كل من ليس معنا هو حتمًا ضدنا | بقلم د. أحمد عيّاش
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
اعتمدت الأحزاب اسلوب رفع الأسوار بينها وبين الناس بدل محوها وتمترست خلف أفكار أصرّت انّها مقدّسة واكتفت بجماهيرها المبايعة لها على السراء والضراء وتقوقعت خلف أعلام موجّه وشحن الناس بمعلومات وبأفكار ترفع من نزاهتها وتحطّ من شرف الآخرين.
من ليس معنا فهو حكمًا ضدّنا.
السير بمقولة من ليس معنا فهو حكمًا ضدّنا وتحت المراقبة ومشبوه في كلامه وفي سلوكه أدى إلى إنتاج أعداء أو خصوم أو منافسين كردة فعل ضد التنظيم.
بإمكان المرء أن ينتقد سياسة الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية بشراسة إلا أن هذا لا يعني أن ذلك المرء ينتمي حكمًا لجبهة الصمود والتصدي بقيادة الجمهورية الإسلامية في إيران وكذلك من يوجه ملاحظات أو نقد أو يعبّر عن رأي مخالف لسلوكيات ولخطاب حزب الله مثلًا ليس بالضرورة مؤيدًا للعدو الأصيل أو لوكلائه أو لخصوم الجمهورية العربية السورية .
لا منزلة وسطى في عقول الأحزاب الأمنية، العقول الأمنية للأحزاب متيقنة من امتلاكها للحقيقة وغير قادرة على الاستيعاب كيف يمكن لآخر أي كان أن يكون له حقيقة أخرى يطرحها كبديل عن خطة الحزب.
وحدها قيادة التنظيم أعلم بمصلحة البلاد و تعرف ماذا تقول وماذا تريد وكل من يخالف ،هو مشاغب أو حقير أو عميل أو متذاك أو متكبر أو متفلسف أو رجعي أو طائفي أو كافر.
أخذت الأحزاب بأفكارها الخاصة بها حجمها الجماهيري الأقصى وما عادت تستطيع التمدد بين الجماهير بغير إثارة العواطف والغرائز وبخلق أعداء وهميين متآمرين لتكسب أصواتًا إضافية من مخدوعين بأعلامها وبنشاط ماكينتها الإنتخابية.
جماهير الأحزاب ليسوا غير ماكينات انتخابية ومشاريع موت وجسور لعبور الأنذال إلى المال والسلطة، تنام وتستيقظ عند إستحقاقات تقرر القيادات خطورتها وكمية الدم المطلوب إراقته في الساحات.
دم في الساحات بين الأعداء! لكن تحالفات غريبة وعجيبة في انتخابات نقابية آخرها على سبيل المثال تحالفات انتخابات نقابة الصيادلة.
حزب الطائفة أو طائفة الحزب لا يهمّ فالمهم تقاسم الانتصارات في السلطة العليا وتنافر وتقاتل بإسم الإله والمقدس في الشوارع السفلى.
من ليس معنا فهو حكمًا ضدنا.
لا تستطيع الأحزاب أن تصدق بوجود آخرين يكنون العداء للعدو الأصيل ولوكلائه إنما لهم رأي مختلف وتحليل آخر لمجريات الأحداث فبيان الحزب الشيوعي اللبناني حول “أحداث الطيونة” أعاده إلى مربع الكفر والأحقاد والنجاسة رغم كل المواقف الأخرى والداعمة ضد العدو الأصيل وتدخلات السفارات الأجنبية.
من ليس معنا فهو حكمًا ضدنا فكيف بحال مستقلّين انما متحمسين للقضايا الوطنية الكبرى ولهموم الأمة ولمسار الإنسانية والأخلاق.
هؤلاء مسحوقون ويدفعون الثمن غاليا من الجميع،من كل المحاور،من الاحزاب ومن اعدائهم،لا مكان لهم الا هامش المجتمع ولا دور لهم غير القتل والسقوط كضحايا والتشرّد.
أنت حرّ يعني أنت مجنون برتبة اخوت.
ومع غياب النقد الذاتي ومع غياب محاورة الآخر المختلف ومع الإصرار على سماع أنفسهم فقط تحولت الأحزاب لعصابات أو لجزر طوائف داخل الطوائف والأديان وصار زعيم الحزب شبه مقدس، ممنوع لمسه من دون سفك الدماء.
من ليس منّا فهو حكما ضدنا.
لا حياة سياسية في لبنان،في البلاد عصابات إما ترضخ لإحداها أو يفضل الصمت وان تهاجر خيرًا لك..
تدّعي الأحزاب أن هناك من يشيطنها إلا أنها تقوم بالمهمة نفسها مع الآخر.
لا فكر سياسي انما إرهاب سياسي وخدماتي.
إما النباح الى جانب الأحزاب والطوائف أو أن تطاردك الكلاب المدرّبة واللعنات.