الاحدثفلسطين

الولايات المتحدة وإسرائيل : التقاء في الأهداف وإختلاف في الأسلوب ؟؟ | كتب د. ناجي صفا

ينبغي الإشارة بداية الى استمرار الإحتضان الأميركي لإسرائيل وان تباينت الرؤى حول شكل ادارة المعركة، اي انه تباين في الاسلوب وليس في الأهداف.

نتنياهو يريدها حربًا مفتوحة بلا سقوف زمنية، في حين ترى الولايات المتحدة انه ينبغي ان يكون سقفا زمنيا لهذه الحرب، وقد حاولت الولايات المتحدة وضع سقف زمني للحرب هو رأس السنة الحالية لكن نتنياهو لن يلتزم به، هو يعتبر ان السقف الزمني الذي يلزمه بوقف الحرب هو تحقيق الاهداف التي أعلنها.

لا اختلاف من حيث الجوهر بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، سواء هزيمة حماس، أو النظرة الجيوسياسية والإستراتيجية للمنطقة، باعتبار ان عملية التخادم المتبادل بينهما ستبقى قائمة على قاعدة المصالح، فهي التي تحكم العلاقة وستبقى، لذلك رأينا انه برغم بعض الإختلافات بين بايدن ونتنياهو الا ان صفقات السلاح بكافة انواعه بقيت مستمرة ولم تتوقف، وقد بلغت بحسب المعلومات ٢٣٠ طائرة عسكرية محملة بالسلاح واكثر من ٢٠ سفينة نقل، وفرت لإسرائيل كل ما تحتاجه من ذخائر وانواع الصواريخ.

الولايات المتحدة تريد التقليل من الخسائر المدنية بعد ان ضج المجتمع الأميركي والعالم بحجم المجازر وثقلها، وبدأت تلقي بثقلها على المعركة الرئاسية لبايدن، لكن حسابات نتنياهو تختلف في هذا المضمار الذي لا يعيره اهمية وهو يفضل عودة الجمهوريين على بقاء الديمقراطيين، لا سيما بعد ارتفاع منسوب اليسار في الحزب الديمقراطي وهو الذي يعارض اسرائيل.

يعتبر نتنياهو ان مصيره ومستقبله السياسي معلقان على نتائج هذه الحرب وليس على الإنتخابات الأميركية.
ومع ان نتنياهو بدأ الآن يهرب من حجم الخسائر البشرية والآليات من خلال اعادة الإنتشار، بعد العجز عن التركز وتثبيت الإحتلال، الا انه بدأ اللجوء الى الضربات الموجعة انسانيا لرفع عدد الضحايا كإحدى وسائل الضغط، من دون ان يسقط الأبعاد الاخرى المتعلقة بالدور الوظيفي للكيان في المنطقة، من هنا جاء اغتيال العميد الإيراني رضي الموسوي ليقول للأميركي انني ما زلت اخدم استراتيجيتك، واوجه الضربات لسوريا وايران.

يتحدث نتنياهو الآن عن الجبهات السبع، هي محاولة للهروب من حصر المعركة بغزة، واعطاء المعركة ابعادا استراتيجية من خلال توسيعها لتشمل لبنان، تحت عنوان تطبيق القرار ١٧٠١، لتوفير فرصة عودة المستوطنين الى الشريط الحدودي مع لبنان، وهو من جهة اخرى يتطلع الى توسيع مدى المعركة مع سوريا المنهكة، لتنفيذ الأهداف التي عمل عليها منذ بداية الحرب على سوريا، أي قطع طريق التواصل مع ايران. وربما يحاول نقل المعركة الى الداخل الإيراني من خلال الإغتيالات وبعض العمليات ردا على الخلايا التي يتم تشكيلها وتسليحها في الضفة، ويحرض الأميركي على الإشتباك مع الحوثيين في اليمن ليضمن شمولية المعركة التي توفر له مساحة للعمل في المنطقة، هذا من جهة، ومن جهة اخرى فرصة الأستفراد بغزة ورفع الكلفة البشرية كأحد ادوات الضغط على المقاومة.

الولايات المتحدة ما زالت تحاذر توسيع نطاق المعركة، كذلك ايران، اذ لا مصلحة لكليهما في توسيع الحرب وتحويلها الى حرب اقليمية، نظرا للكلفة الباهظة على الجميع، وهذا عكس ما يتمناه نتنياهو ويعمل عليه.
لا شك ان آفاق توسع المعركة تتسع كل يوم، وقد يكون ذلك مرتبطا بطبيعة وشكل الرد الإيراني على اغتيال العميد رضي الموسوي، وبطبيعة التعاطي الإسرائيلي مع الرد الإيراني الذي يمكن ان يعتبره فرصة لتوسيع الصراع وتنفيذ خطته.

لا شك ان اتساع المعركة يفيد نتنياهو وهو هواه ومبتغاه، فهي تحرره من المخاوف التي تراوده بالسقوط اذا ما بقيت المعركة محصورة بغزة بينه وبين حماس، وتحرره من الضغط الشعبي لإسترجاع الأسرى، فعندما تتحول الحرب الى حرب اقليمية تسقط عملية الأسرى من الاولويات،، لا سيما ان التسويات التي تجري المفاوضات حولها في مصر فشلت حتى الآن، فهي لا تحقق اهداف نتنياهو من جهة، وتظهر ان المقاومة قد حققت اهدافها وشروطها لوقف العدوان دون ان تسمح له بتحقيق اهدافه من جهة اخرى.

حزب الله لا يمكنه ان يوافق على الصيغة المطروحة لتطبيق القرار ١٧٠١ بحسب الرغبة الإسرائيلية – الأميركية والفرنسية، فهو سيجد نفسه مضطرا للرد على التصعيد الإسرائيلي بقتل المدنيين من جهة، والرد على توسعة مديات القصف من جهة اخرى، وهذا يضعه امام احتمال رفع وتيرة الحرب، وهذا ما يحبذه نتنياهو ويسعى اليه، توسيع الحرب واجبار الأميركي على الإنخراط فيها.

اسرائيل كانت وما زالت وستبقى بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية رأس الحربة وحاملة الطائرات التي لا يمكن الإستغناء عنها في المنطقة، وهي وان تباينت الرؤى مع نتنياهو فلن يتغير موقفها من اسرائيل،، فالولايات المتحدة قد تختلف مع نتنياهو، ومع رؤاه الخاصة، بسبب إعتبارات المصالح في المنطقة، الا انها حكما هي مع اسرائيل الدولة العميقة التي ستهرع لإنقاذها كلما وقعت في مأزق.

الدكتور ناجي صفا، كاتب سياسي لبناني

الدكتور ناجي صفا، كاتب سياسي لبناني وله العديد من الآراء الجريئة في الموضوعات الاقتصادية السياسية خاصة حول الأزمة اللبنانية والبراهين الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى