د. رنا منصور تستذكر الشاعر لامارتين الذي رأى جنة عدن من تلة مار متر
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
تُرى لماذا يغضّ بعض المسؤولين النظر عن الإهمال الحاصل للبنان بشكل عام ولمدينة بيروت بشكل خاص؟ تُرى هل يعلم بعض المسؤولين ماذا قال الشاعر الفرنسيّ “لامارتين” في ذلك الزمان الجميل حين قصد لبنان في مثل هذه الأيام من الأعياد المباركة، وأطلّ من أعلى تلّة لمار متر في بيروت ووصف جمال المدينة قائلاً: “كم كنت أتمنى أن أرى جنة عدن وأستطيع القول الآن أنّني رأيتها”. كما قال بشكل عام أرى المدن والقرى اللبنانيّة واحدة موّحدة مملؤة بالفرح، وإنّ كل ليل في لبنان تراه أبيض على كل مظلوم وأسود على كل ظالم. فمتى سيتعلّم الشعب اللبنانيّ من كلام وروايات الكتّاب والشعراء والمثقّفين والسياسيّين الأوادم الذين لم يمدّوا يدهم على المال العام.
إنّ لبنان بشكل عام وبيروت بشكل خاص هما مدرسة في الوحدة الوطنيّة، ولا يجب أن يُفرّق أي سمسار سياسيّ أو طائفيّ أو مذهبيّ بين الشعب اللبنانيّ. فاللبنانيّون يتعالوا على جراحهم ومآسيهم رغم الأزمات الكبيرة التي تسبّب بها بعض لصوص الهيكل. فهم، مسيحيّين ومسلمين، سيحتفلون بالأعياد القادمة وسيأخذون فترة استراحة قسريّة يتنفّسون فيها الصعداء مساهمة منهم في إيصال نفحة الأعياد وأجواء الفرح إلى الجميع، لا سيما الأطفال والأولاد.
وسيحاول اللبنانيّون الأوادم إعادة نبض الحياة والأضواء المتلألئة إلى مدنهم وبلداتهم رغم الوضع المعيشي الذي أصبحوا يعيشونه. فارتفاع سعر صرف الدولار، نتيجة سياسات البعض الذين لا يعرفون الله ولا يعرفون المواطنة، جعل اللبنانيّين غير قادرين على تأمين لقمة عيشهم، ولا حتى تأمين عشاء العيد والهدايا لأطفالهم. لذلك فهم يقولون للفاسدين: “كفى لم يعد باستطاعتنا تحمّل هذه السيناريوهات من أجل بقاء البعض منكم في الحكم”.
فالشعب اللبنانيّ أصبح يعلم كل ما فعلتموه ولم يعد ينطلي عليه شعار فرق تسد ولم تعد تنطلي عليه المذهبيّة والمناطقيّة ومزاعم المحاور السياسيّة. هو يريد تأمين لقمة عيشه، لا تزايدوا عليه بالدين والطائفيّة لأنّه يعرف واجبه الدينيّ. وإنّ التضحيات كلّها كانت بالدم، والتشرّد كان دائماً من نصيب أبناء الفقراء في حين أنّ أولاد الفاسدين يعيشون في أجمل بلاد العالم وفي حوزتهم العملة الصعبة المسروقة. أمّا وإذا حصلت الإنتخابات فسترون كيف سيُعبّر الشعب عن رفضه لكم ولزبائنيّتكم.
ست الدنيا بيروت ترتدي حلّة العيد رغم فقدان الماء والكهرباء في أكثريّة أحيائها، والعيد في بيروت والمناطق يتّخذ أجواء متنوّعة بكسر المألوف ويزّود الزائر بالفرح والبهجة، هذا بالإضافة إلى المعارض والأسواق الميلاديّة وحفلات الموسيقى في كافة ساحات بيروت، لا سيما في ساحة ساسين في الأشرفيّة وشارع الحمراء حيث سيحتشد المئات من الأهالي مسلمين ومسيحيّين للإحتفال بهذا العيد العالميّ، وكل شوارع بيروت ولبنان ستذكّر بما قاله الكاتب لامارتين. فهل من مجيب؟
أنتم أيّها اللبنانيّون يجب أن تقولوا كلمتكم في الإنتخابات إذا حصلت. أنتم من يجب أن يُحاسب هؤلاء الناهبين في صندوق الإقتراع. إيّاكم والشعارات الطائفيّة والمذهبيّة، أنظروا بأعينكم كيف كان لبنان وكيف أصبح. إحذروا من أن يتذاكى عليكم الفاسدون ويستغلّون فقركم بشراء أصواتكم. تذكّروا أنّه بعد الساعة الخامسة من يوم الإنتخاب لن يُجيب أحداً منهم على جواله.
إنّ القرار بيدكم، حاسبوهم واستعيدوا حقوقكم المهدورة.
وكل عام وأنتم بخير.