كابول لتعود افغانستان وفي مدة قصيرة جدا الى مجاهل التاريخ.

عادوا كابطال انما الى الاعتقالات والى السجون والى ملاخقتهم حتى في غوانتانامو.

لم نرَ مخاكمة علنية واحدة لهؤلاء من قبَل الديمقراطية الغربية.
سمعنا انها رمت قائد الجهاديين في افغانستان في البحر!

ما انطلقت البريسترويكا في عقل اهل السنة والجماعة الانتيجة اطلاق سهام ورماح وضربات سيوف من الخارج.

عكس ما يحصل بالعقل الاسلامي عند اهل الشيعة.

البريسترويكا عند اهل الشيعة لم تبدأ الا نتيجة ضغوطات الشارع في الجمهورية الاسلامية بعد.تعذر كل محاولات الحصار والترهيب من الخارج.

عقل اهل الشيعة مهما تسلح ومهما احتمى ببرنامج نووي فإنه لا يحتمل هزيمة واحدة لأن الهزيمة لمجموعة قيادية مقتنعة انها مسددة الخطى وانها قامت بكل الشروط والاستعدادات المطلوبة ايمانيا لتجهيز جيش الخلاص الاخير ليكون الانتصار عظيمًا لانتكاسة قاتلة.

العقل الاسلامي لاهل الشيعة لا يحتمل هزيمة واحدة لذلك فإنّه مرغم كما انه مغرم بالانتصارات الدائمة لعلّها تؤسس لجدار حماية.

لا بدّ من انتصارات متتالية ليصمد لانه مشبع بالهزائم وبالصمت وبالرضوخ عبر التاريخ.

هزائم العقل الاسلامي لاهل الشيعة في التاريخ تجربة واضحة لهم لتوقي الحذر الدائم رغم انكشاف مناوراته بعد التخلي عن التقيّة اثر تاسيس الجمهورية الاسلامية في ايران.

البريسترويكا في العقل الاسلامي لأهل الشيعة ما كانت لتنطلق الا كردة فعل على شغب في الداخل.

عدم وضوح في الرؤيا ام ثقة مفرطة بالمؤمنين؟

بريسترويكتان تاملان التعديلات ان تكون سريعة لحسم التنافس التاريخي بينهما على الصحوة الاسلامية الحديثة والمعاصرة من ناحية ومن ناحية اخرى لتطمئن انها الرافعة والدافعة والمحركة لتكون جوهر الطائفة الناجية من بين 72 فرقة اسلامية ستنقسم فيها أمة الرسول محمد(ص).

لقد تنافس العقلان وما زالا يتنافسان بضراوة على من يكون اعند واصولي اكثر واكثر دقة في الالتزام الحرفي بوصايا الدين كل منهما حسب تفسيراته وتأويلاته للمشهد في نسخته الاصلية وفي الواقع ما كان التنافس الا تنافس مَن يكون الاكثر فتنة بدل الاكثر تضحية لأن النتيجة التي ارتدت على الامة بعقليها السني والشيعي نتيجة النكايات والاحقاد اتت بالويلات…

اصطدم العقلان بالاكتشافات العلمية فما استطاعا ترويض التطور العلمي ليخدم النص الثابت او المتحرك ، حاولا التشبيه والربط والقياس والاجتهاد ففشلا لان تطور العلوم اسرع بكثير من محاولات النص للتوسع وللتعديل ليستوعب مسارات التطور العلمي وتبدلات العقل العالمي الحديث.

القرآن الكريم كلمة الله(جل) وحده.

اصطدام العقلين بثوابتهما الدينية مع ما يقتضيه العلم وتغير احوال العالم مع الشبكة العنكبوتية التي جعلت من هذا الكون الفسيح شاشة لجهاز تلفون ذكي تأتيك بالاخبار وبالمعلومات الصحيحة والدقيقة من دون الحاجة للمرور بأي نصّ ديني.

البريسترويكا بدأت رغما عنهما فإن لم يحسن العقلان تدبير امر الانعطافة بلطف وبترو وبذكاء فانهما سيتعرضان لردة فعل ليست ببسيطة من المؤمنين المسلمين انفسهم.

على البريسترويكا الاسلامية ان لا تكون غوريتشوفية فاذا الغرب يريدها غوربتشوفية فعلى الشرق ان يعلم وان يحذر فالغوربتشوفية خيانة للمبدأ ومدخل سامّ وقاتل للامة.

الدكتور أحمد عياش، باحث في علم النفس السياسي والديني

الدكتور احمد عياش، طبيب نفسي وكاتب. صدر له كتاب الانتحار الصادر عن دار الفارابي (2003)، وكتاب الاعاقة الخامسة: الاعاقة النفسية الاجتماعية الصادر عن مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب (2008)، بالاضافة لكتاب الشر والجريمة عن دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع (2013)

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة سريعة رغم جديتها إلا انها تنقصها التشخيص السليم .
    قرأت هذا المقال والمقال السابق فأقول:-
    لا يمكن حصر العقل الشيعي بالتجربة الاسلامية في ايران وان كان لها ثقلها ولك أن تقرأ تجربة النجف بموضوعية وأعني بها التجربة السيستانية لا اعتقد ان السطور ستكفي لملاحقة مفردات المقال وعلى العموم هو مقال جدير بالقراءة لكن كما أشرت بحاجة الى تقصي أكثر حتى في التجربة السنية الاخوانية او المعدلة في النموذج التركي بحاجة الى تعمق اكثر لايمكن ان نصفها باسلامية لأن شعارها وادواتها ليست اسلامية وأعني تجربة اردوغان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى