البقاع اللبناني يرسم توازنات شرق المتوسط.. والجولان السوري دخل المعادلة | كتب د. عماد رزق
عندما تصل الغارات “الاسرائيلية” الى عمق البقاع الشمالي في منطقة الهرمل، وتمتد الى سهل ايعات وفق مسار خط النفط، فإن ذلك ابعد من استهداف لمواقع عسكرية، بقدر ما هو رسم توازنات ومعادلات كان قد اطلقها امين عام حزب الله “من كريات شمونة الى ايلات”، لتقابله رؤية الحرب الاميركية- “الاسرائيلية” على “المحور”، بمعادلة “من اصبع الجليل الى وادي فعرا”.
رغم ان صحيفة “يديعوت احرونوت” العبرية اوردت ان الرد “الاسرائيلي” على استهداف “قاعدة المراقبة الجوية في ميرون”، تمثل باستهداف مجمع عسكري تستخدمه الوحدة الجوية في حزب الله. وفي مقابل استهداف البقاع، تدحرج رد المقاومة، فقد فتحت صوامع صواريخها لرشقة كبرى والهدف “قواعد الاحتلال الاسرائيلي في هضبة الجولان السوري الاستراتيجية”، حيث موقع الحرمون التجسسي وثكنة يؤاف الصاروخية وثكنة كيلع…
هضبة استراتيجية اقيم فيها 33 مستوطنة، و1100 شركة زراعية وصناعية وسياحية، كذلك فإن 50% من المياه المعدنية التي تشربها “اسرائيل” من مرتفعات الجولان، وكذلك توربينات توليد الطاقة الكهربائية عبر الهواء، والاهم طريق رئيسي بطول 99 كلم يربط شمال الجولان بجنوبه، ولا يبعد عن الحدود اكثر من 2 كلم.
تم استهداف “قاعدة يردن” بأكثر من 50 صاروخ كاتيوشا، وهي تقع بالقرب من مستوطنة كتسارين المعروفة “عاصمة الجولان”، والتي اقيمت على انقاض قرية قسرين. هذه القاعدة العسكرية “الاسرائيلية” تبعد عن الحدود اللبنانية من جهة بلدة الخيام والعديسة حوالى 18 كلم، تحوي مقر قيادة الجمع الحربي التابع لفرقة “هبشان 210” ، ومقر فوج المدفعية الخاص بالفرقة ومعظم مخازن الاحتياط الخاصة بالفرقة، والاهم انه الاستهداف الاول للموقع منذ بداية “مرحلة الاسناد والدعم”.
قريباً، هضبة للاشباح شبيهة لمستوطنات الجليل، هذه رؤية المقاومة في مواجهة “الخطة الاسرائيلية لتشجيع النمو الديموغرافي في مستوطنات المجلس الاقليمي في الجولان وكاتسرين للاعوام 2022 -2025 “
وحسب المعلومات المتوافرة، فإن قرار استهداف البقاع تتسارع وتيرته، ومجريات المفاوضات في الدوحة اصبحت مناورة لتمرير الوقت، في ظل استمرار الاستفزاز “الاسرائيلي” للمقاومة في لبنان، لكن الهدف ابعد من لبنان. هذه الحرب بدأت يوم 25 من آذار للعام 2019 ، عندما اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب وفي مرسوم، اعتراف الولايات المتحدة الاميركية ان هضبة الجولان السوري المحتلة هي جزء من الكيان “الاسرائيلي”.
اذا، “معركة السيوف الحديدية” التي بدأها نتنياهو مع تشكيل “الكابينت المشترك” الاميركي- “الاسرائيلي” للمرة الاولى منذ نشأة الكيان، تشرف عليها الولايات المتحدة الاميركية، وهي “معركة شرق المتوسط”، في وقت تناور الادارة الاميركية امام الرأي العام الدولي وتلعب بالتوازنات الداخلية في “اسرائيل” كما في الدول الطوق، والهدف اخراج روسيا من شرق المتوسط لاضعاف “محور المقاومة”، واستكمال السيطرة على جناحي الشرق ” سوريا ومصر”.
لقد اصبح واضحاً الترابط بين اوكرانيا وغزة ، وقد اصدرها في شباط 2024 وبشكل واضح تقرير “مجمع الاستخبارات الاميركي”، حيث اشار ان الازمات التي تهدد الامن القومي الاميركي حالياً هي اوكرانيا وغزة… هذا التقييم جاء بعد تشكل الرؤية الروسية لامنها القومي في تموز من العام 2022، وبعد اشهر على بدء العملية الروسية الخاصة في اوكرانيا، ولضمان امنها الاستراتيجي حددت روسيا اولوياتها في “شرق البحر الابيض المتوسط”.