حارة حريك ولقاء دار الفتوى: المطلوب خطوات عمليّة | كتب قاسم قصير
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
تابعت الأوساط الإسلامية القريبة من حزب الله باهتمام شديد دعوة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى لقاء يجمع نوّاب الطائفة السنّيّة من أجل توحيد الموقف والتشاور في مواجهة التحدّيات المختلفة. ومع أنّ الكلمة الافتتاحيّة التي ألقاها سماحة المفتي في بداية اللقاء لم تخرج عن الثوابت الوطنية ولاقت ارتياحاً كبيراً لدى هذه الأوساط، فإنّ ذلك لم يمنعها من تسجيل عدد من الملاحظات حول اللقاء ونتائجه.
فما هي أبرز هذه الملاحظات؟ وهل يشكّل هذا اللقاء مدخلاً إلى تواصل إسلاميّ جامع للتوافق على رؤية مشتركة تشبه الوثيقة الإسلامية التي أقرّتها المرجعيّات الإسلامية في ثمانينيّات القرن الماضي؟
سجّلت الأوساط القريبة من الحزب الملاحظات التالية:
– أوّلاً: إنّ الطائفة الإسلامية السنّيّة تعاني منذ خروج الرئيس سعد الحريري من المشهد السياسي أزمة مرجعيّة وقيادة، وهناك غياب للمشروع الموحّد والأهداف التي ينبغي العمل على أساسها في هذه المرحلة.
– ثانياً: لقد حاول رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ملء الفراغ الذي تركه سعد الحريري، لكنّه ووجِه بمعارضة شديدة من القيادات الإسلامية، وقد ترك كلّ ذلك انعكاسات سلبية لدى أبناء هذه الطائفة، وشكّلت نتائج الانتخابات مؤشّراً خطيراً على التشرذم الإسلامي وجراء عدم وجود قوّة سياسية موحّدة.
ثالثاً: لقد حاول الرئيس فؤاد السنيورة ملء هذا الفراغ السياسي والقيادي، لكنّ مفتي الجمهورية حرص على إعطاء اللقاء بعداً وطنيّاً وعدم تحويله إلى قوة سياسية تتنافس مع بقيّة القوى، فكانت كلمته الافتتاحيّة جامعة ووحدويّة.
– رابعاً: على الرغم من إيجابيّات اللقاء والحرص الشديد على تأكيد الروح الوحدويّة والوطنية من خلال المداخلات وما قُدّم من أوراق عمل، فإنّ الأهمّ هو كيفيّة تحويل هذه المبادرة إلى خطوات عمليّة، سواء على المستوى السياسي أو على صعيد معالجة الهموم التي يواجهها المسلمون في كلّ المناطق، والتي نشاهد بعض مؤشّراتها يوميّاً عبر قوارب الموت وعمليّات الانتحار وانتشار الفقر والصعوبات التي يواجهها المواطنون في الحصول على الخدمات الأساسية، وهذا يتطلّب جهوداً كبيرة في كلّ المجالات.
– خامساً: إنّ المطلوب اليوم وغداً ليس فقط الاكتفاء بإصدار البيانات والمواقف، بل مبادرات عمليّة لطلب الدعم من الدول العربية من أجل مواجهة التحدّيات المختلفة، وخصوصاً أنّ البلدين الوحيدين اللذين يمدّان لبنان بالمساعدات لمواجهة أزمة الكهرباء هما العراق وإيران، فلماذا لا يتمّ العمل للحصول على المساعدات من دول عربية وإسلامية أخرى.
في الخلاصة لا تنظر الأوساط الإسلامية القريبة من حزب الله بأيّ انزعاج إلى لقاء دار الفتوى، بل تعتبره مؤشّراً مهمّاً إلى ضرورة ترتيب البيت الإسلامي تمهيداً لترتيب البيت الوطني، وهذا ما انتهجته دار الفتوى والمرجعيات الإسلامية الأخرى طوال العقود الماضية، وأمّا من يراهن على جعل دار الفتوى منصّة سياسية لمواجهة الأطراف الأخرى فلا يبدو أنّ المفتي دريان في هذا الخطّ، وهذا ما برز من كلمته الافتتاحيّة في اللقاء وما توخّاه من نتائج عمليّة تصبّ في إطار الوحدة الإسلامية والوطنية.