ازمة لبنانالاحدث

نجيب ميقاتي … يؤلّف أو جرب حظك مرة أخرى؟ | بقلم أحمد حلواني

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

يربط معظم اللبنانيين مصيرهم و مصير الوطن المتساقط بعملية التأليف الحكومي التي رست من جديد على السيد نجيب ميقاتي اللاعب الوسط بين المحاور و الوجه البشوش الذي يمثل السلطة المقيتة بكل إرتكاباتها و كل تلاوينها.

فبعد فشل “مرشح نجيب” السفير مصططفى أديب الذي إرتطم بفداحة الأزمة السياسية و الإقتصادية و خوفه على مستقبله المهني و علاقاته التي كونها مع الغرب، و بعد تخبيص سعد الحريري و زلة لسانه عندما قال أنه المرشح الوحيد لترأس السلطة التنفيذية علماً أنه ذاق مرارتها و يعلم أنها لم يعد منصباً للتقريش و ليست مرتع للتشريف و لكنه ربما أرادها للتحصين لا أكثر، ها هو العجيب يدخل شخصياً في سباق التأليف مدعوماً بجاهبذة الشخصيات السنية طامعاً بأمرين لا ثالث لهما، إما بدخوله نادي الرؤساء المعتذرين عن التكليف في عهد ميشال العون و إما نجاحه في تشكيل حكومة الإنتخابات التي تستطيع من خلالها السلطة إعادة تكوين نفسها لحماية ما تبقى من مكتسبات.

و في كلا الحالتين سيستثمر هذا الرجل إما بمظلوميته أمام فجور العهد و جبروته على الدستور و الأعراف الطائفية أو بقوته و صلابته في ظل معادلة سياسية تدور في حلقة مفرغة ظاهرها طائفي و باطنها فساد و سرقة مال عام و إجرام قد يؤتي على كل من تعاقب على إدارة اللعبة السياسية في لبنان حجر تلو الحجر كأحجار لعبة الشطرنج.

كل هذا بواد و الحقيقة المرة بوادٍ آخر نلخصها ببعض التساؤلات التي لا تحتمل فطنة كبيرة للإيجابة عنها، هل بالفعل يستطيع أحد رموز السلطة السياسية التقليدية السنية من تشكيل حكومة و واقع السنة في لبنان تتباكى عليها الطوائف الأخرى من فداحة التشنيع فيها و على يد من تعاقب على تزعمها و إدارة شؤونها؟
هل من أحد من السنة المعارضين للسلطة لم يخضع لعمليات التخوين أو التقويد الأمني وصولاً إلى تركيب الملفات و من ثم الإعتقال بتهم لم ينزل الله بها من سلطان أو حتى إعتقال و سجن دون تهم كما هو الحال مع معظم شباب طرابلس و شباب صيدا؟

هل لقي الميقاتي فعلاً بعض الضمانات الخارجية لتعويم الإقتصاد المتهاوي؟
و في حال الإجابة بنعم!
من تلك القوى الدولية التي سترتبط مع ذاك الرجل المتصل مع محور الشرق و المتناغمة مصالحه الإقتصادية معها، و هل ستخرج حكومته ببيان وزاري يكسر معادلة شعب و جيش و مقاومة؟و في حال كسرها، أي شعب سيكون و قد أصبح الحد الأدنى لا يتجاوز ال٥٠$ و المؤسسات الرسمية تتحلل و البنى التحتية تتهاوى و المرافق الحيوية تفقد كل الثقة المحلية و الدولية.

أي جيش و ها نحن نرى أن المؤسسة العسكرية المثقلة بالمشاكل و الأعباء تتقاذف بين أوامر السلطة السياسية العميلة و سلطة الإرادة الشعبية المنتفضة لواقع الإذلال.

و أي مقاومة تلك، اهي نفسها المشاركة في سفك دماء الشعوب العربية؟ أو تلك المصدرة لحبوب الهلوثة الى أسقاع الأرض؟
أو حزب النيترات و حارس المرافق البحرية و الجوية و البرية المسبب الرئيسي في ثالث أكبر إنفجار في العالم؟

في حال تخطى الميقاتي كل هذا،  هل يستطيع نجيب استعادة ما سرقه الجميع؟ و إن فعل، ماذا عن نفسه؟

لقد ينتابنا و ينتاب اللبنانيين جميعهم حالة من التنكر للواقع و النكران لكراماتنا المنتهكة يومياً في هذا البلد التي يتشدق فيها حتى الآن المرتكبين الذين لا يزالوا وحوش الشاشات و الإعلام السلطوي و “الثوري” حسب ما يزعم البعض، و لكننا نستفيق كلما نفتقد حبيب او عزيز غادر البلد أو غادر الحياة الدنيا بسبب جَوّر من يسميهم البعض بالزعماء بل هم في الحقيقة ذوو عماء عن روح الإنسانية و عن الحد الأدنى من الممارسات الأخلاقية.

رغم كل الأسى الذي نعيشه و اللبنانيين، إلا أن هذا المسار الوحيد الذي سيطهرنا كمواطنيين من داء التبعية و الطائفية التي تمارسها و تمتهنها الطبقة السياسية الفاسدة، و لعل الإنهار الكلي للدولة تمكن الأجيال القادمة من بناء دولة نطوق إليها أي دولة القانون و المؤسسات و دولة البرامج و الخطط الإستراتيجية، ولكن خريطة الطريق الوحيدة لنجاة لبنان هي بقضاء مستقل يحاسب جميع المرتكبين بما فيهم قضاة البلاط، و تعديل النظام بما يتماشى مع نصوص تُفهم و تُفسر بشكل واحد و لا تحتمل التأويل و التغيير و التنظير، و أخيراً بشعبٍ يتحمل مسؤولياته فيحاسب و يطالب و يتحرك عند الشدائد، فبدون الشعوب تسقط كل الأوطان.

في النهاية إن شكل أو لم يشكل أيٍ كان من المنظومة أو من المرتبطين بها، لن يغير في مسار الإنهيار شيء، فلبنان بحاجة إلى حكومة تقنوقراط من رأسها الى أخمص قدمها تكون مهمتها تطهير القطاع العام من المنتفعين و إستبدالهم بأصحاب الكفاءات،  معاقبة المرتكبين و إستعادة الأموال و حماية الموارد و الثروة الطبيعية من الأطماع، إقامة علاقات ندية مع الأخوة و الأشقاء و الغرب و الشرق قوامها مصلحة الشعب اللبناني و الدولة، و تحفيذ روح المواطنة و الموطنية المفقودة في بلد المزارع و الحظائر.

الأستاذ أحمد حلواني، قيادي في المنتدى الاقتصادي الاجتماعي السياسي

الأستاذ أحمد حلواني، حاصل على دبلوم في الهندسة الصناعية، ماجيستير في الإدارة العامة و إدارة المؤسسات الغير حكومية، خبير في الشؤون التنموية و مؤسس لعدة جمعيات وطنية، أحد مؤسسي المنتدى السياسي الإقتصادي الإجتماعي- منسق إقليم طرابلس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى