ماذا يعني إفلاس دولة أو الإفلاس السيادي ؟
الإفلاس السيادي، هو فشل أو رفض حكومة دولة سيادية في سداد دينها بالكامل. وقد يرافقه إعلان رسمي من قبل الحكومة بعدم السداد أو السداد الجزئي لديونها، أو الوقف الفعلي للدفعات المستحقة، والاسم الآخر هو التعثر القومي إذا كان عجز وليس متعمد، أما الأفلاس بالمفهوم العام فهو عدم وجود موجودات تغطي الديون التي تدين بها الدولة للداخل والخارج. وقد نجت بعض البلدان من العبء الحقيقي لبعض ديونها عن طريق التضخم والتضخم يعني خفض قيمة العملة وبالتالي خفض القيمة الفعلية للدين فيما أذا كان بالعملة الوطنية.
نعم لبنان فشل في السداد وأوقف سداد ديونه السيادية على أمل أن تقوم الحكومة بخطوات تخفض من تأثير هذا التوقف السلبي على الاقتصاد والقطاع المصرفي وهذه الخطوات كان المفترض أن تشمل ما يلي :
– اعادة هيكلة الدين العام بشكل يسمح بأعادة تسديده بعد جدولته.
– أصدار قانون الكابيتال كونترول لمنع هروب الرساميل.
– أعادة هيكلة القطاع المصرفي لكي يحافظ على استمراريته.
– وضع خطة للتعافي الاقتصادي تعيد أحياء الاقتصاد وتحويله الى اقتصاد منتج.
لكن المؤسف ان ما حصل هو ان الطبقة السياسية قامت بتعطيل كل هذه الخطوات لتتمكن من سرقة ما يملك مصرف لبنان والقطاع المصرفي من عملات صعبة سواء عبر التحويل للخارج، السحوبات النقدية، ودعم كارتيلات السلع الاساسية، وكانت نتيجة هذا التعطيل خسارة أكثر من خمسة وثلاثين مليار دولار من احتياطي مصرف لبنان وما تملك المصارف من عملات صعبة لدى المراسلين في الخارج موزعة على الشكل التالي:
مصرف لبنان :
ايلول 2019 39.13 مليار دولار
اذار 2022 11.45 مليار دولار
الفرق 27.68 مليار دولار
موجودات لدى مصارف خارجية :
2018 12 مليار دولار
2021 4 مليار دولار
الفرق 8 مليار دولار
اجمالي الفرق 35.68 مليار دولار
بالرغم من كل ذلك فأن لبنان لا زال يملك الكثير من الأصول التي تمنعه من الافلاس، فالافلاس يعني عدم وجود موجودات تغطي الديون ولبنان يملك الكثير من هذه الموجودات، قياسا” الى حجم الودائع والتي انخفضت قيمتها الحقيقية الى حوالي 103 مليار دولار أميريكي، وتتوزع هذه الموجودات على الشكل التالي:
اسم الأصل مليار دولار
عملات صعبة لدى المركزي 11.45
ذهب 17.75
عملات لدى المصارف 4.00
أصول المصارف 15.00
ديون لدى عملاء المصارف 24.22
المجموع 72.42
نشير الى أن معظم ديون المصارف للقطاع الخاص مغطى بنسبة تزيد عن 100 بالمئة بموجودات عقارية وبالتالي فأن هذه الديون لا زالت قيمتها بالدولار.
ويضاف الى هذه الموجودات طبعا” الموجودات العقارية والتي تملكها الدولة وخاصة في منطقة بيروت الكبرى ومحيط بيروت وبقية المناطق والتي تتجاوز نسبتها 25 بالمئة من مساحة لبنان أي ما يعادل 2.623 مليار متر مربع والتي تتجاوز قيمتها بالحد الادنى 25 مليار دولار أميريكي، كما يضاف الى هذه الثروة المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والتي لا زالت الدولة اللبنانية تملكها بالكامل ابتداءً من مؤسسات الاتصال، الى الكهرباء، المياه، البريد، الكازينو، النقل الجوي، الريجيه، بعض المصارف، المرافئ البحرية والجوية، المدن الرياضية، المستشفيات، الاملاك البحرية والنهرية وغيرها من المؤسسات الكثيرة والتي تتجاوز قيمتها عشرات مليارات الدولارات.
انطلاقًا من ذلك فلا يمكننا اعتبار الدولة اللبنانية دولة مفلسة في ظل هذا الكم الهائل من الموجودات والاصول التي تملكها أو تلك التي يمكن ان تملكها في المستقبل، ما يمكننا قوله هو ان هذه الدولة متعثرة نتيجة السرقات المستمرة والهدر والفساد المستشري والذي لم يتوقف لغاية اليوم بفعل جشع التجار والطبقة السياسية الحاكمة والتي لا تتورع عن سرقة ما تبقى من هذه الموجودات، لذلك فلا ثقة بهذه الطبقة ان تقوم بتوظيف هذه الموجودات بشكل صحيح وأعادة الودائع لأصحابها، العمل يجب ان ينصب على اصلاح النظام السياسي قبل كل شيء، وذلك عبر منع التعطيل في النظام السياسي من ناحية، واصلاح القضاء ليصبح ذات استقلالية كاملة لا يتأثر بالضغوطات السياسية وقادر على أصدار الاحكام بعدالة وفاعلية بحيث لا يتم تعطيل الملفات وتراكمها في خزائن القضاء والمحاكم، وتفعيل أجهزة الرقابة ومنحها الاستقلالية الكاملة للقيام بدورها.
ان هذا الاصلاح كفيل بإعادة الانتظام للنظام الاقتصادي وبالتالي إعادة الحياة للقطاع المصرفي ودون ذلك فلا نأمل شيئًا.