المسلسل الجنوني للدولار يستمر… فما هو مصيره في الأيام المقبلة؟| بقلم د. عماد عكوش
ما إن أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة مساء الأحد قرار توقّف مصرف لبنان عن شراء الدولار من السوق السوداء مع استمرار بيعه عبر منصّة “صيرفة” حصرا، حتّى تفاجأ اللبنانيون بالإنخفاض السريع لسعر الصرف، بعدما تخطّى عتبة الـ 40,000 ل.ل.، متسائلين عن أسباب هذا الهبوط وهل سينعكس ذلك على أسعار السلع داخل السوق؟
الأسباب النقدية:
هناك أسباب نقدية بحتة وأخرى سياسية، كما أوضح المحلّل الاقتصادي عماد عكّوش، في مقابلة خاصّة مع وكالة “شفقنا”، شارحا النقديّة منها وقال: “قبل فترة تدخّل مصرف لبنان في عملية شراء الدولار، حيث أقدم على شرائه من السوق السوداء، ممّا أدّى إلى زيادة حجم الطلب على الدولار وبالتالي رفع سعر الصرف، بعد قرار سلامة مساء الأحد تم خفض الطلب على الدولار في السوق السوداء، وتكديسه من قبل الصرّافين وبعض الشركات التي كانت تقوم بجمعه لمصرف لبنان، هذا التكديس نتج عنه خسائر كبيرة لهؤلاء، وبالتالي سيتم عرض الدولار بكميّات كبير جدّا كي يتمّ التخلّص منه”.
إضافة إلى ذلك، هناك سبب آخر وهو محاولة تماشي مصرف لبنان مع الإيجابية الحاصلة لناحية رفع الدولار الرسمي إلى الـ15,000 ل.ل بداية الشهر المقبل، محاولا توفيق الأسعار ما بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، لتكون انطلاقة سعر الصرف الرسمي إيجابية، ولا يؤدّي في الوقت ذاته إلى ارتفاع في أسعار السلع، بحسب عكّوش.
الأسباب السياسية:
أمّا الأسباب السياسية، فقد رأى المحلّل الاقتصادي أنّ موضوع التوقيع على إتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، أعطى عامل ثقة وحافز للمستثمرين الخارجيين في الاقتصاد اللبناني. كما تطرّق إلى ما يحكى في الرأي العام عن ربط هذا التراجع بتوقيت انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
إلى أي مدى هذا الانخفاض؟
وعند سؤاله عمّا إذا كان هذا الإنخفاض سيستمرّ، أكّد عكّوش أنّ هذا الأمر مؤقّت وقال: “الإنخفاض هو مسألة آنيّة وعمليّات مضاربة، ولكن مصير الدولار تصاعدي، بسبب عدم وجود حلول جذريّة في لبنان على الصعيد النقدي، إلّا في حال قيام المنظومة الحاكمة بإقرار القوانين المطلوبة منها كقانون الكابيتال كونترول، وخطّة التعافي، وإعادة هيكلة المصارف، إضافة إلى موضوع تشكيل الحكومة”.
هل سيؤثّر على أسعار السلع؟
وفيما يتعلّق بانعكاس هذا التراجع على أسعار المنتجات الغذائيّة في السوق اللبناني، لاسيّما الأساسيّة منها، لفت عكّوش إلى أنّ اقتصاد لبنان مدولر، وبطبيعة الحال معظم السلع أو المواد الأولية لهذه السلع تستورد من الخارج بالدولار، لذا من المفترض أن تنخفض الأسعار ولكن في لبنان يأخذ الأمر وقتا، بسبب جشع التجّار، الذين يستغلّون شلل وزارات الدولة وضعف عمليّات الرقابة والمحاسبة، ما عدا السلع التي تسعّرها الدولة كالمحروقات، حيث لامسنا تراجعا كبيرا في أسعارها، والمفترض أن يحصل الأمر نفسه مع سعر ربطة الخبز.
إنّها ليست المرّة الأولى التي يصعد فيها الدولار وينخفض انخفاضا جنونيّا، فالتجارب أثبتت أنّ الموضوع مرتبط بعمليّات مضاربة في السوق، ولجم هذا الموضوع يتطلّب اجراءات حازمة من قبل الحكومة مسبوقة بحزمة إصلاحات تشمل كافّة مرافق الدولة، وإلّا سنبقى نشاهد هذا المسلسل الجنوني للدولار.