هل يكون 2023 عام التسوية والحوار في لبنان؟ | كتب قاسم قصير
إنتهى العام 2022 ولبنان يعيش سلسلة من الازمات السياسية والاقتصادية والمعيشية والمالية ، وفي ظل مخاوف متجددة من تدهور الاوضاع الامنية في مختلف المناطق اللبنانية ، وفي ظل تحذيرات من مخاطر كبرى على الكيان اللبناني بسبب التغيرات الديمغرافية وتراجع عدد اللبنانيين وازدياد الهجرات المشروعة وغير المشروعة ، وكذلك في ظل ارتفاع الدعوات الى الفيدرالية او التقسيم او قيام مناطق لبنانية محررة بدعم دولي في مواجهة المناطق التي يسيطر عليها حزب الله وحلفاؤه .
فما هو مصير لبنان في العام 2023 ؟ وهل ستتجه الاوضاع نحو المزيد من الانهيار المالي والاقتصادي والامني والمعيشي والاجتماعي ونشهد نهاية لبنان الكيان والنظام ؟ او ان هناك امكانية لولادة لبنان الجديد من خلال تسوية شاملة واعادة تفعيل قنوات الحوار الداخلية والخارجية لانقاذ لبنان واللبنانيين؟
رغم قساوة المشهد اللبناني الحالي واستمرار الفراغ الرئاسي والخلافات حول دور الحكومة وعدم استقرار الاوضاع المالية والاقتصادية والامنية ، فان مصادر سياسية لبنانية مطلعة تعتبر : ان العام 2023 قد يكون عام التسوية والحوار .
وقد أوضحت هذه المصادر الاسباب التي تدفعها للتوصل الى هذه النتيجة وهي التالية :
أولا : عجز الاطراف الداخلية عن حسم الصراع والحاجة الى التسوية ، فليس هناك طرف محدد يستطيع حسم المعركة الرئاسية لوحده وهناك حاجة ماسة للحوار بين الاطراف للتوصل الى التسوية الرئاسية ، فاما تكون التسوية داخلية بدعم خارجي او سيكون هناك ضغوط خارجية للتوصل الى تسوية بين الاطراف اللبنانية تشكل مدخلا لانقاذ لبنان من ازماته .
ثانيا : ان ولاية حاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة تنتهي في شهر تموز المقبل ولذلك هناك حاجة ضرورية للتوافق قبل هذا الوقت من اجل تسهيل اختيار حاكم جديد لمصرف لبنان ولان البلاد لا تتحمل بقاء مصرف لبنان بدون تعيينات جديدة .
ثالثا : متابعة ملف استخراج الغاز والنفط وهذه حاجة داخلية وخارجية ، ولا يمكن للشركات الانطلاق في العمل بشكل موسع وشامل في حال استمرار الازمة السياسية وعدم انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة.
رابعا : بروز بعض المؤشرات على عودة الحوار السعودي – الايراني وبدء الحوار التركي- السوري ، وهذا قد يساعد في تهدئة الاجواء الداخلية اللبنانية ودفع الاطراف الداخلية للحوار .
خامسا : عدم قدرة الاطراف اللبنانية وخصوصا حزب الله على تحمل المزيد من الضغوط الاقتصادية والمالية والحاجة للدفع في اتجاه التسوية واستعداد الحزب للتعاون في الوصول الى تسوية شاملة .
سادسا : زيادة الضغوط الداخلية من قبل المرجعيات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحوارية للضغط من اجل اطلاق الحوار الداخلي وبلورة لوبي لبناني ضاغط من اجل الحوار وزيادة الانشطة واللقاءات في هذا الاتجاه .
سابعا : احتمال لجوء بعض الدول الاوروبية واميركا الى فرض المزيد من العقوبات على الشخصيات اللبنانية التي تعرقل الحوار ولا تتعاون من اجل الوصول الى تسوية شاملة ، وقد يعرض الثروات المالية لبعض الشخصيات اللبنانية في اوروبا لفرض عقوبات عليها اذا لم تتعاون من اجل انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة.
ثامنا : المخاوف من استمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وانعكاس ذلك على الاوضاع الامنية وعلى دور الجيش والمؤسسات الامنية.
لكل هذه الاسباب مجتمعة تعتبر المصادر السياسية اللبنانية : ان العام 2023 سيكون عام التسوية والحوار الداخلي ، وانه سيتم تزخيم المبادرات الداخلية والخارجية في الايام المقبلة ، وقد نشهد المزيد من الخطوات التي تشجع للوصول الى التسوية واختيار رئيس قادر على تنفيذ الاجندة الاصلاحية ويحمل رؤية جديدة على صعيد دور لبنان في المنطقة ويتولى قيادة الحوار الداخلي في المرحلة المقبلة.
فهل تصدق هذه التوقعات السياسية ويكون لبنان امام مرحلة جديدة ؟ او ستنجح بعض القوى الداخلية في افشال المبادرات الحوارية كما حصل في تجارب سابقة في تاريخ لبنان الحديث؟