الاحدثالملف العربي الصينيملفات مرجعية

خمسون لبنان والصين “الجزء الثاني والأربعون” : تحيا الصداقة اللبنانية الصينية | كتبت السفيرة ميليا جبور

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

شرف كبير لي ان اكون سفيرة للبنان في الوقت الذي يحتفل فيه الصين ولبنان بالعيد الخمسين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. انه اليوبيل الذهبي بين لبنان والصين ، والذهب معدن ثمين تعادله قيمة الصداقة بينهما والتي تعود جذورها الى الآف السنين.

ان حكاية الصين ولبنان حكاية صديقين يعرفان بعضهما البعض على مر العصور ، وبالرغم من بعد المسافات بينهما الا انهما ارتبطا بواسطة طريق الحرير التي نسجت بينهما خيوط الصداقة والمعرفة .

وبقيت هذه الحكاية مستمرة حتى ما قبل استقلال جمهورية الصين الشعبية حيث اتاها لبنانيون مؤمنون بافكارها ونهج ثورتها ووقفوا الى جانبها ، امثال الدكتور جورج حاتم ،MaHaide،الذي كرّم ذكراه الرئيس شي جين بينغ الشهر الماضي كأحد ابرز المساهمين في نهضة واصلاح الصين ،وهو محط احترام وتقدير في لبنان وخاصة في بلدته حمانا،الى الاستاذ بيار ابو خاطر الذي ساهم بتشييد مدرسة لتثقيف البنات في مقاطعة تشاندونغ اطلق عليها ” مدرسة
لبنان للبنات”.

ثم في خمسينيات القرن الماضي حيث بفضل جهود الاخوين عدنان وعادل القصار تم نسج افضل العلاقات مع المسؤولين ورجال الاعمال الصينيين وقد منح الرئيس شي جين بينغ عام2016 الاستاذ عدنان القصار جائزة ” المساهمات البارزة للصداقة العربية الصينية “.

ومع الاعتراف الدبلوماسي بين البلدين عام1971 وتأسيس السفارة اللبنانية في بكين في نيسان 1972، خلال عملهم الدبلوماسي في الصين في ساهم السفراء اللبنانيون الذين تعاقبوا اقامة افضل العلاقات بين البلدين وتقديم الثقافة اللبنانية بابهى حللها الى الشعب الصيني ، واقامة روابط صداقة اضافت نكهة مميزة الى العلاقات بين المسؤولين وقصرت المسافات الرسمية بينهم. يبقى ان يتم العمل الحثيث على تفعيل هذا الارث والارتقاء به لما يرضي طموح اللبنانيين والصينيين في تقوية وتشجيع التبادلات المختلفة للتقريب ايضا وايضا بين البلدين.

ومنذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1971 راحت العلاقات تتطور بشكل مستمر، وتنمو بحكمة وروية، وبانسجام تام مع مبادئ واسس الاحترام المتبادل بينهما.

فها هي اليوم الصين تتبوأ مراتب متقدمة في شراكتها التجارية مع لبنان، كما ان لبنان وقّع مبادرة الحزام والطريق ، واصبح عضوا في البنك الاسيوي للاستثمار في البنى التحتية. كما لمس لبنان خلال العقود الخمسة الماضية تأييد الصين لسيادته واستقلاله وسلامة اراضيه، ووقوفها الدائم الى جانبه في المحافل الدولية لدعم قضاياه المحقة.

وما من افضل وسيلة للتقارب بين الشعبين اكثر من الجهد الثقافي الذي يبني جسورا دائمة ويكون وسيلة للانفتاح على الآخر والاطلاع على عاداته وتقاليده ، وما اكثرها مشتركة بين لبنان والصين .

فمن كتب وفكر جبران خليل جبران الذي ترجمت كافة اعماله الى اللغة الصينية ، وكتب وفكر امين الريحاني ، الى مركز كونفوشيوس لتعلم اللغة الصينية في بيروت،والتبادل الطلابي السنوي بين البلدين، هذا بالاضافة الى تبادل الفرق الفنية والفولكلورية ابرزها فرقة كركلا المعروفة والمحببة جدا من قلوب الشعب الصيني.

وهنا لا بد منتوجيه شكرا عميقا وتقديرا بالغا الى قسم اللغة العربية في جامعة بيكين، ومركز الدراسات العربية في جامعة اللغات والثقافة في بكين
اللتين لا تتركا جهدا الا وتقوما به في سبيل التفاعل العلمي والثقافي والشعبي بين البلدين.

فالثقافة والعلم هما السلاح الاقوى في وجه الامية والظلامية والجهل. هذا كله بايجاز لنقول ان مساحة التعاون واسعة بين الصين ولبنان ، وابواب البلدين دائما مفتوحة بينهما بجو يسوده الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة للدولتين والشعبين ، ويتطلع لبنان الى معجزة الانفتاح والاصلاح التي تقوم بها الصين منذ اربعين سنة بكل اعجاب وتقدير ويود اقتباس بعض دروسها ، كما لن يألو لبنان جهدا مع الشعب الصيني الصديق ليفتح له ابواب مدنه الساحرة، ليتعرف الى حضارته العريقة وتاريخه الفريد ، كما يتطلع الى ، وحياته الصاخبة والجميلة اسواقه الكبيرة ليعرف الشعب الصيني على مصممينه المبدعين المشهورين عالميا من مصممي ازياء ومصممي مجوهرات ، وليعرفهم ايضا على نبيذه المستخرج من عنب يرجع تاريخه الى حوالي 5000 سنة ، والى زيت زيتونه حيث ان اقدم شجر زيتون في العالم موجود في الشمال اللبناني ويعود تاريخ بعضه الى6000سنة.

هي مناسبة ايضا هنا لنشكر الصين وشعبها على كل المساعدات التي قدموها الى لبنان وللشعب اللبناني في مناسبات مختلفة وهي لفتة كريمة وسط التحديات التي يواجهها لبنان نتيجة الازمة الاقتصادية والمالية التي يجتازها والتي يعاني منها الشعب اللبناني.

في الخاتمة، نقول أن الشعوب التي تتشابه في تاريخها ، ونضالها وصمودها مدعوة ان تلتقي لتتشارك في الخبرات وتتساند في الازمات . وهذا ما سيكون مستقبل لبنان والصين من حيث الصداقة الاخوية، والتبادل في المعارف والبناء على ارث من الماضي الجميل يحمل في ثناياه مكونات المستقبل الزاهر والواعد.

تحيا الصداقة اللبنانية الصينية


لمتابعة باقي أجزاء السلسلة : اضغط هنا

ميليا جبور، سفيرة لبنان لدى جمهورية الصين الشعبية

ميليا جبور، سفيرة لبنان لدى جمهورية الصين الشعبية منذ ديسمبر من العام ٢٠١٧ بعد أن كانت مسؤولة عن ملف اليونيسكو في السفارة اللبنانية في باريس. وعرف عن السفيرة بالاضافة الى دورها الدبلوماسي، اهتمامها بالبحث عن فرص تصدير المنتجات اللبنانية إلى الصين وخاصة النبيذ اللبناني ذات السمعة العالمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى