مقترح قانون “قصّ شعر” قديم/ جديد قد يُساعد في حل جزء كبير من الأزمة الإقتصادية في لبنان !؟
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
بعد أن شهد لبنان ما شهده من انهيار إقتصادي، مالي، نقدي وتدهور كبير في الأوضاع المعيشية والاجتماعية مع مشاهد طوابير الإذلال التي تشهدها تقريبًا كل منطقة من مناطقه، ارسل لي أحد الأصدقاء هذه القصة التي وجدت أنها تصلح لأخذ بعض التدابير والإجراءات لاستعادة الكثير من الأموال المنهوبة والمسلوبة من خزينة الدولة أو المُحوّلة الى الخارج بتواطؤ واضح ومعروف بين أركان السلطة الفاسدة وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف وغيرهم ممن تآمروا على هذا الشعب وجوّعوه وافقروه…
وبسرعة تلقّفت الفكرة وقلت في نفسي لماذا لا نُطبّق خطة “والي دمشق- أسعد باشا” في لبنان لاسترجاع كل الأموال المنهوبة والمحوّلة وأموال الفقراء والمساكين والمقهورين والمحرومين والمتقاعدين الذي عملوا لفترات طويلة لكي يحصلوا في نهاية المطاف على بعض النقود الوطنية والخضراء لأيامهم السود فإذا بأموالهم طارت وسُرقت وتبخّرت من صناديق المصارف على يدّ عفاريت الجنّ والإنس ولا أحد يعرف تفصيليًا حتى اليوم كيف وأين وبأية طريقة لأن الوالي وحماته يمنعون أي تدقيق جنائي أو محاسبة ويستمرّون بالضحك والاستخفاف بهذه الرعية المقهورة حتى الساعة ؟
وبعد أن كثُر الحديث منذ بداية الأزمة المالية عن عمليات قصّ الشعر ( Haircut) التي اصبحت على كل لسان بحيث عمل مصرف لبنان وجمعية المصارف على تطبيقها دون مراعاة أيٍ من شروط العدالة والمساواة بين الغني الذي ربما نهب وسرق وسمسر واستفاد كثيرًا من الفوائد المرتفعة التي كانت تدفعها المصارف والفقير الذي جدّ وكدّ وعرق طيلة ايام عمره ليجمع بعض الأموال لتقاعده أو لآخرته كما يقولون ؟! وجدت أن أتقدّم بهذا المقترح لأطلب من خلاله تطبيق نظرية قديمة تتكلّم عن “جزّ صوف الكباش” استعمله “احمد باشا الجزّار” منذ اكثر من 100 سنة لأقول للقيّمين على الأمور: افعلوا هكذا بلبنان ولستم بحاجة الى خطط صندوق النقد الدولي ولا البنك الدولي ولا لقروض او ديون اخرى من مؤتمر “سيدرز” او غيره!
وإليكم فيما يلي “قصة والي دمشق أسعد باشا مع الفاسدين من ساسة وإداريين وقضاة ومستفيدين من ازلامهم والتي تصلح لأن تكون خطة إقتصادية كاملة متكاملة لإعادة بعض التعافي لهذا الوطن لو وجدنا من يتطوّع ليلعب دور احمد باشا لبنان في هذه الأيام الحالكة القاحطة …
وتقول القصة إن الوالي كان بحاجة إلى المال للنقص الحادّ في مُدخرات خزينة الولاية وعجزه عن دفع تكاليف تصريف الأعمال ومعاشات الموظفين وما الى ذلك…
فاقترحت عليه حاشيته أن يفرض ضريبة على صُنّاع النسيج في دمشق
فسألهم أسعد باشا :
وكم تتوقّعون أن تجلب لنا هذه الضريبة ؟
قالوا : من خمسين الي ستين كيسًا من الذهب
فقال أسعد باشا :
ولكنهم أناس محدودي الدخل فمن أين سيأتون بهذا القدر من المال ؟
فقالوا : يبيعون جواهر وحليّ نسائهم يا مولانا !
فقال أسعد باشا :
وماذا تقولون لو حصلت على المبلغ المطلوب بطريقة أفضل من هذه ؟
فسكت الجميع!!!
وفي اليوم التالي قام أسعد باشا بإرسال رسالة إلى المفتي لمقابلته بشكلٍ سرّي وخلال الليل. وعندما وصل المفتي قال له أسعد باشا :
عرفْنا أنك ومنذ زمن طويل تسلُك في بيتك سلوكًا غير قويم وأنك تشرب الخمر وتخالف الشريعه وإنني في سبيلي لإبلاغ “إسطنبول” ولكنني أفضل أن أخبرك أولًا حتى لا تكون لك حجة علي؟!
هُنا اخذ المفتي المفجوع بالخبر يتوسل الوالي ويعرض عليه مبالغ مالية لكي يطوي الموضوع و يُلفلِفه ويستر عليه لكي لا ينفضح امره في البلاد وامام العباد !
فعرض أولًا على الوالي دفع مبلغ ألف قطعة نقدية! فرفضها أسعد باشا
فقام المفتي بمضاعفة المبلغ ولكن أسعد باشا رفض مجددًا. وفي النهاية تمّ الاتفاق على ستة آلاف قطعة نقدية.
وفي اليوم التالي قام أسعد باشا باستدعاء قاضي القضاة وأخبره بنفس الطريقة بأنّ هناك شكاوى كثيرة عليه من كل حدبٍ وصوب….وأنه يقبل الرشوة ويستغلّ منصبه لمصالحه الخاصة…وأنه يخون الثقة الممنوحة له من السلطة ويُكدّس المال والذهب على حساب الرعية التي أصبحت في حالٍ مُذلّ من القهر والفقر والحرمان!
وهنا ايضًا أصبح القاضي يُناشد الباشا ويعرض عليه المبالغ كما فعل المفتي!
فلمّا وصل معه إلى مبلغ مساوي للمبلغ الذى دفعه المفتي أطلق سراحه واخلى سبيله بعد تحذيره من الإستمرار في ذات النهج كما فعل مع المفتي من قبل ذلك.
بعدها جاء دور المُحتسب والنقيب وشيخ التُجّار وكبار أغنياء التُجار وهكذا دواليك الى ان طالت محاسبته معظم الإداريين وكبار اصحاب الثروات والأعيان والمنتفعين من المحاسيب والمحظيين!
بعدها قام بجمع حاشيته الذين أشاروا عليه بدايةً أن يفرض ضريبة جديدة لكي يجمع خمسين كيسًا …
فقال لهم :
هل سمعتم أن أسعد باشا قد فرض ضريبة في الشام ؟
فقالوا : لا ما سمعنا
فقال : ومع ذلك فها أنا قد جمعت مائتي كيس بدل الخمسين التي كنت سأجمعها لو اعتمدت على طريقتكم في فرض ضريبة إضافية على الفقراء والمساكين والمحرومين!
فتسألوا جميعًا : كيف فعلت هذا يا مولانا ؟
فأجاب :
” إنّ جزّ صوف الكِباش خيرٌ من
سلخِ جلودِ الحملان “.
فهل سيأتي اليوم الذي يُجزّ فيه صوف الفاسدين في لبنان بدءًا من الحاشية والمستشارين، والسماسرة والمقاولين، وأصحاب الامتيازات والوكالات الحصرية، وكل اللذين حوّلوا الوطن الى شركات محاصصة تعمل لمنافعهم دون الناس؟؟!!
ومن هو “أسعد باشا لبنان” الذي سيكون قادر على فرض تطبيق هذا القانون او هذه الطريقة على السياسيين الفاسدين الحاقدين وعلى كل من استلم موقع وزاري او نيابي أو إداري أو قضائي أو عسكري أو في أية مؤسسة أو هيئة أو لجنة وكان همّه الأول والأخير كيف يغرف من خزينة الدولة وكيف يكدّس الأموال هو وزجته واولاده وحاشيته وأزلامه؟؟؟!!!!
على أن يكون هذا الأسعد لبنانيًا صرفًا وأن يتخلى عن أي لقب منحه إياه أجنبي، وان لا يكون قد عيّنه أي صدر أعظم أو باب عالٍ مهما علا أو سفل، راشدًا ليس فوقه وليّ ولا وصيّ.. يدين بالله، بلا طائفة او مذهب سوى دين وطائفة الإستقامة والنزاهة والعدالة والمواساة.
حاشيته ومستشاروه ووزرائه من اصحاب الذمم والأمانة والأكف النظيفة والعلم والكفاءة، ولم يجنسهم بلد آخر ويزرعهم عملاء له…
يُلقي في غياهب السجون كل من امتدت يده للمال العام ويسترجع منه ما سرق ، وكل من هندس ماليًا وسعى بقصدٍ لسلب مال الناس وتكديسه في خزائن مرابي وأرباب المصارف والصيارفة، ومن هرَّبوا ثروات البلاد الى الخارج …وليكن لدى “اسعدنا” هذا قضاء نزيه يحكم بتعليقهم على أعواد المشانق في الساحات العامة، وكذلك شأن كل من رشى او ارتشى وعاث في البلاد فسادًا.
فبدل سلخ جلود المواطنين والفقراء والمحتاجين وبإسمهم وبإسم القضية أحيانًا اخرى، لنقم بتدفيع الأثمان لمن سرق ونهب وسمسر وعقد الصفقات على حساب الوطن والمواطن في كل الوزارات والإدارات والهيئات والمجالس والصناديق واللجان وللمقاولين والمتعهّدين من أزلامهم وشركائهم وشركاء زوجاتهم وابنائهم واولاد عمومتهم واخوالهم وكل الأقارب!
ولماذا تسعى كل الحكومات والمجالس النيبابية بلجان مالها وموازنتها وعدلها وإدارتها وكل عصاباتها ومافياتها الداعمة لأصحاب المصارف ولحيتان المال وكبار التجار والمحتكرين المجرمين وغيرهم ممن نهبوا وسرقوا لكي يكون الحساب دومًا على حساب الفقراء والمُعدمين والمستضعفين وصغار المودعين في المصارف؟
لماذا لا تكون ودائع اللبنانيون للبنانيين ، يستثمرونها داخل بلدهم بدأً من النهوض بالزراعة والحرف وصولًا للصناعات الصغيرة والمتوسّطة والمتطورة ومصانع الأدوية بدل استيرادها، ولبناء المستشفيات كي لا نبقى نحمل مرضانا للعلاج خارج مستشفاياتنا وكذلك لدعم قطاع التربية والتعليم والجامعة اللبنانية الوطنية بدل تفريغها ونهبها وتغييب دورها الطليعي في عملية الخلاص والإنقاذ وفي غيرها وغيرها من المشاريع الإصلاحية والإنمائية اللا “ريعية”؟