الاحدثالجيوبوليتيك الروسيالصورة الكبيرةقراءات معمقة

روسيا في مواجهة الناتو: ضم أوكرانيا هو الحل الأمثل | بقلم دكتور عوض سليمية

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

نشر موقع روسيا اليوم بتاريخ 3 ديسمبر2021، مقالا للكاتب رومان تيوكافين، تحت عنوان، “تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا“، جاء فيه، ان الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي رفعت من درجة تاهب قواتها المسلحة من الدرجة الخامسة الى الدرجة الرابعة في الثلاثين من نوفمبر، على خلفية التوتر العسكري على الحدود مع اوكرانيا، وهو ما يعني العودة الى المستوى من الاستعداد القتالي الذي كان معمول به في حقبة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي السابق.

في السياق، تبدوا وثيقة الضمانات الامنية التي قدمتها روسيا لحلف الناتو وعلى رأسهم أمريكا بمثابة الانذار الاخير للحرب، أكثر منها ايجاد أرضية مشتركة للحوار الدبلوماسي، ببساطة لقد طفح الكيل… وما عادت موسكو تطيق تصرفات الولايات المتحدة وحلف الناتو، بحسب المسؤولين الروس.  ضمن هذا السياق، وفي ذكرى مرور ثلاثون عاماً على تفكك الاتحاد السوفييتي، وصف الرئيس بوتين هذا الحدث الكبير “بأنه اكبر مأساة جيوسياسية حدثت في القرن العشرين”، وأضاف بوتين في موقع اخر “لقد فقدنا 40% من أراضينا…ضاع الكثير مما تراكم على مدار الف عام من تاريخنا”.

لقد نكثت اوروبا وأمريكا بوعوداتها بعدم التوسع شرقاً بعد انتهاء الحرب الباردة، او الاقتراب من فضاء روسيا الجيوسياسي- تم تأسيس المجلس الروسي الاطلسي المشترك الدائم في أيار/ مايو1997 بهدف منح روسيا دورا استشاريا عند مناقشة الأمور ذات الاهتمام المشترك. ومع ذلك واصل الحلف ضم عدد من دول جمهوريات الاتحاد السوفييتي الى جانب دول حلف وارسو، الذي فقد سبب وجوده مع انهيار الامبراطورية السوفييتية، فكانت كل من جمهورية التشيك والمجر وبولندا، اولى دول المعسكر السوفييتي انضماماً لحلف الناتو، ثم في عام 2004، انضمت كل من، بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا، تلتها ألبانيا وكرواتيا أبريل 2009، ثم في 5 يونيو 2017 ضم الحلف جمهورية الجبل الأسود، وكانت مقدونيا الشمالية اخر الملتحقين  في 27 مارس 2020.

ومع كل هذا الضم والتوسع، الا ان الولايات المتحدة تبدوا مصرة على أن تتواجد بأدواتها وتوابعها على اعتاب الكرملين من خلال تلويحها المستمر بضم أوكرانيا المقاطعة السوفييتية السابقة، الى نادي أعداء موسكو، استناداً الى هذا الموقف المعلن، كان لزاماً على الرئيس بوتين أن يرسم الخط الاحمر في وجه اعضاء الحلف وفي المقدمة منهم الولايات المتحدة.

وسط هذا التوتر القائم في العلاقة بين حلف الناتو وروسيا، وبتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر2021، نشرت وزارة الخارجية الروسية مسودة تلخص الضمانات الامنية الشاملة التي تريدها موسكو من كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي، وهي في جوهرها قائمة على الاحترام المتبادل ومبدأ التعاون والمساواة وخل الخلافات بما يتماشى واهداف الامم المتحدة وقرارات مجلس الامن، بعيداً عن لغة التهديد والتحالفات العسكرية، وقد تضمنت ورقة الضمانات من بين امور أخرى، عدم توسع حلف الناتو من خلال الالتزام بعدم ضم مزيد من الدول التي تجاور في حدودها البرية أو البحرية حدود الدولة الروسية الى دول الحلف، بما في ذلك اوكرانيا، وشملت أيضًا حظر أي نشاط عسكري للناتو في أوروبا الشرقية ومعظم دول الاتحاد السوفيتي السابق.

ومع إجراء لقائين افتراضيين بدا فيهما عدم الانسجام بين الرئيسين بوتين وبايدن أواخر العام الماضي 2021، بهدف تبديد التوجس الذي تبديه موسكو من نوايا حلف الناتو، الا أن البيان الامريكي على طلب الضمانات جاء سريعاً من البيت الابيض، مدعياً أن لجميع الدول الحق في تقرير مستقبلها وسياستها الخارجية الخاصة بها، دون تدخل خارجي، وهذا ينطبق على أوكرانيا وينطبق أيضًا على حلفاء الناتو، ولا يحق لروسيا امتلاك حق النقض على توجه أي دولة لديها الرغبة في الانضمام الى الحلف. في الوقت نفسه، أعلن البيت الابيض عن وجود لقاء يجمع الوفد الروسي بالوفد الامريكي في جنيف بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني من هذا العام يهدف الى مناقشة قضايا السلاح النووي الى جانب الازمة الاوكرانية. الى جانب لقائين اخرين يجمعان روسيا باعضاء من حلف الناتو بتاريخ 12و13 من الشهر نفسه.

فيما تظهر الغالبية العظمى من المجتمع الامريكي قرابة 48% معارضتهم الشديدة لخوض حرب ضد روسيا بهدف حماية اوكرانيا وفق استطلاع للرأي أجرته شركة You Gov، بالاشتراك مع معهد تشارلز كوخ ونشره موقع Responsible Statecraft الأمريكي، إلا أن إدارة بايدن وحلف الناتو يواصلون إعادة بناء وتزويد الجيش الاوكراني بمعدات لوجستية وأنظمة دفاعية فتاكة بملايين الدولارات، الى جانب فرق التدريب للعسكريين الاوكران، بالتزامن مع حملة اعلامية واسعة هادفة الى شيطنة مواقف روسيا واظهارها بمظهر المعتدي. ووسط شكاوى من اجتياح روسي لاراضيها، رفعت كييف من لهجة التحدي عقب الدعم الامريكي والغربي لها، واعلنت برنامج يشمل عشرات المناورات العسكرية البحرية والبرية وبمشاركة جيوش الناتو سيتم اجراؤها خلال العام الجاري 2022، في الوقت الذي تواصل فيه اعتداءاتها على شعب اقليم الدونباس الموالي لروسيا.

 يبدو أن ساعة الصفر التي حددتها اجهزة الاستخبارات الامريكية والغربية في وقت سابق لاجتياح الجيش الروسي لاوكرانيا قد اقتربت، وأن إشارة البدء بانتظار نتائج اللقاءات المرتقبة بين الاطراف، والمتوقع أن تفشلها واشنطن بهدف دفع موسكو الى معارك استنزاف داخلية مع الصغار، والابقاء على مسدسها مصوب على رأس موسكو. ضمن هذا السيناريو، فإنه ولضمان بقاء اوكرانيا الحديقة الخلفية لروسيا، والخط الفاصل بين الفضاء الروسي الجيوسياسي وأدوات واشنطن، متوقع أن يعطي الرئيس بوتين إشارة البدء في إجراءات ضم اوكرانيا، وتوجيه ضربة قاسمة لطموحات فلاديمير زيلينسكي وإعادته الى سيرته الاولى في التمثيل الكوميدي، وتصحيح مسار جزء من التاريخ الذي عاند ذات يوم أمجاد الاتحاد السوفييتي وأضاع 40% من اراضيها التاريخية.

د. عوض سـليميـة

حاصل على الدكتوراة في العلاقات الدولية في تاثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية تجاه القضية الفلسطينية من جامعة university utara Malaysia. زميل ابحاث ما بعد الدكتوراة في السياسة الخارجية الأمريكية. مدير برنامج السياسة الخارجية الامريكية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى