الاحدثفلسطين

المنطقة بعد حرب غزة.. هل ينجح مشروع الدولتين؟ | بقلم قاسم قصير

تشهد بيروت وعدد من العواصم العربية والغربية ورشات حوارية وفكرية وكلها تدور حول نتائج معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة والاحتمالات المستقبلية للصراع العربي-الاسرائيلي ومشروع حل الدولتين ودور مختلف القوى الإقليمية والدولية في هذا الصراع وكذلك دور قوى المقاومة وخصوصًا حركة حماس وحزب الله .

 

وقد شهدت بيروت مؤخرًا ورشة مهمة بدعوة من جامعة المقاصد ومن مركز الدراسات العربية والشرق أوسطية في الجامعة الأميركية وحضر الورشة شخصيات فكرية وأكاديمية وإعلامية وسياسية وحقوقية وتركزت النقاشات حول التطورات الحاصلة في فلسطين والمنطقة والعالم بعد معركة طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما يجري من تطورات على الحدود اللبنانية والعوامل التي تساهم في رسم المسارات المستقبلية لهذه المنطقة.

 

وأشار المشاركون إلى أهمية المقاومة البطولية للشعب الفلسطيني والذي أدى إلى فرز واقع جديد يتمثل أولا في انهيار أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر وتلاشي مقولة أن الشعب اليهودي يحتاج إلى دولة إسرائيل ذات سلوك استعماري إحتلالي وأبرتايدي كي يعيش فيها بسلام واطمئنان.

وكشفت النقاشات إلى أنه يومًا بعد يوم لم تعد إسرائيل ملاذا آمنا له بل تحولت إلى خطر على الانسانية بسبب القوة الهمجية المفرطة التي يمارسها الجيش الصهيوني على الفلسطينيين بشكل عام وعلى أهل غزة. لقد أدى ذلك الى انقسام في المجتمعات الدولية بين متعاطف مع إسرائيل وآخرين مع القضية الفلسطينية مما وضع هذه القضية على الطاولة السياسية الدولية من جديد. وهذا تحول جذري وشديد الأهمية لتحديد المسارات المستقبلية.

 

وتناولت النقاشات الواقع على أرض المعركة بعد السابع من تشرين الاول الى اليوم ودور المقاومة في وضع القضية الفلسطينية في الواجهة اليوم وكيفية مواجهة همجية الاحتلال الصهيوني والتعرف على حقيقة ما يجري على أرض المعركة وما يحققه المقاومون من إنجازات والسرديات المتضاربة: المعلومات، الدعاية، الأساطير والتاريخ ودور الإعلام الغربي في نشر الأخبار المزيفة وسياسات الكبت في المؤسسات التعليمية ووسائط الإعلام والمجال العام وجرى التركيز على كيفية تفكيك السرد المتحيز وتحليل كيف يؤثر هذا السرد على الفهم الشامل للأحداث التاريخية.

كما جرت مناقشة الأخلاق في قلب النزاعات وما يجري على صعيد القانون الدولي، والمحاكم الدولية واجب الإنسانية في مواجهة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والأعمال الإرهابية في سياق الحرب على غزة كما جرى البحث في دور العالم العربي ومحتلف الأطراف الدولية والإقليمية وكيفية مواجهة مختلف التحديات والاستفادة من دور مواقع التواصل الاجتماعي .

كما جرى البحث في موازين القوى وشروط السلام العادل وكيفية إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وآفاق المستقبل، وجرى التساؤل حول ما إذا كان السلام ممكنًا في الشرق الأوسط وتحت أي ظروف يمكن أن يكون ذلك.

والنقطة الأهم في النقاشات الجارية في هذه الورش الفكرية والحوارية تتعلق بالحلول الممكنة والمقترحة فيما بعد الحرب على غزة ومن جملة الحلول حل الدولتين ومدى إمكانية تطبيق هذا الحل وما هي المضامين والخطوات التي يمكن اعتمادها من أجل الوصول إلى ذلك وهل الوقائع السياسية والديمغرافية اليوم في فلسطين تساعد على هذا الحل، وبالمقابل ماذا عن حل الدولة الواحدة وأية شروط مطلوبة للوصول إليه، وما هو دور الدبلوماسية العامة في تشكيل رأي عام غربي مؤيد للقضية الفلسطينية وكيفية التوفيق بين دور المقاومة والدور الدبلوماسي خلال الحرب.

 

وخلال المناقشات في هذه الورش الحوارية والفكرية تم التاكيد على أهمية تشجيع النقاشات النقدية والاقتراحات العملية لما يجري في فلسطين والمنطقة والعالم وأهمية الجمع بين التحليل العميق للسرد الصراعي مع استكشاف الطرق الأخلاقية والدبلوماسية والعملية نحو السلام. كما تم التأكيد على أهمية المساهمة في كيفية وقف الاعتداءات على غزة وتحقيق استقرار دائم في المنطقة مبني على الحق والعدالة.

 

هذه الورش الفكرية تشكّل نموذجًا مهمًا لما يجري من نقاشات حوارية وفكرية في البيئة العربية اليوم ولا سيما بعد معركة طوفان الأقصى والحرب على غزة والتطورات الجارية في فلسطين ولبنان ودول المنطقة وعلى الصعيد العالمي، وكل ذلك يؤكد أهمية الإستفادة من هذا الزخم النضالي والفكري والشعبي والإعلامي للبحث عن أفكار جديدة للوصول الى حلول للقضية الفلسطينية ومواجهة العدو الصهيوني والاستفادة من كل نتائج هذه المعركة الهامة وبانتظار وضوح الصورة عسكريًا وميدانيًا وسياسيًا ودبلوماسيًا، ومن المهم وضع حصيلة هذه النقاشات بين أيدي أصحاب القرار سواء من قيادات المقاومة أو القيادات السياسية والمسؤولين المعنيين في مختلف المؤسسات العربية الرسمية أو مؤسسات المجتمع المدني.

قاسم قصير | كاتب سياسي متخصص في الحركات الإسلامية

قاسم قصير، كاتب سياسي متخصص في الحركات الإسلامية، حاصل على ماجيستير من كلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف حول خطاب حزب الله بين الثابت والمتغير. مرشح لنيل شهادة الدكتوراه حول العنف الديني التكفيري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى