الاحدثدولي

الاتفاق النووي الإيراني: بوابة سلام اليمن ومفتاح التقارب الإقليمي؟ | بقلم أدهم جابر

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

لم يعد خافياً أن الاتفاق النووي الإيراني قد يشكل اللبنة التي يمكن البناء عليها لإقامة علاقات إقليمية جديدة تمتد من اليمن إلى دمشق. ذلك أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى، أن سياسات “السلف” (الرئيس دونالد ترامب) وانسحابه من الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع القوى العالمية في 2015، والعقوبات التي فرضها على طهران، كان لها الفضل في التأثير سلباً على مختلف ملفات المنطقة والتي تعد إيران طرفاً فيها، خصوصاً لجهة ما يتعلق بالأزمتين اليمنية والسورية.

أخيراً، عبّر عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية كونتيكت كريس مورفي، عما تعتقده إدارة بايدن في خصوص اليمن تحديداً، إذا أشار إلى “أن العقوبات الأميركية على إيران ستجعل من الصعب الحصول على وقف إطلاق النار في اليمن من قبل ميليشيات الحوثي، المدعومة من طهران”.

في مقابلة خاصة مع وكالة “اسوشيتد برس” قال مورفي بوضوح: “طالما أننا ما زلنا نفرض عقوبات على إيران… فسيكون من الصعب دفع الحوثيين إلى وقف إطلاق النار”.

وهكذا بالنسبة إلى الاميركيين، فإن الاتفاق النووي للعام 2015، ليس اتفاقاً من شأنه أن يحل أزمة برنامج طهران النووي فقط، بل هو، وبحسب مورفي نفسه، “مهم للغاية” وقد يكون حاسماً بالنسبة إلى “السلام” في اليمن. “فمن دون الاتفاق، سيرى الإيرانيون في اليمن فرصة لإيذاء الولايات المتحدة وحلفائنا”.

وهنا، فإن كلام مورفي ليس عابراً، فما قاله جاء بعد جولة قادته إلى سلطنة عمان وقطر والأردن لمناقشة الحلول السياسية للحرب في اليمن. وقد نسب بعدها الفضل في التطورات السياسية الأخيرة كمبادرة السعودية لوقف النار في اليمن، والمحادثات السرية بين طهران والرياض، لإدارة بايدن.

لكن في مقابل، هذه السياسات الجديدة للإدارة الأميركية، فإن الأخيرة قد لا تكون في وارد إغضاب حلفائها في المنطقة إن هي أقدمت على خطوة متسرعة لجهة القبول بالعودة إلى الاتفاق النووي من دون سقف محدد من الشروط يضمن رضا الحلفاء ويقلل من “هواجسهم”.

وفي هذا السياق، تأتي زيارات كبار المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة، إذ ذكرت “نيوزويك” أن عدداً من هؤلاء جاب المنطقة يوم الاثنين في “محاولة لتهدئة القلق لدى الشركاء الخليجيين”، وقد سمع هؤلاء من المسؤولين في البلدان التي قاموا بزيارتها كلاماً واضحاً بأن أي عودة للاتفاق المذكور يجب أن تتناول برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وهو ما كانت شددت عليه كل من السعودية والامارات اللتين لا تريا حلاً لملف طهران، إلا بالحصول على “ضمانات” من شأنها أن تضع حداً للتهديد الإيراني الصاروخي. لكن ذلك، قد لا يعني بالضرورة أن هؤلاء “الشركاء” لن يقبلوا بأي تسوية لمجرد الرفض، بل أن الأمور قد تكون متعلقة بمجموعة من الملفات التي قد تؤمن تسويتها مكسباً لهم بطريقة أو بأخرى.

مما لا شك فيه أن إدارة بايدن لديها حساباتها الخاصة لجهة العودة الى الاتفاق النووي الإيراني، خصوصاً أن الكثير من مسؤولي الإدارة الجديدة لديهم اقتناع راسخ بأن منع إيران من تطوير سلاح نووي غير ممكن من دون اتفاق، وأن مبدأ العقوبات قد يكون سبباً في سعي طهران لامتلاك ذلك السلاح، وبالتالي فإن الولايات المتحدة قد تذهب بعيداً في محادثات فيينا، بغض النظر عن اعتراضات الحلفاء، لكنها في الوقت نفسه، ستحاول انتزاع الكثير من الأوراق من يد طهران في ملفات أخرى أهمها اليمن وسوريا، والتي قد تجد فيها فرصة لتسوية الأزمتين بطريقة تلبي رغبة حلفائها، وربما ذلك ما يفسر التقارب الذي جرى الحديث عنه أخيراً بين طهران والرياض والمحادثات السرية بينهما، وأيضاً التقارب السعودي السوري وقبله الاماراتي السوري، بما يوحي بأن هناك اتجاهاً لدى مختلف الأطراف للدخول في مرحلة جديدة من العلاقات الهدف منها نزع فتيل التوترات بين “الخصوم”، والذي ينتهي في الخلاصة إلى تحقيق رغبة إدارة بايدن وسياسته الخارجية الجديدة تجاه المنطقة.

ادهم جابر، كاتب وصحافي لبناني

ادهم جابر صحافي وكاتب لبناني عمل في مؤسسات اعلامية عدة منذ العام 2001, متخصص في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية ويتابع دراسة الماجيستير في كلية الاعلام-الجامعة اللبنانية. كتب العديد من المقالات والتحقيقات في صحف: الوطن القطرية والسفير والاتحاد اللبنانيتين, اضافة الى تحقيقات نشرت في مؤسسات اعلامية بينها وكالة أنباء الاناضول وشبكة "ارم نيوز" مقرها الامارات. وايضا هو كاتب محتوى تعامل مع عدد من الجهات في لبنان ودول الخليج العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى