جدران القحط تنمو على تهاوي وطن | بقلم دلال قنديل ياغي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
ليست كبرى المصائب أن تدعي سلطة ابناءها لإعتماد وسائل أخرى للنقل وهي لم توفر ولو واحدة تصلح للإستخدام لمن ليس له سبيلا سوى شراء الوقود الذي بات مكشوفاً وغير مدعوم في وقت وشيك ..كبرى المصائب لم تأت بعد أن يموت المئات بلا علاج لأمراضهم المزمنة ومنهم العشرات حالياً توقفوا عن تناول جرعات علاج السرطان الخبيث لعدم توفر القدرة على مزاولة العلاج وتحمل تكلفته وعلى توفير الدواء لما بعد الجلسات الذي كان يصل للمريض غير المقتدر عبر وزارة الصحة والآن يصل سعر حبته بالسوق السوداء الى ثلاثة ملايين ليرة للحبة الواحدة ومن يعيش آلام بعض المرضى يدرك ذلك ..الآتي الأعظم وهو ليس تهويلاً بدأت بشائره توقف العمليات المغطاة من مؤسسة الضمان غير الطارئة منها والطارئة بين مزدوجين تعبير طبي فضفاض اي ان مئات الآلاف من المصمونين سوف يصبرون على آلامهم دون أنين حتى ..أما شركات التأمين فباشرت بالعشرات إلغاء تعاقدها مع كبرى المستشفيات ومن بقي لا يغطي التكلفة الكاملة بعكس السابق فيبلغه المختبر او المستشفى ان عليه دفع الفارق وبات للتأمين الصحي الذي كنا نعادل بينه وبين لقمة الخبز فنحرم انفسنا من الأخير بالمعنى المزاجي لتوفير متطلبات التأمين الصحي لأن الصحة قبل الغذاء،حتى باتت تتماهى معه بالإنهيار المتمادي ايضاً اكثر من فاتورة.
وطن فيه : الأعظم لم يأت بعد ما دام كل ما نشهد لم يزيح الصورة أو يبدل المشهد سنتمتراً واحداً ..على بُ بُعد مئات الأمتار من مرفأ بيروت المغطى بسواده والركام تتنفس بعض المحال بواجهات من نايلون أو متخففة من فخامة ديكوراتها السابقة متمسكة بروح المدينة واضعة شعارات على أبوابها تحفز على الحياة لكن كيف لمواطن غير قادر على تحمل تكلفة وجبة مرفهة لعائلته باتت تساوي ما يفوق ثلث الراتب ولمن تفتح القاعات سوى للأغنياء او متعاطي الدولار والعملات الأجنبية على انواعها واي سائح سيستفيد من فارق العملة المنهارة ولا إستشفاء ولا كهرباء ومعظم الماركات العالمية سحبت من التسوق اللبناني ..
فتح الطفل فاهاً لماء السكر يسد ظمأ الحليب المهدور لخزن فاض بتواريخه..
فرغت السيارات تستعطف محركاتها قطرات البنزين ساعات إنتظار قد تؤتي نتاجها او تخيب..
صباح الشفاء يأتي مشفوعاً بأمل الحصول على الدواء بدائله كثيرة مفاعيلها قليلة مع تعذر الإستشفاء..
وطن فيه : رواتب لا تحتسب بمئاتها المصفرة
لا تسعيرة لخبز أو غذاء..
جدران القحط تنمو على تهاوي وطن على أنقاض التصدع تنمو الطوائف تقدم الزعامات بأحزابها المنسوبة صورتها كحل مبين متجاهلة تجارب السنين ..
نمو المدينة على ضفاف الأزمات كيف لشاعر ينهي حجر الوباء بديوان القصائد “الحياة تحت الصفر للشاعر عباس بيضون”
..لمسرح”مسرح المدينة ” يشرع بابه للمجان لمسرحية شبابية تستند لعراقة نتاج نوال السعداوي
ومسرح دوار،الشمس يتجرأ على المغامرة بعروض للفنانة حنان الحاج علي تمتد لأيام قليلة واسعار مدروسة وحجز مسبق في تحدي البقاء لدار تصويري ثقافي هو خزان الذاكرة”دار المصور” يتحدى القحط بمعرض تجديدي .
ضدان بين سياسة القهر والهدم يتسارع النبض لتقذف الأجساد في النزيف دماءها
وطن فيه : من يبقى حياً من يبقى حارس العتمة يحمل مشعل الثقافة لتليق بالمدينة التسمية ..أي ثقافة ستولد بعد التهاوي من رحم الدمار؟