اجتهاداتطاقة و بيئة

التخفيف من مشاكل الكهرباء في لبنان عن طريق استيراد الغاز الطبيعي المسال وطرح مشاريع ملائمة.

عبود

أنهت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية مؤخراً مناقصة دولية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG) عبر محطات الاستيراد العائمة. وستقوم هذه المحطات بتزويد معامل الكهرباء الحالية والمستقبلية لتتمكن من استخدام الغاز الطبيعي بدلاً من الفيول أويل الأكثر كلفة.

وستساهم هذه الخطوة في الحد من عجز شركة كهرباء لبنان(EDL) وتلوث البيئة إذ يُعتبر الغاز مصدر طاقة نظيف.

لقد اختارت وزارة الطاقة والمياه ثلاثة مواقع لإنشاء محطات استيراد الغاز المسال، وهي تحديداً البداوي والزهراني وسلعاتا. وتستطيع محطات البداوي والزهراني المباشرة في تغذية معامل الكهرباء الحالية في المنطقتين، في حين أنه من المخطط أن تخدم محطة استيراد سلعاتا معمل توليد الكهرباء الذي سيتم إنشاؤه خلال السنوات القادمة على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاص (IPP). ومن المزمع أن يتمّ إنشاء محطة توليد طاقة ثانية على أساسIPP أيضًا في الزهراني. وستتراوح قدرة توليد الطاقة لكل من المعملين الجديدين بين 500 و600 ميجاوات.

ويتطلّب استيراد LNG محطات تتكوّن من مرافق الاستقبال والتخزين وإعادة التغويز؛ ويمكن إنشاؤها إما على اليابسة (الأرض) وإمّا في البحر كوحدات تخزين وإعادة تغويز عائمة(FSRU). وتجدر الإشارة إلى أنَّ المحطّات العائمة توفّر على نحوٍ واسع في تكاليف الإنتاج، وقد ارتفع بشكلٍ كبيرٍ عدد محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال العائمة في العالم، ومن بينها في الأردن ومصر ولبنان.

وتتميز FSRU بمرونتها، فتوضع بالخدمة ويباشر العمل بها على الفور ويمكن نقلها إذا لم يعد هناك حاجة إليها. وقد أصبحت أكثر قبولا من المحطات الأرضية لأن تكلفة بنائها أقلّ ويمكن استئجارها بدل شراءها، ما يساعد على تخفيض النفقات الأولية للمشاريع.

ومع ذلك، تتطلب مشاريع FSRU  بنية تحتية لكي تعمل، مثل خطوط الأنابيب والأرصفة البحرية وكاسر موج لحماية ناقلات الغاز المسال أثناء التفريغ. وتتطلّب هذه البنية التحتية رؤوس أموال ضخمة وتحتاج إلى استثمارات كبيرة، فترتبط هذه الاستثمارات بمخاطر سياسية ومالية واقتصادية عالية.

مشاريع LNG-to-power: حالة سلعاتا

إن مشاريع LNG-to-power ، حيث يستورد الغاز الطبيعي المسالLNG  ويستعمل لتوليد الكهرباء، تثير اهتمامًا كبيرًا في العديد من البلدان حول العالم. فتتمتع مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص(IPP)   بتاريخ طويل في جذب رؤوس الأموال من خلال استخدام أسس تمويل المشاريع. ويعني ذلك أن اتفاقية الشراء تمتد على فترات طويلة تضمنها الحكومة (يمكن أن تمتد اتفاقيات شراء الطاقة إلى أكثر من 20 عامًا) مما يسمح بخدمة ديون طويلة الأمد. ويمكن تطبيق نهج LNG-to-power بشكل جيد في حالة سلعاتا (وعلى الأرجح في حالة محطة توليد الزهراني الجديدة).

وبما أن محطة توليد الكهرباء في سلعاتا ستُبنى على أساسIPP، وبما أنه سيتم تغذيتها بالغاز لأسباب اقتصادية وبيئية، فسيكون من الأفضل الجمع بين مشروع استيراد LNG  ومشروعIPP  لسلعاتا.

وبدلاً من إقامة مشروعين، أحدهما لاستيراد LNG  والآخر لتوليد الطاقة، يمكن للحكومة اللبنانية أن تدمجهما في مشروع واحد، وسيتم مناقشة مزاياه المتعدّدة أدناه.

فبالنسبة إلى معمل توليد الطاقة الكهربائية في سلعاتا، تقضي الخطة حالياً إلى فصل إمدادات LNG عن توليد الطاقة، ما قد يخلق حاجزاً رئيسياً يكمن في خطر تداخل المشروعين بعضهما ببعض. فإذا تأخّر تمويل LNG أو FSRU  لن يتمكن عندها معمل توليد الطاقة الكهربائية من العمل. وإن جهز FSRU  لكن مشروع توليد الطاقة تأخر، فلن نستطيع استخدام FSRU ، فمن المستحسن منح كلي المشروعين إلى شركة واحدة تتحمل مسؤوليته وتطبّق المشروع بأكمله.

ولأن شركة واحدة ستقوم  بأنشطة البناء وإمدادات الغاز كما تشغيل وجدولة الأنشطة، ستتحسن بذلك الكفاءة التشغيلية. إضافة إلى ذلك، يمكن تجنب المشاكل التي تنتج عن وجود شركتين منفصلتين، وسيمتاز التنسيق بين المشروعين بسلاسة أكبر. وقد يكون مالك هذاالمشروع إمّا شركة واحدة وإمّا إتحاد شركات، وهو يستطيع وحده تطوير معمل توليد الطاقة وتوفير الغاز والحصول على التمويل.

تتطلب محطات توليد الطاقة رؤوس أموال ضخمة واستثمارات طويلة الأجل، وسيحتاج المستثمرون في سوقIPP إلى إيرادات ثابتة من متعهد شراء للطاقة جدير بالثقة (العميل) بموجب اتفاقية شراء (Power Purchase Agreement)، وإمدادات غاز موثوق بها.

ومن خلال منح الإمداد بالغاز وIPP إلى شركة واحدة ستتمكن الدولة اللبنانية من تقليل مخاطر المشروع وتكاليف التمويل للمستثمرين. وبالتالي، في الحالة التي يكون فيها المستورد الخاص للـLNG شركة أجنبية تتمتع بضمان الشركة الأم وتصنيف ائتماني مرتفع، تستطيع هذه الشركة اقتراض الأموال من الاسواق الدولية بمعدل فائدة أقل بكثير من الحكومة اللبنانية أو الحصول على تسهيلات ائتمانية أفضل من الشركة المنتجة للـLNG .

ويتمثل دور تمويل المشروع من قبل مستثمر أجنبي من الاقتراض باسمه الخاص للحصول على شروط أكثر ملاءمة من التي تحصل عليها الحكومة، مما يقلل من الأثر الاقتصادي للتصنيف الائتماني للبنان.

أما في حالة الفصل بين المشروعين كما هو مطروح الان فيزيد عدد أصحاب المصلحة، وهو ما يعني ضرورة تكريس جهود أكبر لضمان توافق المصالح والتوقعات، ما قد يؤدي إلى تعقيدات وتأخيرات وتجاوز مدة التنفيذ والتكاليف.

العناصر الأخرى التي سيتم تجنب التفاوض عليها مرتين من خلال وجود شركة واحدة وهي أمورٌ شائعة في أي اتفاق توريد للغاز: التزام التسليم، نقطة التسليم والضغط، جودة الغاز، حلّ النزاعات والتعويضات…

يوضح الشكل أدناه الموقع الجغرافي للمواقع الثلاثة لمحطات استيرادLNG  ومحطات توليد الكهرباء وأنابيب الغاز الطبيعي.

عبود زهر أخصائي في شؤون النفط والغاز

عبود زهر احد ابرز المهندسين العاملين في مجال النفط والغاز. يدير فرع شركة ( دي اي بي) في قبرص، والمتخصصة في خدمات النفط والغاز، وهي شركة هندسية لبنانية لديها العديد من المشاريع في مجال الانشاءات المدنية في لبنان ودول الخليج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى