بعد ان عرضنا في الجزء التاسع من هذا الملف واقع ومستقبل جراحة الشرايين التاجية للقلب بواسطة الجراحة(CABG) والعلاج بواسطة الطُرق التدخّلية
(PCI)، نستكمل في هذا الجزء إستعراض حاضر ومستقبل اهم انواع الأمراض الرئيسية الأخرى، وتحديدًا اهم التطورات التي طالت عمليات جراحة الصمام الأبهر للقلب بالطرق التقليدية او عن طريق تغييره وعلاجه بواسطة القسطرة، جراحة تمدّد او إنتفاخ الشريان الأبهر في الصدر و/او البطن، و اخيرًا علاج امراض كهرباء القلب وعمليات زرع بطاريات القلب والأجهزة الصادمة الداخلية.
وفي نهاية هذا الجزء نستعرض أهم التوصيات التي خلص إليها أهم الخبراء في كليفلاند كلينيك للإستمرار في تقديم أفضل العلاجات المُمكنة لمرضى القلب والشرايين وما هي الأولويّات التي يجب ان تتركّز عليها الأبحاث في هذا المجال في السنوات المقبلة.
1-عمليات تغيير الصمام الأبهر للقلب جراحيًا (SAVR : Surgical Aortic (Valve Replacment في مقابل زراعة الصمام بواسطة الطُرق التدخّلية (TAVR : Transcutaneous Aortic (Valve Replacment :
كما في جراحة شرايين القلب، تتطلّب أحدث الابتكارات في استبدال الصمام الأبهري التعاون الوثيق بين اعضاء “الفريق القلبي” الذي كنّا قد اشرنا اليه.
وقد كان إستبدال الصمام الأبهري الجراحي (SAVR) أحد التطورات الطبية العظيمة في القرن العشرين، حيث استخدم لأول مرة “صمامات كروية بسيطة” في الستينيات من القرن الماضي. وتطوّرت بعد ذلك التقنيات تدريجيًا إلى “صمامات القرص المائلة” في السبعينيات ثم الى “الصمامات البيولوجية” في الثمانينيات.
وقد تم تطوير إستبدال الصمام الأبهر عبر القسطرة (TAVR) من قبل طبيب القلب التدخّلي الفرنسي آلان كريبيه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ( عام 2002 تحديدًا) كبديل طفيف التوغّل لإستبدال الصمامات الأبهرية الضيقة.
وفي عام 2011 ، أجرى الدكتور (Svensson) مع فريق شمل الدكتور (Kapadia) والدكتور (E. Murad Tuzcu)، رئيس قسم طب القلب والأوعية الدموية في كليفلاند كلينك- أبوظبي – أحد إجراءات ال (TAVR) الأولى التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في أمريكا ، ممّا ساعد في وضع حجر الأساس لمرحلة لاحقة لإعتماد واسع النطاق لهذه التقنية في الولايات المتحدة. وفي الواقع أجرى فريق كليفلاند كلينك 487 عملية من هذا النوع عبر القسطرة القلبية في عام 2018 ، بنسبة 0.4٪ من الوفيات داخل المستشفى.
وفي عام 2007، أطلق الدكتور (Svensson) وزملاؤه أول تجربة من سلسلة من التجارب المُرقّمة التي تسمى دراسات (PARTNER) والتي أظهرت تكافأً عامًا في النتائج بين العلاج بواسطة ال(SAVR) او ال (TAVI) وتفوّق ال(TAVI) على العلاج الدوائي او الطبّي فقط لهذا المرض، مع ارتفاع مخاطر الإصابة بالسكتة والجلطات الدماغية عند إستعمال هذا العلاج التدخّلي.
ومُؤخرًا وفي حدث سجّل مفاجأة كبيرة لكل الجسم العلمي الطبي والجراحي العالمي المعني بعلاج هذا المرض، اظهرت دراسة (PARTNER-3)، وهي أحدث تجربة أُجريت في هذا المجال، إلى أنه “من بين المرضى الذين يعانون من تضيّق في الصمام الأبهر الشديد والذين كانوا مُعرّضين لـ “خطر جراحي خفيف او مُنخفض”، كان معدل الوفاة المُركّبة، أو السكتة الدماغية، أو إعادة الدخول الى المستشفى من اجل الاستشفاء في العام الأوّل بعد العلاج اقلّ بشكلٍ ملحوظ مع ال (TAVI) مقارنة بالجراحة (SAVR).
وهذا ما شكّل ثورةً كبيرةً في هذا المجال اذ انه اصبح من المُمكن إعتماد هذه التقنية التدخلية لعلاج اشخاص غير متقدّمين بالسنّ ولا يعانون من امراض ومشاكل اخرى تجعل مخاطر الجراحة مُرتفعة عندهم.
لكن (Svensson) و (Kapadia) لاحظا أنه على الرغم من شمولية الدراسة، كان لدى (PARTNER-3) العديد من الإستثناءات ونقاط الضعف، فضلًا عن الإختلافات الدقيقة بين مجموعات العلاج ، مثل معدل أعلى من الإجراءات المُصاحبة مثل (CABG) في مجموعة ال(SAVR) التي كانت بنسبة %26 مقارنة بمجموعة ال (TAVI) التي صاحبتها نسبة اقل وهي ٪8 فقط.
وكانت النتائج التي تمّ إصدارها مُؤخّرًا لمدة عام واحد فقط، ومن المُقرّر أن تستمرّ المتابعة لمدة 10 سنوات لتقييم متانة أجهزة (TAVI) في مُقابل متانة الصمامات التي تُستعمل في الجراحة التقليدية.ويقول الدكتور (Svensson) أنه “ما لم تكن هناك ظروف مُخفّفة، مثل أمراض القلب الإشعاعية أو غسيل الكلى، فإن المرضى الذين تقلّ أعمارهم عن 65 عامًا لا ينبغي أن يخضعوا لـ TAVI في هذه المرحلة بإنتظار ظهور نتائج جديدة ودراسات اخرى على المرضى ذوي المخاطر الجراحية الخفيفة.
2- إصلاح تمدّد او إنتفاخ الشريان الأبهر (Aortic Aneurysm) بواسطة الجراحة التقليدية (Open Surgery) أو بواسطة الطرق التدخّلية (Endovacular Therapy) :
عندما احتلت كليفلاند كلينك المرتبة الأولى في عام 1995، كانت الجراحة المفتوحة لهذا النوع من الأمراض هي “المعيار الذهبي” لعلاج امراض الشريان الأبهر في البطن أو في الصدر او في البطن والصدر معًا. اليوم، تتمتّع كليفلاند كلينك بأنها من بين أكثر مراكز العالم تجربةً مع أقل مُعدّل وفيات لهذه الإجراءات المفتوحة التي غالبًا ما تكون صعبة وخطيرة. ويقول خبراء المركز ان الخبرة الواسعة لبرنامجهم مكّنتهم من تحقيق مُعدّل وفيات أقل من 1٪ خلال جراحة تمدّد الشريان في البطن لأول مرة في تاريخ تلك الجراحات. ومع ذلك ، فإن عملية فتح الصدر والبطن قد تتصاحب مع العديد من المضاعفات الجانبية الخطيرة المُحتملة، بما في ذلك الشلل النصفي. وهي تتطلّب فترة نقاهة طويلة. ولذلك بدأ البحث عن بديل أقل تدخلًا لإصلاح تمدد الشريان الأبهر الصدري وفي البطن مع جراح الأوعية الدموية (Juan (Parodi، وكان طبيبًا ارجنتينيًا مُتدرّبًا في كليفلاند كلينك في منتصف السبعينيات.
وفي سنته الأخيرة في هناك، بدأ الدكتور(Parodi) التفكير في نهج إصلاح هذه الأمراض بالطرق التدخّلية (Endovacular Therapy). وقد عمل على حلّ المشكلة بعد عودته إلى موطنه الأرجنتين في عام 1979.
وفي عام 1990 أجرى أول عملية ناجحة لإصلاح تمدّد الشريان الأبهر في البطن في العاصمة الأرجنتينية “بوينس آيرس”.
وعلى مدى ربع القرن الماضي، تطوّرت أجهزة إصلاح الأوعية الدموية بواسطة هذه الطُرق بشكلٍ مُطرد. والدعامات المستعملة اليوم لأجل ذلك (Stent (Grafts هي عبارة عن “أنابيب قماشية مدعومة بسقالة او عامود فقري سلكي معدني”. يتمّ توجيهها إلى موقع تمدّد الأوعية الدموية ويتمّ فتحها في الجزء المريض من الشريان الأبهر او الأورطي المصاب وتتمدّد لوحدها بقوّة دفع المعدن الموجود في الدعامة وتُشكّل البطانة القماشية حاجزًا يُغلق بفعالية كبيرة المناطق المنتفخة ويمنع مرور الدم اليها ويُؤدي بالتالي الى إنسدادها ومنع وصول الدم اليها. والدعامة تربط الشريان الأورطي مثل الكمّ.
وقد تمّ تعزيز تطوّر هذه التقنيات التدخّلية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في كليفلاند كلينك من قبل الراحل (Roy (Greenberg وهو جراح الأوعية الدموية الذي ساعد في تطوير “الدعامات او الطعوم المُتفرّعة والمنفتحة” في بعض الأماكن الجانبية، لتسهيل مرور الدم الى الشرايين الفرعية التي قد تكون موجودة في منطقة التمدّد مثل شرايين الكلى وغيرها وللمحافظة عليها. ولذلك فقد قادت كليفلاند كلينك العالم في علاج تمدّد الشريان الأبهر الصدري والبطني بإستخدام أجهزة الأوعية الدموية الداخلية وأظهرت نتائج افضل بكثير من الجراحة التقليدية او المفتوحة عند المرضى المعرضين لمخاطر كبيرة.
وتواصل كليفلاند كلينيك مشاركتها في التجارب السريرية المُصمّمة حاليًا لتؤدّي إلى تسويق هذه التكنولوجيا في الولايات المتحدة بعد ان توسّع تسويقها وإستعمالها في خارج الولايات المتحدة. ويشير الدكتور (Svensson) إلى أنه يتمّ حاليًا علاج حوالي 80٪ من حالات تمدد الأبهر في البطن بواسطة هذا النوع من الدعامات وانهم يأملون أن يتمكّنوا في المستقبل من علاج أكبر عدد مُمكن من هذه الحالات باستخدام هذه الطريقة “طفيفة التوغّل”. ذلك لأن توسيع إستعمال هذه التقنيات التدخلية لعلاج هكذا امراض خطيرة يؤدي إلى تغيير المعادلة بشكلٍ كبير، مما يمنح المرضى المُعرّضين للخطر بشكلٍ مُتزايد فرصة لتلقي هذا العلاج المُنقذ للحياة، بما في ذلك في حالات تمدّد الشريان الأبهر في “المنطقة القوسية من الشريان الأبهر” التي تُعتبر حالات صعبة جدًا وخطيرة العلاج.
ويتوقّع اهم الخبراء في علاج هذا النوع من الأمراض زيادة التعاون بين جراحي القلب والأوعية الدموية واطباء القلب التدخليين واطباء الأشعة التدخليين في مقاربة علاج كل هذه الأمراض وفي الإعتماد على الإجراءات الهجينة، حيث يتمّ إجراء عملية جراحية للمنطقة القريبة من الصمام الأبهر من خلال شق مفتوح يقوم به الجراح بينما تخضع الأوعية السفلية في الجسم لإصلاح بواسطة الدعامات الداخلية.
3-علاج مشاكل الفيزيولوجيا الكهربية للقلب وإضطرابات كهرباء القلب (Elctrophysiology and Pacing):
تطوّر علاج اضطرابات نظم القلب في عدة اتجاهات منذ العام 1958 ، عندما صنع (Earl Bakken) أول جهاز لتنظيم ضربات القلب اي جهاز بطارية للقلب (Pace-Maker) في جامعة مينيسوتا في الولايات المتحدة الأميركية.
اليوم ، يُقدّم قسم الفيزيولوجيا الكهربية وزرع البطاريات في كليفلاند كلينك ، برئاسة “طبيب من اصل لبناني” هو الدكتور( Oussama (Wazni، مجموعة مُتنوعّة من الأساليب المُتخصّصة للغاية. وهي تشمل أحدث أجهزة مُقوّم نُظم القلب ومُزيلات الرجفان البطيني (Internal Cardioverter Defibrillator :ICD’s) ، وأجهزة تنظيم ضربات القلب ثنائية البطين (Dual Chamber Pace Makers-)، وأجهزة تنظيم ضربات القلب التي لا تحتاج الى اسلاك معدنية (Leadless or Wireless Pace- Makers)، وأجهزة المراقبة عن بعد المتطورة جدًا، والاختبارات الجينية المطلوبة في بعض امراض كهرباء القلب الخطيرة التي تكون احيانًا وراثية وتستدعي إجراء تحقيق عائلي وراثي دقيق عند الأبناء والأقارب القريبين جدًا لمعرفة ما اذا كانوا يحملون الجينات المسؤولة عن المرض، والإدارة الطبية والمتابعة، واستخراج الأسلاك المزروعة قديمًا والتي تتسبب بإختلاطات جانبية كثيرة واخيرًا رسم الخرائط المُتقدّمه وعلاجات الاجتثاث او الكيّ (Ablation) بواسطة موجات تردّد الراديو (Radiofrequency) والتي تحرق المنطقة التي نريد كيّها بواسطة الحرارة، او عبر تقنيات اخرى تعتمد على إستعمال البرد الشديد.
وبحلول منتصف التسعينيات، كان المرضى الذين يعانون من إضطرابات ضربات القلب قادرين على الإستفادة من ما يقرب من ثلاثة عقود من الإبتكار: من أجهزة تنظيم ضربات القلب التي تعمل ببطارية الليثيوم إلى أجهزة تنظيم ضربات القلب ثنائية الغرف إلى أسلاك التصفية الستيرويدية.
وكانت المُعالجات الدقيقة وتطبيقات الحاسوب الصغير الموجود في البطاريات وتطوير اجهزة الإستشعار المُتعددة النُظم والأساليب تجعل أجهزة تنظيم ضربات القلب تتفاعل مع مستويات نشاط المريض ومستوى قيامه بالجهد لأول مرة. وكل ذلك سمح لتقنيات العلاجات الناظمة لضربات القلب بأن ترتقي بسرعة فائقة إلى مستويات جديدة من الأمان والفعالية والتطوّر والعمل بطريقة قريبة الى “العمل الفيزيولوجي للجسم” إبان ضربات القلب تتأقلم وتزداد مع القيام بأي مجهود وتُؤدّي الى زيادة كميات الدم المطلوب من القلب تأمينها في هذه الحالات.
في ذات الوقت تقريبًا ، أصبح الاستئصال بالترددات الراديوية عبر القسطرة (Radiofrequency) بديلًا فعالًا لعمليات القلب المفتوح لعلاج “الرجفان الأذيني الانتيابي” (Paroxysmal Atrial Fibrillation). ويرجع ذلك التطوّر الكبير كثيرًا إلى التحسينات التي حصلت في طريقة إجراء الإختبارات الفيزيولوجية الكهربية ورسم الخرائط التي كانت تحدث في ذلك الوقت.
واستذكر عالم الفيزيولوجيا الكهربية (Bruce Lindsay)، الذي تقاعد من كليفلاند كلينك منذ فترة طويلة، تلك الحقبة جيدًا :اذ يقول “لم تكن الأيام الأولى للإستئصال او الإجتثاث سهلة لأننا كنا في المُقدّمة.. ولم يكن هناك من يعلمنا. لقد توصّلنا إلى ذلك لوحدنا بناءً على فهمنا لعلم وظائف الأعضاء “.
ويُكمل (Lindsay) : وفي الواقع ، “لم يكن أحد يريد التحدّث عن علاج الرجفان الأذيني قبل إختراع علاج الاستئصال بالترددات الراديوية. ولم يكن هناك الكثير الذي يمكننا القيام به لمساعدة المرضى بصرف النظر عن عمليات القصّ والخياطة التي كان يقوم بها جرّاحوا القلب والمعروفة بعمليات (Maze Precedure) والتي كان يجريها الجراحون خلال العمليات الجراحية القلبية الأخرى او بشكلٍ خاص لعلاج مرض الرجفان الأذيني المتكرر او المُقاوم والذي لم يستطع الأطباء علاجه بواسطة كل الطرق العلاجية او الدوائية الأخرى.
وقد غيّرت عمليات الاجتثاث المشهد بشكلٍ كبير، وهي الآن الموضوع الرئيسي في الجلسات العلمية في معظم المؤتمرات العالمية المُخصّصة لمناقشة علاج هكذا مرض.
و لا تزال العمليات الجراحية(Maze (Procedures المفتوحة الصدر تُجرى بالإشتراك مع جراحات القلب الأخرى أو كعملية مُستقلة في مرضى مختارين كما ذكرنا لكن العلاج بواسطة الإجتثاث اصبح العمل “المرجعي” الأول المُعتمد لعلاج هذا المرض وغيره من امراض كهرباء القلب.
ويشير الدكتور (Svensson) إلى أنه في الثمانينيات من القرن الماضي، أجريت عمليات استئصال التسرّع القلبي البطيني أو الرجفان البطيني (Ventricular tachycardia and or (Fibrillation عن طريق استئصال “النسيج الندبي” أو “تجميد الندبة” التي كانت مسؤولة عن ذلك الخلل الكهربائي الخطير الذي قد يؤدّي الى الوفاة في اغلب الأحيان. ولكن الآن يتمّ علاج هذا المرض الخطير كثيرًا عن طريق زرع مزيلات الرجفان الداخلي في الكثير من الأحيان (Internal Cardioverter Defibrillator :ICD’s)، وأحيانًا عن طريق الإستئصال.
وقد كان الدكتور (Lindsay) من بين أولئك الذين ساعدوا في إثبات جدوى تقويم نظم القلب عبر الوريد وإزالة الرجفان في منتصف الثمانينيات.
ويقول عن تلك الفترة ان المرضى اعتادوا في ذلك الوقت على قضاء أسابيع في المستشفى وكانوا يخضعون لدراسات الفيزيولوجيا الكهربية المُتكرّرة لتحديد الأدوية المُناسبة التي قد تمنع عدم انتظام ضربات القلب البطيني الذي يهدد الحياة. ومع ظهور علاج مقوم نظم القلب ومزيل الرجفان القابل للزراعة، ، قام الأطباء ببساطة بزرع جهاز مُقوّم نظم القلب ومُزيل الرجفان القابل للزراعة واصبحنا نرسل المريض إلى المنزل في غضون أسبوع فقط. وتُعدّ عمليات إستخراج الأسلاك القديمة او المقطوعة، بما في ذلك الاستخراج ، مجالًا آخر ساعدت فيه كليفلاند كلينك في رسم منطقة جديدة لتطوّر هذا الإختصاص منذ تسعينيات القرن الماضي. ويضيف الدكتور (Bruce Wilkoff) العضو المنتدب ومدير أجهزة تنظيم ضربات القلب وتسرع نظم القلب في كليفلاند كلينيك، ان فريقهم يساعد المرضى على التخطيط للعلاج مدى الحياة بإستخدام أجهزة تنظيم ضربات القلب ومزيلات الرجفان مع الأسلاك وانهم يُواصلون العمل على تقليل الحاجة إلى استخراج “الأسلاك المقطوعة” او “غير السليمة” مع تحسين امان وسلامة القيام بذلك إذا لزم الأمر. بينما ساعد أطباء القلب في كليفلاند كلينك في قيادة العديد من التجارب الحديثة للأجهزة “الخالية من الأسلاك”، علمًا ان هذه الأجهزة لا تلبّي احتياجات جميع المرضى بحسب ما اضاف، متوقعًّا أن الحاجة الى زرع الأسلاك سوف تبقى قائمة لفترات طويلة في المرحلة المقبلة.
وفي الوقت ذاته، كان العلاج الجراحي لإضطراب كهرباء ونظم القلب يتقدّم على مسار موازٍ خلال هذه الفترة مع مجموعه آفات وطرق استئصال أفضل.
وقد أدخلت التحسينات على إجراء عملية (Maze) في عام 1992 مما جعلها معيارًا ذهبيًا ومرجعيًا لعلاج مرض الرجفان الأذيني في تلك الفترة.
وقد أجرى كليفلاند كلينك أول عملية جمعت بين إجراء عملية Maze وعملية تحويل زرع جسور ابهرية تاجية لعلاج مشاكل الشرايين التاجية للقلب.
ويقول الدكتور (A.Mark Gillinov)، رئيس قسم جراحة الصدر والقلب والأوعية الدموية، إن جميع المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني الموجود مسبقًا والذين يخضعون لجراحة القلب يجب أن يخضعوا لعملية إستئصال بواسطة عملية (Maze) في نفس الوقت. ويُضيف ان تلك العملية الإضافية لا تزيد من المخاطر الجراحية ولذلك يجب تعميمها. وعملية (Maze) تنجح عند معظم المرضى. وهي تشمل إستئصال أو إستبعاد الزائدة الأذينية اليسرى، والتي تُعدّ المصدر الأساسي للسكتة الدماغية وأحداث الجلطات الدماغية التي تنتج عن تجمّع وتجلّط الدم في داخل هذه الزائدة او في داخل الأذين الأيسر نفسه.
4-التوصيات المشهد في الـ 25 سنة المقبلة؟
ستشهد السنوات الخمس والعشرون القادمة بلا شك وبحسب خبراء كليفلاند كلينيك تطوّرات في “الجراحة الروبوتية”، ولكنها مُكلفة جدًا وليست في متناول جميع المراكز والدول وتستغرق وقت طويل، الجراحة خارج المضخّة (Off-Pump Surgery)، اجيال جديدة اكثر تطوَرًا من الدعامات التي تُستعمل لعلاج الشرايين التاجية للقلب بما فيها “دعامات بيولوجية” من الجيل الجديد التي لا تتسبّب بالمشاكل السابقة التي ذكرناها، دعامات جديدة لعلاج انسداد شرايين الاطراف والتحسين المُستمرّ في علاجات مرض ارتفاع الدهنيات في الدمّ.
وتُحدّد الرؤى المُنبثقة من مختبرات كليفلاند كلينك دور بعض “ميكروبيوم” (ميكروبات) الأمعاء في تطوير بعض الأشكال المختلفة من أمراض القلب ويجب اذًا سبر آفاق هذه العلاقة وتحديد الطُرق والوسائط الفيزيوباتولوجية التي تمرّ بها. وسيتمكّن الجراحون وأطباء القلب التدخليين من علاج المرضى الأكبر سنًّا والأكثر مرضًا من أي وقت مضى، بإستخدام التقنيات المُعزّزة بالبيانات الضخمة والتعلّم العميق وتقنيات الذكاء الاصطناعي. وسيتمّ دمج “التصوير المقطعي المُحوْسب للقلب” و”التصوير بالرنين المغناطيسي” مع “الواقع الإفتراضي” لإنشاء بيئات تصوير فريدة ثلاثية الأبعاد لتسهيل إجراء كل انواع العمليات خاصةً تلك التي تعتمد على الطرق التدخلية.
و يُنهي الدكتور (Svensson) حديثه بالقول: “نحن فخورون بكوننا رقم 1 ، لكننا غير راضين أبدًا. هدفنا هو التحسين المُستمرّ للجودة والسلامة والنتائج. نحن ممتنّون لدعم زملائنا في جميع أنحاء العالم، ويشرّفنا أن نلعب دورًا رياديًا في هذا الجهد الدولي الكبير لعلاج أمراض القلب والشرايين ومنح الجميع أفضل فرصة في حياة طويلة ومُنتجة وسعيدة وصحية. وسيبقى شعارنا هو إبتكار التغيير وتحسين الممارسة وضمان نتائج عالية الجودة لا يمكن المساس بها وقيّمة لمرضانا.
لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة:
- واقع الجراحات القلبية في لبنان والعالم في العام 2022 (1)
- واقع الجراحات القلبية في لبنان والعالم في العام 2022 (2)
- واقع الجراحات القلبية في لبنان والعالم في العام 2022 (3)
- واقع الجراحات القلبية(4) :جراحة الشرايين التاجية للقلب هي الأكثر رواجًا وأهميةً!
- واقع الجراحات القلبية (5) : التجربة الفرنسية بين الواقع الحالي والمستقبل!؟
- واقع الجراحات القلبية (6) : التجربة الفرنسية بين الواقع الحالي والمستقبل!؟
- واقع الجراحات القلبية (7) : قصة طبيب القلب الفرنسي الذي أنقذ حياة مليون ونصف شخص!؟
- واقع جراحات القلب(8) : آلان كريبيه الطبيب الذي أنقذ حياة مليون ونصف شخص!؟
- واقع جراحات القلب (9) مقاربة لما يحصل في الولايات المتحدة الأميركية من خلال متابعة تجربة كليفلاند كلينك